يحظى التعليم بأهمية قصوى وأولوية مطلقة بالنسبة لأي مجتمع وشعب وحكم باعتباره أحد الحقوق الأساسية التي بدونها لن تتحقق أية تنمية بشرية واقتصادية واجتماعية وثقافية ، فهو من حيث الأهمية القضية الوطنية الثانية بعد الحوزة الترابية ووحدتها .
ولعل السؤال الوحيد الذي يحتاج بموريتانيا وبصفة متواصلة الإجابة، أي إصلاح تربوي مرتقب يطرح نفسه الآن أكثر من أي وقت مضى، ومن أين سينطلق ؟ ، هل من إصلاح المنظومة التربوية ؟ ، في ظل تكرر المنظومات الإصلاحية للتعليم 1959 و1967 و 1973 و 1979 و 1999 ، أم من بناء إصلاح تربوي جديد يحدث قطيعة من خلال هدم ما كان ؟ أم يقتضي الإصلاح الجديد الترميم والتحسين من خلال إصلاح الإصلاحات ؟ ، أم الوقت الحالي يقتضي التجديد من خلال تحسين الموجود بدلا من الإصلاح ؟
أيا كانت الإجابات على الاستشكالات السالفة فإن أي إصلاح أو تجديد تربوي مرتقب مرغم بالانطلاق من المحددات العشر الكبرى التالية :
1 - تقييم الاصلاحات تقييما معمقا وموضوعيا .
2 ــ وجود لجنة دائمة معنية بالتفكير المستمر لإصلاح التعليم لضمان استقلاليته عن النظام السياسي الحاكم وعن الأحزاب السياسية والنقابات، وينخرط فيها جميع ذوي الاختصاص من أساتذة جامعيين وأساتذة التعليم الثانوي والاعدادي والابتدائي والعاملين بقطاع التعليم من عمداء ومدراء ومفتشين واداريين والفاعلين بكل القطاعات الحيوية بالبلد ، يعهد إليها بالتقييم المتواصل وما يتطلبه من تعديل متواصل كلما دعت الضرورة لذلك .
3 ــ ضرورة أن لا يتركز الإصلاح المرتقب على المناهج والكتب المدرسية ، فأي إصلاح مرتكز فقط على هذين الركنين ليس إصلاحا تربويا ، فلا بد من الاهتمام بتكوين المكونين فآفة كل الإصلاحات السالفة عدم مواكبة تكوين المكونين بشكل يتلاءم والتغيرات فهل يعقل أن نجد في مؤسساتنا من لا يجيد التعامل اليوم مع الحاسوب ؟ ، أو من يرى أن الفلسفة تتعارض وقيم الإسلام ؟
4- توفير وضمان التعليم الشامل من الحضانة إلى مرحلة الدراسات العليا بما في ذلك التعليم التقني والمهني .
5 ــ الربط بين مختلف مراحل التعليم من الحضانة إلى المرحلة الأخيرة من التعليم العالي ، فلا إصلاح تربوي بدون ربط المراحل التعليمية ببعضها البعض ، بل يستحيل إصلاح مرحلة دون ربطها بالأخرى ، ففشل كل الإصلاحات التربوية التي عرفتها موريتانيا من الاستقلال إلى اليوم نتيجة عدم التخطيط لما بعد التعليم الثانوي ، فلا معنى لإصلاح تربوي في ظل الفصل بين مراحل التعليم المختلفة .
6 ــ حسم قضية اللغة أو لغات التعليم بتدريس اللغة الفرنسية والانكليزية ابتداء من السنة الثانية ابتدائية ، في وقت فقدت فيه اللغة الفرنسية مواقعها في لغة العلم والمعرفة حتى في عقر دارها، بعدما تخلت مراكزها المتخصصة في البحث العلمي عن الاعتماد عليها، وخير دليل نشرها لكل أبحاثها العلمية باللغة الإنجليزية ، ليبقى التشبث باستعمالها كلغة أساسية في التعليم بموريتانيا لا مدلول له سوى الانصياع والتبعية العمياء ، فمن المهم للإصلاح المرتقب نقاش قضية اللغة بعيدا عن كل إيديولوجية وأفكار مسبقة ، بل من حيث النجاعة والنتيجة ومصلحة الأجيال والمواطنين ، فأغلب الإصلاحات التربوية بموريتانيا فشلت بسبب عدم تعمقها في قضية اللغة بسبب الصراعات السياسوية والايديولوجية التي لا يروم أصحابها سوى تحقيق انتصار آني على طرف آخر ، دونما اعتبار لمصلحة الوطن ؛ حتى أضحى حقل التعليم محط مزايدات بين كل الأطراف المتصارعة الأمر الذي أدى لتدهور المنظومة التعليمية لعدم حسم إشكال اللغة لانعدام الحس الوطني والاحساس بالمسؤولية .
