ارتفعت إلى 32 قتيلا و110 جرحى حصيلة تفجيرين انتحاريين صباح اليوم الخميس في سوق شعبي مكتظ في ساحة الطيران (وسط بغداد)، في هجوم أوقع أكبر عدد من الضحايا في العاصمة العراقية منذ 3 سنوات، وبينما وجه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي بإجراء تغييرات في مفاصل الأجهزة الأمنية والاستخبارية قوبل الهجوم بإدانات محلية ودولية.
وقال وزير الصحة العراقي حسن التميمي إن معظم الجرحى غادروا المستشفيات. وكانت حصيلة سابقة أشارت إلى وقوع 28 قتيلا على الأقل.
وشيع مئات العراقيين عددا من قتلى التفجير المزدوج، في حين قال المدير العام للدفاع المدني في العراق كاظم سلمان إن إحصاء الضحايا ما زال مستمرا، واتهم تنظيم الدولة الإسلامية بالوقوف وراء الهجمات.
وأوضح بيان لوزارة الداخلية العراقية أن الانتحاري الأول فجر نفسه في سوق "البالة" (الذي تباع فيه ملابس مستعملة) "بعد أن ادعى أنه مريض فتجمع الناس حوله".
وأضاف أن الانتحاري الثاني فجر نفسه "بعد تجمع الناس لنقل الضحايا الذين أصيبوا في التفجير الأول".
التفجير المزدوج استهدف سوقا شعبيا مكتظا في ساحة الطيران القريبة من ساحة التحرير وسط بغداد (رويترز)
وسمع دوي التفجيرين في كل أنحاء العاصمة، وانتشر جنود في الساحة بكثافة، وأغلقوا الطرق المؤدية إلى المكان، وكان عدد منهم يساعدون فرق الإسعاف على انتشال المصابين.
وقال مراسل الجزيرة إن القوات الأمنية عززت انتشارها في محيط المنطقة الخضراء -التي تضم مقرات الحكومة والبرلمان وسفارات عدد من الدول- تحسبا لأي طارئ.
ولم تتبن أي جهة الهجوم حتى الآن.
التفجيران أوقعا أكبر عدد من الضحايا في بغداد منذ 3 سنوات (رويترز)
وتقع ساحة الطيران بالقرب من ساحة التحرير مقر الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها بغداد خلال العام الماضي.
ويعد وقوع مثل هذا الهجوم الدموي أمرا نادرا في العاصمة العراقية التي لم تشهد تفجيرات مماثلة تقريبا منذ هزيمة تنظيم الدولة في العراق عام 2017.
وكان تفجير انتحاري وقع في المكان نفسه -الذي يعج غالبا بالمارة في ساحة الطيران- وأوقع 31 قتيلا قبل 3 سنوات.
وبث نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الصور الأولى عقب التفجيرين.
وأظهرت اللقطات المتداولة جثث بعض القتلى، إلى جانب عدد من المصابين، كما أوضحت الصور حالة الفزع الكبير جراء الانفجارين اللذين وقعا في المكان.
تغييرات أمنية وإدانات واسعة
وأمر رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي عقب اجتماع طارئ مع قادة الأجهزة الأمنية، بوضع كل الإمكانات الأمنية والاستخبارية في حالة استنفار قصوى للقصاص من المسؤولين عن الهجوم.
وأوعز الكاظمي بفتح تحقيق فوري للوقوف على أسباب حدوث الخرق الأمني وملاحقة من وصفها بالخلايا الإرهابية التي سهلت مرورهم وارتكابهم جريمتهم النكراء، على حد وصفه.
وقال مصدر حكومي لوكالة الأنباء العراقية (واع) إن "مصطفى الكاظمي القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء أمر بإجراء تغييرات في مفاصل الأجهزة الأمنية والاستخبارية المسؤولة"، مشيرا إلى "أهمية إجراء التغييرات بعيدا عن الضغوط والتأثيرات في العمل الأمني ورفض أي تدخل بالمطلق".
من جهته، أدان الرئيس العراقي برهم صالح التفجيرين، وقال في تغريدة عبر تويتر "نقف بحزم ضد المحاولات المارقة لزعزعة استقرار بلدنا".
وأضاف صالح أن "التفجيرين الإرهابيين ضد المواطنين في بغداد في هذا الوقت يؤكدان سعي الجماعات الظلامية لاستهداف الاستحقاقات الوطنية الكبيرة".
