المهاجر/ الزاوية الأخرى! / الديماني محمد يحي

جمعة, 01/03/2024 - 15:27

منذ سنتين وحفل زفاف الأخت عيشة يتأجل، كل مرة، انتظارا لحضور الشيخ.
يحتاج الشيخ إلى اقتراض مبلغ إضافي كبير من رشيد لكي يتمكن من تنفيذ رغبات الوالدة.
(كراء القاعة، بنجه، ندوية لعليات، لفروح، اتصيفيت، الفسخة، المعروف،المودة...)
أوجه كثيرة للصرف تنتظر عودته!
...
يتذكر الشيخ بمرارة، كيف أدى به التفكير في هذه الأشياء وعزوفه عن كثير من الأعمال في وطنه، إلى أن يبيع القطيع الذي ورث عن والده رحمه الله ويعرض نفسه لكل الأخطار، ليؤول به المطاف نادل مطعم شعبي، في ضاحية فرجينيا! 
في العام الأول كان اللبناني صاحب المطعم، يتكفل بالسكن والإعاشة؛ لذلك استطاع زيارة أهله.
لكن مع تزايد أعداد الوافدين وتوفر اليد العاملة بدأ رشيد اللبناني يتنصل من ذلك الالتزام، وتحت وطأة الحاجة والكم الهائل من الباحثين عن العمل، وقلة الفرص المتاحة، لم يجد الشيخ بدا من الاستمرار في عمله!
...
يتذكر، بشيء من الندم رفضه لعرض موسى الذي قدم له، بعيد انتهاء الأشغال في بناء الطريق المعبد المار من وسط القرية!
..
موسى بناء القرية الماهر، شيخ إفريقي في عقده الثامن، استجلبه الوالد رحمه الله، من إحدى الدول الإفريقية، قبل خمسة عقود لبناء المنزل الإسمنتي الأول في الحي، بعد أن قررت الجماعة وضع حد للترحال!
لايزال الشيخ يتذكر كيف كانوا وهم أطفال صغار يخافون من موسى!
في المساء لا يمكن لغير المسنين من الرجال المرور بقرب الخباء الذي يبيت فيه!
النساء تحكي لأطفالهن حكايات مرعبة عن موسى لذلك تملكهم الخوف منه!
إحدى النساء صعقت عندما شهادته يتحول إلى ثعبان!
امرأة مسنة أوصت الجميع بإغلاق محكم للأواني في الليل، فالسحر الأسود تستجلبه الأواني المفتوحة من "امكيل"!
روايات أخرى تواترت على أن القط الذي يتنقل بين منازل الحي في العتمة، ليس شيئا آخر غير الإفريقي البناء، فقد شاهدته غير واحدة وهو يتحول إلى موسى داخل ذلك الخباء المخيف!
لايزال الشيخ حتى الآن تسري فيه قشعريرة كلما جمعه مجلس مع البناء موسى، رغم أنه متأكد من زيف كل ماحيك حوله من أساطير أيام قدومه!
الخوف المستوطن في وجدان الشاب من موسى، لم يكن السبب في رفض الشراكة معه في مشروع المطعم الذي ينوي تأسيسه على الطريق المعبد حديثا، إنما السبب الحقيقي هو الحملة الشعواء التي تعرض لها ابن عمه محمد بعيد فتحه محلا لتصليح العجلات!
الشيخ يفضل الموت فقيرا عن التعرض لعبارات التندر والتنمر التي سمع من نساء وشباب الحي اتجاه ابن عمه!
لايزال يتذكر مستوى الاشمئزاز الذي أظهرت كل من أخته وخطيبته عندما سمعتا بالخبر!
ولذلك يرفض فكرة العمل في المطعم من أساسها!
هكذا نرغم على الهجرة، حسب رأيي، فما رأيكم؟
حفظ الله بلادنا من كل مكروه وزادها رفعة وأمنا ونماء

تابعنا على فيسبوك