7 ــ ضرورة أن يضمن المنهاج الإصلاح الشامل من خلال معالجة احتياجات جميع الأطفال ، مع الأخذ بمستويات تنمية القدرات الفردية سواء المرتبطة بالمدرسين أو المنهاج وتقييم الطلاب وإدماجهم ثم مستوى التخطيط والرصد والتقييم .
8 ــ الانتقال من مرحلة حشو الأدمغة إلى العمل على تنمية المعارف والمهارات بالتدريب على اكتسابها ذاتيا فالحفظ لا يطور مهارات التفكير والمدرسة ليست مصنا لإنتاج الدرجات ، ولا الغرض من العملية التعليمية اختبار يقيس قدرتك على حفظ المعلومات ، فمدرستنا أضحت لا تمتلك مشروعا تربويا يُكوِّن التلميذ على إنتاج المعرفة وبناء ذاته وقيِّمِه ،وبالتالي فهو يخرج من المدرسة كما دخل إليها بسبب الطريقة التي تلقى بها معارفه .
9 ــ إشراك مختلف الفاعلين في الإصلاح المرتقب ، فأي إصلاح لا يشارك فيه الجميع لا معنى له.
10 ــ ضرورة أن يكون إصلاح التعليم إصلاح متعدد، فأي إصلاح للتعليم لا يجدد المناهج وجداول الحصص ولا يفعل دور المكتبة المدرسية، ولا يحسن ظروف المدرس ولا يدمج المعلومات والتكنولوجيا مفرغ من معنى الإصلاح.
وتأسيسا على ما سبق يظل نماء موريتانيا رهين تطوير نظامها التعليمي ولن يتأتى ذلك بدون بناء مؤسسات تعليمية بمقدورها إنقاذ البلد ، فمن غير المستساغ أن يكون بكل دول الجوار هنالك أكثر من 10 جامعات ولا تكاد موريتانيا تتوفر على 5 جامعات مما يعكس الفوارق المهولة بيننا وجوارنا الإقليمي رغم مقدراتنا الاقتصادية التي تفوق كل بلد مجاور. فهل من إنقاذ بواسطة الإصلاح التربوي المرتقب ؟ استاذ بثانوية انواذيبو 2
المعلوم أوبك
يحظى التعليم بأهمية قصوى وأولوية مطلقة بالنسبة لأي مجتمع وشعب وحكم باعتباره أحد الحقوق الأساسية التي بدونها لن تتحقق أية تنمية بشرية واقتصادية واجتماعية وثقافية ، فهو من حيث الأهمية القضية الوطنية الثانية بعد الحوزة الترابية ووحدتها .
ولعل السؤال الوحيد الذي يحتاج بموريتانيا وبصفة متواصلة الإجابة، أي إصلاح تربوي مرتقب يطرح نفسه الآن أكثر من أي وقت مضى، ومن أين سينطلق ؟ ، هل من إصلاح المنظومة التربوية ؟ ، في ظل تكرر المنظومات الإصلاحية للتعليم 1959 و1967 و 1973 و 1979 و 1999 ، أم من بناء إصلاح تربوي جديد يحدث قطيعة من خلال هدم ما كان ؟ أم يقتضي الإصلاح الجديد الترميم والتحسين من خلال إصلاح الإصلاحات ؟ ، أم الوقت الحالي يقتضي التجديد من خلال تحسين الموجود بدلا من الإصلاح ؟
أيا كانت الإجابات على الاستشكالات السالفة فإن أي إصلاح أو تجديد تربوي مرتقب مرغم بالانطلاق من المحددات العشر الكبرى التالية :
1 - تقييم الاصلاحات تقييما معمقا وموضوعيا .
2 ــ وجود لجنة دائمة معنية بالتفكير المستمر لإصلاح التعليم لضمان استقلاليته عن النظام السياسي الحاكم وعن الأحزاب السياسية والنقابات، وينخرط فيها جميع ذوي الاختصاص من أساتذة جامعيين وأساتذة التعليم الثانوي والاعدادي والابتدائي والعاملين بقطاع التعليم من عمداء ومدراء ومفتشين واداريين والفاعلين بكل القطاعات الحيوية بالبلد ، يعهد إليها بالتقييم المتواصل وما يتطلبه من تعديل متواصل كلما دعت الضرورة لذلك .
