عن استياء جهات عديدة في الخارج من استطاعة بلادنا فرض وضع شروطها لتسيير ثنائي لظاهرة الهجرة غير النظامية، بالإضافة إلى شعور بعض الجهات بالحسد من تحقيق بلادنا كل هذا الاهتمام الدولي في ظرف وجيز خلال أربع سنوات في كنف مأمورية رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، والتي تميزت بالحكمة والتعاطي الإيجابي الباعث على الثقة، الأمر الذي جعل مختلف مسؤولينا محل ترحاب وتقدير كبيرين في مختلف المحافل.
كذلك فإن نوايا تلك الجهات في تشتيت الإنتباه عن النجاح الدبلوماسي الكبير الذي تحققه نجاعة السياسة الخارجية لبلادنا وفوز فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بالثقة من قبل مختلف الدول العظمى والتكتلات الإقتصادية الكبرى والتي تعززت بانتخابه من قبل قادة دول الاتحاد الإفريقي رئيسا دوريا للاتحاد، معززا حضور بلادنا في المشهد الدولي بوصفها فاعلا مؤثرا ونموذجا للديمقراطية والاستقرار في الغرب الإفريقي.
انتزاع الامتياز
فالمفاوضات الأولية التي أطلقت مؤخرا بين موريتانيا (ممثلة في وزارة الداخليةواللامركزية) والاتحاد الأوروبي هدفها هو التوافق على مسودة إعلان مشترك حول الهجرة بما يسهم في التصدي الثنائي لظاهرة الهجرة غير النظامية، طريقا إلى الاتفاق الإطار بين بلادنا والاتحاد الأوروبي، وليس مخصصا فقط لموضوع الهجرة غير النظامية بل أيضا لتيسير الهجرة النظامية بما فيها تسهيل إجراءات الهجرة للشباب بيننا والاتحاد الأوروبي لأغراض الدراسة والتكوين والعمل، لنقل الخبرات والمعارف، وفتح أفق منطقة شنغن الأوروبية أمام حاملي الجوازات الدبلوماسية وجوازات العمل، وهي امتيازات هامة لبلادنا تفاوض من أجلها، استحقتها بعد مسار طويل من جهود محاربة الهجرة غير النظامية ومنع الاتجار بالبشر، وأيضا لعمق علاقات الشراكة والتعاون مع الاتحاد الأوروبي والتي تتنوع بين مجالات الاقتصاد والتنمية والأمن.
إن المتابع لملف الهجرة لا شك يعرف أن المفاوضات الأولية بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي ليست وليدة اللحظة بل هي نتيجة سلسلة من اللقاءات الموريتانية الأوروبية التي تم بعضها في بروكسل وبعضها في مدريد وغيرها، والتي أسست جميعها لإرادة مصممة على وضع النقاط على الحروف أمام الشريك الأوروبي لتسيير ملف الهجرة بالشكل الذي يضمن السيادة للطرفين والحقوق والواجبات، ويؤكد على سياسة الاحترام المتبادل، ضف إلى ذلك أنه ظرف يضع الاتحاد الأوروبي أمام مسؤولياته لدعم بلادنا للنهوض بسياسة تطوير وتجهيز ورقمنة جميع منافذ البلد، وضبط المعابر وتكوين المصادر البشرية اللازمة لحماية الحدود.
كذلك فإن حصول بلادنا على دعم أوروبي بقيمة ما يربو على 500 مليون يورو لم تأت ثمنا لتوطين المهاجرين كما يروج المرجفون بل جاء كحق مكتسب ومساهمة أوروبية بعد سنوات من الجهود الوطنية للتصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية، وحسب ما تمليه شراكتنا مع الاتحاد الأوروبي في جملة من البرامج الاقتصادية التنموية منها الاستثمار في المشروع الموريتاني لإنتاج الهيدروجين الأخضر، كما تتضمن مساهمة أوروبية في دعم التنمية والشباب من خلال التكوين وتعزيز الصمود.