بدوره ، حذر رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي من مخاطر تجدد التفجيرات التي تطال المدنيين في البلاد.
وقال الحلبوسي في تغريدة على حسابه بموقع تويتر إن "ما جرى في بغداد اليوم يشير إلى حالة خطرة، إذ يحاول الإرهاب الأعمى زعزعة الاستقرار واستهداف الأمن المجتمعي".
وكذلك أدان مكتب المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني التفجير المزدوج، داعيا الأجهزة الأمنية إلى بذل مزيد من الجهود لحفظ الأمن.
من جهته، ندد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بالتفجير، وقال "لن نسمح بعودة الإرهاب والتفجير والمفخخات والأحزمة الناسفة".
أما ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، فقال إن التفجير يستدعي أن ترفع الحكومة حالة التأهب الأمني في البلاد.
من جهة أخرى، قال رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض في بيان إن قواته "لن تسمح للإرهاب باستباحة المدن العراقية مرة أخرى".
وقالت كتائب حزب الله العراقي إن توقيت حدوث التفجير تزامنا مع تولي الإدارة الأميركية الجديدة عملها، يؤكد أن "محور الشر" ما زال يعمل على "تركيع الشعب العراقي الذي يصر على إخراج القوات الأميركية من البلاد"، وفقا لما جاء في بيان للكتائب.
قوات الأمن عززت انتشارها عقب التفجير المزدوج (رويترز)
وعربيا، أدانت مصر الهجومين، وأكدت -في بيان صحفي أصدره مكتب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية- وقوفها إلى جانب العراق الشقيق في مساعيه الرامية إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار ومجابهة كافة صور الإرهاب والتطرف.
من جانبه، أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس التفجيرين، مقدما تعازيه لأسر الضحايا وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (وفا).
وأضاف عباس "نتضامن مع العراق رئيسا وحكومة وشعبا جراء العمل الإرهابي البشع الذي استهدف الأبرياء العزل".
بدورها، أدانت الخارجية الأردنية بشدة التفجيرين، مؤكدة الوقوف إلى جانب العراق في وجه كل ما يهدد أمنه.
كما استنكرت الخارجية القطرية بشدة التفجيرين بالعاصمة بغداد، مجددة موقف الدوحة الثابت من رفض العنف والإرهاب مهما كانت الدوافع والأسباب.
وقدمت الوزارة في بيان التعازي لذوي الضحايا ولحكومة وشعب العراق، وتمنياتها للجرحى بالشفاء العاجل.
من جانبه، أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف الحجرف في بيان عن خالص تعازيه ومواساته لأهالي الضحايا، وتمنياته للمصابين بالشفاء العاجل.
وأكد الحجرف على "تضامن مجلس التعاون مع العراق في محاربة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في أراضيها".
وعلى الصعيد ذاته، أكد الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور علي محيي الدين القره داغي أن ما حدث في العراق "عمل إجرامي وجبان ومحرم شرعا ومن الكبائر الموبقات".
وندد القره داغي بـ"استهداف الأبرياء الآمنين"، مشددا على "عدم جواز التعرض للدماء البشرية بلا أي وجه حق من الأوجه التي أقرتها الشرائع السماوية والقوانين الدولية".
وأضاف أن "مثل هذه الأفعال الإجرامية لا تخدم سوى المتربصين بالإسلام والمسلمين".
وعلى الساحة الدولية، أدان حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) تفجيري بغداد، وأكد التزامه بدعم العراق في محاربة الإرهاب.
من جانبه، أكد التحالف الدولي مواصلة دعمه للحكومة العراقية، معربا عن تعازيه لأهالي الضحايا.
وفي طهران، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن تفجيري بغداد يهدفان إلى استدراج الرئيس الأميركي الجديد إلى فخ المواجهات في المنطقة، وهذا ما تريده إسرائيل.
كما أدانت وزارة الخارجية التركية التفجيرين بشدة، وأوضحت -في بيان- أنها تلقت نبأ سقوط العديد من الضحايا في التفجيرين الإرهابيين ببالغ الحزن والأسى.
وترحمت الوزارة على أرواح الضحايا الذين سقطوا جراء التفجيرين الغادرين، وتقدمت بالعزاء للعراق حكومة وشعبا.
وأكد البيان وقوف تركيا إلى جانب العراق في مكافحة التنظيمات الإرهابية.
المصدر : الجزيرة + وكالات