3 ــ ضرورة أن لا يتركز الإصلاح المرتقب على المناهج والكتب المدرسية ، فأي إصلاح مرتكز فقط على هذين الركنين ليس إصلاحا تربويا ، فلا بد من الاهتمام بتكوين المكونين فآفة كل الإصلاحات السالفة عدم مواكبة تكوين المكونين بشكل يتلاءم والتغيرات فهل يعقل أن نجد في مؤسساتنا من لا يجيد التعامل اليوم مع الحاسوب ؟ ، أو من يرى أن الفلسفة تتعارض وقيم الإسلام ؟
4- توفير وضمان التعليم الشامل من الحضانة إلى مرحلة الدراسات العليا بما في ذلك التعليم التقني والمهني .
5 ــ الربط بين مختلف مراحل التعليم من الحضانة إلى المرحلة الأخيرة من التعليم العالي ، فلا إصلاح تربوي بدون ربط المراحل التعليمية ببعضها البعض ، بل يستحيل إصلاح مرحلة دون ربطها بالأخرى ، ففشل كل الإصلاحات التربوية التي عرفتها موريتانيا من الاستقلال إلى اليوم نتيجة عدم التخطيط لما بعد التعليم الثانوي ، فلا معنى لإصلاح تربوي في ظل الفصل بين مراحل التعليم المختلفة .
6 ــ حسم قضية اللغة أو لغات التعليم بتدريس اللغة الفرنسية والانكليزية ابتداء من السنة الثانية ابتدائية ، في وقت فقدت فيه اللغة الفرنسية مواقعها في لغة العلم والمعرفة حتى في عقر دارها، بعدما تخلت مراكزها المتخصصة في البحث العلمي عن الاعتماد عليها، وخير دليل نشرها لكل أبحاثها العلمية باللغة الإنجليزية ، ليبقى التشبث باستعمالها كلغة أساسية في التعليم بموريتانيا لا مدلول له سوى الانصياع والتبعية العمياء ، فمن المهم للإصلاح المرتقب نقاش قضية اللغة بعيدا عن كل إيديولوجية وأفكار مسبقة ، بل من حيث النجاعة والنتيجة ومصلحة الأجيال والمواطنين ، فأغلب الإصلاحات التربوية بموريتانيا فشلت بسبب عدم تعمقها في قضية اللغة بسبب الصراعات السياسوية والايديولوجية التي لا يروم أصحابها سوى تحقيق انتصار آني على طرف آخر ، دونما اعتبار لمصلحة الوطن ؛ حتى أضحى حقل التعليم محط مزايدات بين كل الأطراف المتصارعة الأمر الذي أدى لتدهور المنظومة التعليمية لعدم حسم إشكال اللغة لانعدام الحس الوطني والاحساس بالمسؤولية .
7 ــ ضرورة أن يضمن المنهاج الإصلاح الشامل من خلال معالجة احتياجات جميع الأطفال ، مع الأخذ بمستويات تنمية القدرات الفردية سواء المرتبطة بالمدرسين أو المنهاج وتقييم الطلاب وإدماجهم ثم مستوى التخطيط والرصد والتقييم .
8 ــ الانتقال من مرحلة حشو الأدمغة إلى العمل على تنمية المعارف والمهارات بالتدريب على اكتسابها ذاتيا فالحفظ لا يطور مهارات التفكير والمدرسة ليست مصنا لإنتاج الدرجات ، ولا الغرض من العملية التعليمية اختبار يقيس قدرتك على حفظ المعلومات ، فمدرستنا أضحت لا تمتلك مشروعا تربويا يُكوِّن التلميذ على إنتاج المعرفة وبناء ذاته وقيِّمِه ،وبالتالي فهو يخرج من المدرسة كما دخل إليها بسبب الطريقة التي تلقى بها معارفه .
9 ــ إشراك مختلف الفاعلين في الإصلاح المرتقب ، فأي إصلاح لا يشارك فيه الجميع لا معنى له.
10 ــ ضرورة أن يكون إصلاح التعليم إصلاح متعدد، فأي إصلاح للتعليم لا يجدد المناهج وجداول الحصص ولا يفعل دور المكتبة المدرسية، ولا يحسن ظروف المدرس ولا يدمج المعلومات والتكنولوجيا مفرغ من معنى الإصلاح.
وتأسيسا على ما سبق يظل نماء موريتانيا رهين تطوير نظامها التعليمي ولن يتأتى ذلك بدون بناء مؤسسات تعليمية بمقدورها إنقاذ البلد ، فمن غير المستساغ أن يكون بكل دول الجوار هنالك أكثر من 10 جامعات ولا تكاد موريتانيا تتوفر على 5 جامعات مما يعكس الفوارق المهولة بيننا وجوارنا الإقليمي رغم مقدراتنا الاقتصادية التي تفوق كل بلد مجاور. فهل من إنقاذ بواسطة الإصلاح التربوي المرتقب ؟ استاذ بثانوية انواذيبو 2