في خضم ما يجتاح الساحة الوطنية هذه الأيام من تجاذبات وتحولات غير مسبوقة، برزت داخل الطيف السياسي المتعود على الأحزاب الفردوية، إن صح التعبير، والتي تموت عادة بموت أو خروج مؤسسيها من السلطة، والمبنية على تحالف طبقتي الخوف والطمع، الخوف من التغول الضريبي والتهميش لمن لم ينضم إليها والطمع في الحصول على مكاسب مادية لا يمكن الحصول عليها إلا بتلك الوسائل.
ظهر ارتياح وفرح داخل صفوف تلك الطبقات بإمكانية، إن لم تكن حتمية، تفكك اتحاد قوى التقدم، والتي عملت كل الأنظمة منذ إنشائه على تفجيره من الداخل، لأنه الطرف الوحيد الذي يشكل خطه وخطابه السياسي منغصا بالنسبة لهم وذلك بطرحه الصريح والواضح لتطلعات الفئات المسحوقة من المجتمع من عمال وفلاحين والدفاع عنها.
هذا من جهة. ومن جهة أخرى وداخل صفوف مناصري اتحاد قوى التقدم وغيرهم من المتطلعين للحرية والعدالة من خارجه بدأ يظهر قلق كبير ونوع من الخوف من المجهول حيال الأزمات التي يمر بها الحزب منذ بعض الوقت، والتي كثيرا ما يتجاوزها لأن القائمين عليه تعودوا على حل الأزمات داخل البلد أحرى داخل تنظيم هم صانعوه وقائمون على تسييره.
ومن هنا أطمئن الجميع إن الحزب ليس كتلك الأحزاب التي يعرفون، إنه حزب أسس على خط سياسي تقدمي يساري !. اشتق منه اسمه، اتحاد قوى التقدم، ويعمل على إرساء مشروع مجتمعي تسوده الوحدة والديمقراطية والعدالة وحكم القانون، مجتمع يتحمل الفرد فيه كامل مسؤولياته وواجباته الوطنية ويتمتع فيه بكامل حقوقه السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ويعتمد في بقائه على تحالف طبقي صلب.
وحول هذا الخط وتلك المبادئ وذلك المشروع اجتمعت مجموعة من كل قوميات وفئات المجتمع الموريتاني لا يربط بينها سوى تلك المبادئ، واختارت من بين أطرها قيادة ألزمت نفسها وألزمها الآخرون بوضع تكتيكات وخطط تخدم الخط والاستراتيجيات المقررة من طرف قاعدته ويخضعون للمساءلة والمحاسبة من قبل قواعد وهيئات اختيرت لذلك الغرض، وما دامت تلك المبادئ والأهداف موجودة وهناك من يدافع عنها فلن يتفكك أو يختفي من الواجهة السياسية !، ذلك أن وجوده ليس مرتبطا بشخص أو أشخاص قد يموتون أو ينحرفون عن الخط فهناك من سيحمل المشعل.
كما أريد أن أنبه الجميع إلى حقيقة أساسية أن الحزب يمثل حركة شعبية، وحركة الشعوب لا تموت ولا تتوقف، قد تخبوا وتتعرقل مثل كل الحياة لكنها لن تتوقف أو تموت أبدا ما دامت لم تتحقق تلك الأهجاف !.
محمد عينين الهادي