جاء في تدوينة للوزير السابق سيدي محمد ولد محم: "في مواجهة حملات سِباب وشتائم يرهق البعض بها نفسه جاهدا، وفي طليعة أولئك الرئيس السابق وبقايا بقاياه، ولا أبرئ منها آخرين سماعين لهم، مستخدمين كل أساليب البذاءة والسقوط الأخلاقي محاولين باستماتة منقطعة النظير إيجاد ما يمكن إيجاده مما يمس بالذمة أو يخدش في السمعة أو يلوث التاريخ السياسي لي.
وسأساعدهم بتقديم بعض الايضاح ومدهم ببعض المعلومات عسى أن يكون لهم فيها ما يفيد:
- لقد اعتبرت نفسي جزءا من مشروع عملنا فيه إلى جانب موريتانيين كثر آمنوا بهذا البلد وحقه في التقدم والديموقراطية والرفاه، ودافعنا عن هذا المشروع بكل ما أوتينا من قوة واستماتة، لم نكن نبتغي من وراء ذلك انتفاعا ولا مغنما ولم نسع له، بل كان تجسيدا لقناعات راسخة بالمشروع وقيادته، وجهدنا في ذلك كان صارخا وبلا أدنى تحفظ، غير أنه لم يكن تطبيلا أو تملقَ حاكم كما يحلو لهم تصويره، فالغاية أسمى وأنبل من ذلك بكثير، ولو كان كذلك لكان الرئيس معاوية أولى به من عزيز بحكم عوامل عديدة ودوافع لا حصر لها، وهو الذي لم يستطع في عزّ قوته أن يمنعنا من التعهد بالدفاع عن خصومه والمنقلبين عليه، بل وكل معتقلي الرأي في عهده وعلى رأسهم الرئيس أحمد ولد داداه والرئيس محمد خونه ولد هيدالة، والاسلاميون بمختلف مكوناتهم، والبعثيون، وحزب العمل من أجل التغيير، وفرسان التغيير والملحقون بهم، والوجيه حابه ولد محمد فال، والنائب اسماعيل ولد أعمر، والمرحوم الشيخ المختار ولد حرمه، والعديد من الشباب المعارض وقتها وأذكر منهم الصحفي اللامع محمد الحسن ولد لبات، وغيرهم ممن لا تسعفني به الذاكرة الآن.
ولو كان ذاك الجهد مجرد تزلف رئيس أو حاكم لكان الرئيس المرحوم اعلي ولد محمد فال أولى به من عزيز، وهو الذين لم تمنعنا روابط عديدة معه وعلاقات وطيدة من تبني الدفاع عن السجناء السياسيين في عهده، وأولهم الوزير زيدان ولد احميدة، والعقيد عبد الرحمن ولد لكور، والسفير محمد ولد محمد عالي، وهم جميعا بحمد الله أحياء يرزقون.
ولو كنا كذلك لما استمات العقيد عزيز في مساندة الاستاذ أحمد ولد سيدي باب ضدي في نيابيات أطار 2006، وعين أقرب مقربيه وزيرا للصناعة والمعادن في الحكومة وقتها، ووجه له دعم كل رجال الاعمال والفاعلين الاساسيين بمقاطعة أطار وحتى أصوات الجيش بشهادة العقيد فيليكس نكري، وبإمكان الرئيس عزيز تكذيب ذلك إن أراد.
لَو كان الأمر كذلك لاستجبنا لطلبات العقيد عزيز أو أوامره وهو وقتها الآمر الناهي في البلد بدعم الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله التي ضربنا بها عرض الحائط وانخرطنا دون تحفظ في دعم المرشح الزين ولد زيدان والذي تصدر المرشحين للرئاسيات وقتها بمقاطعة أطار.
ولأنني قبل ذلك بفترة طويلة قررت التخلي عن كل قيد إيديولوجي لاكتساب حرية الموقف والتقدير السياسي المناسب دون إملاء ولا وصاية فقد كان إدراكًا مبكرا لضرورة المرونة في الفعل السياسي وحرية رجل السياسة في التقدير والمراجعة، لذلك فإن محاولة البعض من ذوي النظر القاصر فرض قيود من أي نوع على ما نعبر عنه أو نقوم به، وإلزامنا بما لم نلزم به أنفسنا وربما لم يلزموا هم به أنفسهم في الغالب لن يكون له بالغ تأثير يذكر..
لست أكثر من سياسي تحكمه حسابات السياسة وتقديرات المصلحة في مظانها، وتحكمه كذلك رؤية وطنية وولاء مطلق لهذا البلد لايقبل التشكيك فيه ولا أسمح لأحد بالمزايدة عليه، ولا أمنح فيه السبق لأي كان، وعلاقتي بالآخر يحكمها القانون أولا، وأدبيات الثقافة الديمقراطية وقيم التسامح وأخلاقيات المجتمع الموريتاني التقليدي بعيدا عن كل ممارسات التخوين والالغاء.
إن لنا تحت كل صخر أو حبة رمل من أرض هذا الوطن دفين،
فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ٱئْتُواْ صَفًّا ۚ وَقَدْ أَفْلَحَ ٱلْيَوْمَ مَنِ ٱسْتَعْلَى.