كلمة الإصلاح ترى أن جميع المواطنين ( والعالم أجمع ) الذي جعل الديمقراطية حياته أن دستور كل دولة هو مكان سيادتها لأنه لا يصدر إلا بعد موافقة الشعب عليه ، وأن مراعاة جميع مواده بدون استثناء هو العدل والاستقامة بين المواطنين ، وأنه هو وحده القاضي والمحامي عن الشعب في مواده. هذه المعلومات التي يعلمها كل الشعب تقوم السلطة الموريتانية بمخالفتها جهارا نهارا ولا تخاف عقباها لاحتقارها لمقدسات الشعب المسالم. فمخالفتها هذه كان من حق اللجنة البرلمانية التي شكلت للنظر في نهب الأموال أن تبدأ بها ، فهي وجدت في بحثها أن أعلي سلطة في البلاد أباحت لنفسها أن تقتصر جميع الشعب الموريتاني وقوانينه واجراءاته التنموية والاقتصادية في فعلها هي وحدها ولا شريك لها فيه ، ولذا فهذه الفكرة التي قامت تلك السلطة مصحوبة طبعا بالمنافقين والمتملقين من وزرائها وسياسييها إلي آخره بإبراز مكان السيادة من دستور الشعب وأخرجته للتصويت عليه بعد أن عجزت عن الطرق القانونية لذلك ، فعمدت إلي نشيد ميراث تلادي لجميع المواطنين إسلاميا وتاريخيا وتلحينا معبرا عن أصالة كان لا يعبر عنها في البلاد الإسلامية إلا هو ، فتعرف به موريتانيا فضلا وإعجابا وبيت القصيد فيه : " فما كفي أولنا أليس يكفي الآخرا" يفسر هذا البيت قوله تعالي : (( لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر )) ، فأبدلوه بنشيد كأن واضعه يعنيه قوله تعالي : (( فهم في ريبهم يترددون )) ، لا أول له ولا آخر ، وملحنه كأنه يلحن " قرآن مسيلمة " ويحلف إنه لفاتحة. فمعلوم أن شعب مصر قسمه الله في أزله إلي مثل أتباع موسي في العزم والإيمان وإلي مثل أتباع فرعون وهامان وقارون في تخصصهم من جميع خبائث الفعل ولا مبدل لكلمات الله. وكذلك " العلم " وجده يمثل الاخضرار الذي هو لباس أهل الجنة يلبسون ثيابا خضرا من سندس وإستبرق وهلال أناط الله الله به جميع التاريخ المتعلق بالإسلام من صوم وعدة ومعرفة عدد السنين والحساب ، فلطخه بلون وضعه أهل الدنيا لمنع التحرك والحظر ، فالخط الأحمر معروف مهمته. فكان علي اللجنة البرلمانية أن تبدأ بالنظر في مدلول المادة 38 من الدستور لتحطيم أحسن ما فيه ليروا أنها كتبت بلسان : يا كتاب حلل " عر " إلي آخر الحكاية ، أي منافقو الشعب حللوا هذا. ومن هنا أصل إلي الجريمة الكبرى للحكومة الموريتانية المتلبس بها دائما والمحتفظ فيها بهذا التلبس من انقلاب 78 إلي يومنا هذا ألا وهي قضية هدم الرئيس والوزراء والبرلمان ورؤساء الأركان جميعا والمجلس الدستوري وجميع مدراء شركات الدولة إلي آخره للمادة الثامنة من الدستور التي تحدد أن اللغة الوطنية الرسمية الوحيدة للجمهورية الإسلامية الموريتانية هي العربية ، وقد أثبت هذا الشعب العربي الأبي أن من اقترح ترسيمها في الدستور نظرا لتشبث هذا الشعب العربي المسلم بها كان علي حق واقع لا تغيره في نفس الشعب إهانتها والاستهزاء بها من طرف جميع المسؤولين أعلاه ، فبالرغم من أنه قليل من الشعب المنتفع في الدولة بشهاداتها فإن الشعب وبقوته الطبيعية الطيبة لا يستمع إلا لها ولا يصدر شيئا يريد سماعه من طرف الشعب إلا بها ، فاسألوا المواقع وانظروا إلي نسبة المواقع العربية أصحاب اليمين من مواقع أصحاب الشمال فسوف ترون أن مواقع أصحاب الشمال يكتبون للجن الموريتانيين الذين لا يرون بالعين المجردة ، مع أن هذه اللغة التي يتكلم بها الآن أطراف موريتانيا البعيدين عن مكان الثقافة في المدن هي التي كان يتكلم بها أيام بعث النبي صلي الله عليه وسلم سكان نجد وحضر موت أنذاك وإلي ألان ، وهي التي تكلم الله بها لجبريل وتكلم بها جبريل للنبي صلي الله عليه وسلم وتكلم هو بها صلي الله عليه وسلم لينذر بألفاظها جميع العالم وكتب بها الرسائل لملوك الأرض آنذاك من فرس وروم إلي آخره. فكل لغة نسخت عدة مرات في تاريخها عند أصحابها إلا هذه اللغة وستبقي بعد هؤلاء المتفرنسين الآكلين لأموال الشعب بالعمل بغير لغته بالغلبة والقهر وكما هو معلوم فذلك نوع من الأكل بالسحت. والشعب يعرف أن المتفرنس هو الحكومة وليس الشعب وأن أهون تعريب هو تعريب الإدارة في كل مؤسسة ، فأي عار أكبر من أن لا يدخل أجنبي في أي مؤسسة إلا ويري أهلها من أصحاب الشمال سواء كانت رسائل بين الإدارات أو تاريخ وصول رسالة أو إرسالها إلي آخره ، ويعلم الشعب كذلك أن قرارا واحدا وراءه وطني مسؤول واحد وبجرة قلم يرفع هذه الجريمة المستمرة عن الشعب حتى يشترك كله في خبراته بلغته الوطنية الدستورية في جميع مؤسساته العليا وفي جميع الشرائك التي تستخرج خيراته ، فالرئيس معاوية عندما اضطرته الظروف للتعريب عرب بجرة قلم وكانت الطريق السالكة لتعميم ذلك حتى جاء أبناء الونداليون ثقافة بنطق اللغة فقط وأرجعوا الجريمة المستمرة كما كانت . وهنا أعيذكم بالله من هذا وأقسم لكم أني سمعت مسؤولا كبيرا " بيظاني " ولعل المقال مكتوب له بالحروف اللاتينية وهو يعدد إنجازات فلما وصل للبند الثاني قرأ الرقم بغير الثاء فالتفت أحد الحاضرين إلي ضابط شرطة قضائية وقال له : " الاعتراف سيد الأدلة اقبض علي الرجل " وأعتذر عن سرد القصة وذلك لأقول لمن هي ثقافته فقط أنها تارة تهينة من غير علم ولاسيما إذا كبر في السن . فإذا كانت السلطة هنا تتعمد إهانة الشعب بتفرنس إدارتها فكم أهانت هذه اللغة أبناءها المتفرنسين عند الكلام والكتابة بها إلي آخره. وفي الأخير ما دامت الدولة أعطت اللجنة البرلمانية وجها أبيض وعزما إيمانيا في الإصلاح فعليها أن تعمم ذلك ، فالموريتانيون مسلوبون الإدارة من طرف حكامهم المهجنين لغة لاتينية " ومن اتقنها " في جسم ووطن عربيين والله يقول : (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )). وإلي ملف ثالث آخر في الحلقة القادمة بإذن الله