في ظل الواقع السياسي العربي والإقليمي المضطرب الذي تشهده بعض البلدان العرب- افريقية، تجد التعددية السياسية والحزبية نفسها وقد صارت من أهم ملامح التغيير المجتمعي الأكثر إلحاحا، بل وأصبحت ضرورة سياسية ومجتمعية أيضا. غير أنها ستظل مجرد آمال في وقتنا الراهن، لأن المشهد العربي عموما والموريتاني تحديدا لا يزال بعيدا عن أجواء الديمقراطية الحقيقية. فالتشكيك في نتائج الانتخابات -أي انتخابات- سيبقى هو سيد الموقف، خصوصا مع تمسك العسكر بلجنة المحاصصة لمراقبة الانتخابات. والتي ستنتج تشكيك الخاسر في فوز الآخر، وحتي الآخر لم يعد يقبل بالخاسر في الشراكة المجتمعية. ويعبره شماعة -تعيق بناء الدولة- يعلق عليها خيبات أمله ونكساته وفشله في تحقيق وعوده الإنتخابية وبرامجه التي أعلنها رسميا في الاعلام أو أمام قبة البرلمان.
لكن لفهم خصوصية الحالة الموريتانية والسياسات المتبعة فيها خلال العقد الأخير. علينا أن نتساءل:
ما موقع الهامش فى المشروع الديمقراطي الموريتاني الذي تقوده أو تتصارع من أجله النخب المدنية في وجه التحالف العسكر-تجاري؟
إن نقصان الثقافة المتعلقة بالأحزاب، وأهمها القبول بإمكانية التداول السلمي على السلطة والقبول بالرأي الآخر والقبول بالمشاركة السياسية وعدم الاستبعاد السياسي، وعدم التهميش للأقلية الحزبية ... الخ. هي ضرورات متجاوزة برأي الأجنحة العسكرسياسية في موريتانيا. لذلك نجد أن معظم هذه الثقافات هي نتاج عدم ممارسة الديمقراطية بشكل فعلي في الحياة اليومية نتيجة لهيمنة الخلفية العسكرية لرأس النظام الآمر الناهي الذي "يطعم من جوع ويؤمن من الخوف" برأي أنصاره.
إن هيمنة الحزب الواحد على مقدرات العمل السياسي في موريتانيا لمدة تقرب من نحو أربعة عقود من الزمن. جعلت الناخب الموريتاني يتجه إلى صناديق الاقتراع وهو مؤمن بحقيقتين: معرفة اسم الفائز (التزوير) وبيانات التنديد التي تلي الاقتراع بيومين.
ثم إن من أكبر المصائب التي تواجهها الديمقراطية في موريتانيا، هي إرغام المؤسسة الدينية على الدخول في السياسة (على غرار ما كان يحدث في اليابان قديما، حيث كان الإمبراطور هو ظل الله على الأرض. وكذلك في أوربا في القرون الوسطى، حيث كان الحاكم ظل الله في الأرض، وله حق مقدس في الحكم، وأحكامه تصدر تبعا للعناية الإلهية... ).
إن دخول هذه المؤسسة في المجال السياسي، جعلها تقوم بتقديس الحاكم وإضفاء الشرعية الدينية على احكامه وقراراته (حتى وإن كانت مجحفة وظالمة) وتتغاضى عن كل أخطائه وكل صور التسلط السياسي، على الأفراد والمؤسسات، وكذلك انفراده بالسلطة، وتهميشه لقوى المعارضة والثراء غير المشروع للحاكم وزمرته... إلخ
ويبقى السؤال مطروحا:
ايهما باستطاعته "الآن الآن وليس غدا" إخراج موريتانيا من ورطتها السياسية والمالية، بعدما وصل الدين الموريتاني إلى معدل مقلق بلغ 97.51٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد (بحسب آخر تقرير البنك الدولي).
- مرشح مدني ذو خبرة في تسيير المؤسسات المالية يقدر الشباب.
أم فريق عسكري متقاعد مكبل بفضائح أخلاقية بخلفية عسكرية تحتقر المدنيين؟