يخلط كورونا من جديد قواعد اللعبة السياسية في منطقة غرب إفريقيا، فقبل فترة توفي الوزير الأول السابق لكوت ديفوار آمادو غون كوليبالي متأثرا بإصابته بالمرض، و ذلك بعد أن هيأ له الرئيس الحالي الحسن واترا كل الظروف لخلافته. و قد أربكت وفاة غون كوليبالي المشهد السياسي بكوت ديفوار و دفعت الرئيس واترا للترشح لمأمورية ثالثة و الفوز في انتخابات أعادت التأزيم من جديد للحياة السياسية في البلد.
و في مالي الجارة الشمالية لكوت ديفوار يُغيب كورونا زعيم المعارضة سوميلا(إسماعيل سيسي) عن الحياة بعد أن أصبحت حسابات التموقع السياسي و بوصلة التدافع السياسي تصب لصالحه كرئيس منتظر لمالي بعد المرحلة الانتقالية.
بدأ سوميلا سيسي حراكا قويا منذ إطلاق سراحه بعد ستة أشهر من الاختطاف من قبل جماعة نصرة الإسلام و المسلمين بعد وساطة من الحكام الجدد، و قد شمل هذا الحراك زيارة للقوي السياسية و المجتمعية بمالي و زيارات خارجية للعديد من قادة دول الجوار و الجاليات المالية بالخارج، و مع أن الرجل لم يعلن منذ إطلاق سراحه عن طموحه السياسي للرئاسات القادمة، إلا أن أغلب المراقبين كانوا يرون أن سيسي الذي حل في الترتيب الثاني في ثلاث استحقاقات رئاسية سابقة هو الشخصية السياسية المهيأة لدخول قصر كولوبا(الرئاسية المالية) في الرئاسيات القادمة.
أكبر الخاسرين من رحيل سوميلا سيسي هو حزبه ، حزب الإتحاد من اجل الديمقراطية، فقد كان حضور سيسي محوريا في الحزب، و استطاع الحزب الذي أسسه سيسي سنة 2003، استقطاب الكثير من الأطر و الفاعلين السياسيين انطلاقا من قناعات شخصية بسوميلا سيسي و أملا في مسار سياسي قد ينتهي بالرجل في المنظور القريب لإدارة سدة الحكم في مالي، هذه المحورية التي كان يتم بها سيسي داخل الحزب قد تجعل الحزب معرض للتفكك في فترة تسعي سلطات المرحلة الانتقالية فيها لاصطياد فاعلي الساحة السياسية لصفها تخفيفا للاحتقان السياسي و الاجتماعي بالبلد.
كما ستطرح وفاة السبعيني سوميلا سيسي تحديا كبيرا للقوي السياسية التي أطاحت بالرئيس إبراهيم بوبكر كيتا لإيجاد مرشح يحظي بالإجماع من داخل المعارضة التقليدية، و هو ما سيجعل هذه القوي مطالبة بمزيد من التنسيق و المحافظة على تحالفاتها السابقة حتي تضمن قطع الطريق أمام القوي السياسية التي كانت تدعم الرئيس كيتا في الانتخابات الرئاسية القادمة و إيجاد مرشح يحظي بإجماعها .
وفاة سيسي سيشكل أيضا خسارة لحكومات و قوي إقليمية لها علاقة وثيقة بالسياسي الراحل، و كانت تتمني و تطمح أن تراه رئيسا في بلد محوري في المنطقة، فسوميلا سيسي يعتبر من أبرز شخصيات الليبرالية الدولية في منطقة غرب إفريقيا، و يتمتع بعلاقات قوية مع رئيس ساحل العاج الحسن واترا، و رئيس السنغال ماكي صال، و زعيم المعارضة في غينيا كوناكري سيلو دالن جالو.