لقد اخترتُ هذا العنوان المستفز لمقالي الجديد الذي سيكون عبارة عن مجموعة من النقاط السريعة، ارتأيت أن أعلق بها على الوضعية الحالية لبلدنا مع جائحة كورونا، وذلك بعد أن تم تسجيل حالة وفاة ثانية بسبب كوفيد ـ 19، وعدة إصابات جديدة قابلة للزيادة بلغت عند كتابة هذا المقال 26 إصابة . (1) مع بداية النصف الثاني من الشهر الماضي تم الإعلان عن تعافي كل المصابين بمرض كوفيد ـ 19 في بلادنا، وتم بعد ذلك تخفيف الإجراءات الاحترازية، وكان من نتائج ذلك أننا عشنا حالة من الاسترخاء والتهاون. بعد هذه الإصابات الجديدة أصبح من اللازم شد الأحزمة من جديد، فوضعيتنا مع كورونا أصبحت مقلقة..هذه ليست دعوة للخوف والهلع، فأخطر ما يمكن أن نقابل به الوباء هو الخوف والهلع، وإنما هي دعوة لأخذ موقف متوازن بين عدم الهلع وعدم التهاون. علينا أن لا نصاب بالهلع والخوف، فنحن أحسن حالا من دول الجوار، والإصابات عندنا لم تتجاوز حتى الآن ـ ولله الحمد ـ 26 إصابة، ونحن لم نصل إلى هذا العدد من الإصابات إلا بعد أن قطعنا أشواطا كثيرة في مجال التوعية والتحسيس، وبعد أن أصبح الفيروس حسب بعض الخبراء أقل شراسة وأكثر ضعفا..كل ذلك يدعو إلى عدم القلق، ولكن في المقابل فإن هناك ما يدعو إلى القلق، فالفيروس أصبح يتنقل بيننا داخل العاصمة وفي بعض مدننا الداخلية، وأصبحت الوقاية منه تحتاج إلى الكثير من الجدية والصرامة، ونحن كمجتمع لم نتعود على الجدية والصرامة. خلاصة هذه الفقرة : إن المطلوب منا في هذه المرحلة الحرجة هو أن نوازن بين عدم الهلع وعدم التهاون، وأن لا نترك أي منهما يتغلب على الآخر. (2) نحن بحاجة إلى المزيد من التوعية والتحسيس، وإلى خطاب توعوي جديد..خطاب صريح وقوي جدا، لا يقول بأن الوقاية خير من العلاج كما تعودنا أن نكرر دائما، بل يقول بأن الوقاية هي كل العلاج، فمرض كوفيد ـ 19 لم يكتشف له حتى الآن أي علاج، ولذا فإن الخيار بين الوقاية والعلاج ليس مطروحا بالنسبة لمرض كوفيد ـ 19، وكما هو الحال مع الأمراض الأخرى ..هناك خيار واحد أمام وباء كورونا وهو الوقاية، ثم الوقاية، ثم الوقاية. ينضاف إلى ذلك أن بنيتنا الصحية متواضعة جدا، وليس بمقدورها استقطاب أعداد كبيرة من المصابين بهذا المرض وتقديم الرعاية لهم، ولذا فليس أمامنا إلا الوقاية حتى نقلل من عدد المصابين إلى أدنى حد ممكن. خلاصة هذه الفقرة : إنه علينا أن نبدل عبارة الوقاية خير من العلاج بعبارة الوقاية هي كل العلاج. (3) هناك فرضيات كثيرة عن أسباب ارتفاع عدد الإصابات مؤخرا، وتبقى فرضية دخول متسللين مصابين من الفرضيات المطروحة. في اعتقادي بأن هناك طريقة قد تكون ناجعة للحد من التسلل، وقد تحدثتُ عنها في وقت سابق. تتمثل هذه الطريقة في أن يُسَنَّ قانون يقضي بمصادرة أي وسيلة نقل (سيارة؛ زورق؛ شاريت ...إلخ) يضبط صاحبها وهو ينقل متسللا إلى داخل موريتانيا. مثل هذا القانون كان قد سُنَّ في وقت سابق لمكافحة المخدرات، وقد صودرت بموجبه عدة باصات وسيارات بسبب وجود راكب يحمل معه مخدرات، مع أنه في هذه الحالة كان ظالما، لأن صاحب سيارة قد لا يكون على علم بوجود راكب يحمل مخدرات ضمن الركاب الذين ينقلهم. في حالة التسلل فإن الأمر مختلف تماما، لأنه لا يمكن لصاحب سيارة أو زورق أن ينقل متسللا في سيارته أو زورقه دون أن يعلم بذلك. كانت السيارات المصادرة بسبب وجود مخدرات تذهب إلى صندوق لمحاربة المخدرات ..في حالة التسلل يمكن أن تذهب السيارات المصادرة لصندوق التضامن الاجتماعي، كما يمكن أن يتم بيعها وتوزيع ما تحصل من أموال على الجنود المرابطين في الحدود لمنع التسلل. خلاصة هذه الفقرة : صادروا كل وسائل النقل المستخدمة في عمليات التسلل، وعاقبوا المتسللين بدفع غرامات مالية، فمثل ذلك قد يحدُّ من عمليات التسلل. (4) هذه هي الفقرة الأهم، ولذا فقد ارتأيتُ أن اختم بها المقال. لنلجأ إلى الله في العشر الأواخر من رمضان، ولنقبل على الدعاء والصدقة وتلاوة القرآن بنية رفع البلاء، ومن المؤسف جدا أن بعض المساجد قد توقفت عن تلاوة القرآن عبر مآذنها، وذلك منذ أن تم الإعلان في منتصف الشهر الماضي عن تعافي كل المصابين بكوفيد ـ 19 في بلادنا. لقد طالعتُ كلمة رائعة للدكتور أحمد عيسى المعصراوي أنقلها إليكم مع تصرف قليل. الوضع في غاية الحساسية بين مواطن خائف من الوباء، وآخر خائف من الجوع، "فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" صدق الله العظيم. خلاصة هذه الفقرة : أعبدوا ربكم فهو وحده القادر على أن يطعمكم من الجوع الذي قد تتسبب فيه الإجراءات الاحترازية، وهو وحده القادر على يؤمنكم من الخوف الذي تعانون منه الآن بسبب ظهور عدة إصابات جديدة بفيروس كورونا في بلادكم. حفظ الله موريتانيا...