إن حساسية وخطورة الوضع الدولي والإقليمي تجعل من سياسة الوئام السياسي التي كرسها فخامة رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني خيارا موفقا ومطلبا ملحا تمليه الظروف وتبرره رزمة التحديات التي يواجهها البلد أنذاك بحكم موقعه الجيوسياسي وتفرضها طبيعة التعامل مع الأحداث الدولية والإقليمية المتسارعة والتي يوجهها رأس المال وتتحكم في مآلاتها القوة العظمى .
فلا بد إذن من التعامل بحذر مع كل المستجدات والقرارات وتنقيتها من كل ما من شأنه أن يحرك الساحة ويوجهها نحو الإتجاه المخالف للإرادة السياسية للبلد والأمر متروك هنا للقيادة العليا البلد ؛ ومؤتمنة على اتخاذ ماتراه مناسبا بوصفها أدرى بالتفاصيل.
إلا أن كل ذلك لايبرر عدم وجود معارضة نشطة تعيد للديمقراطية ألقها وحيويتها معارضة جادة في طرحها ؛ وطنية في آلياتها ؛ عقلانية في مطالبها ؛ تجسد نبض الشارع ؛ وتوجه البوصلة عند انحراف النظام عن المسار الصحيح ؛ بالتنبيه والإرشاد والنقد الجاد وفقا لمشروع سياسي واعد ينبغي أن يكون مبناه موروثنا الثقافي والروحي ومقاومتنا المجيدة والتي يمكن أن تشكل نقطة تلاق بين مكونات الشعب برمته وتمحي في كنفها الفوارق الإجتماعية ويعم السلام ويعلو صوت الإنجازات والتضحيات الجسام.
وليست الإنتخابات الرئاسية القادمة 2024 إلا فرصة حاسمة ومفصلية للأغلبية الداعمة لفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني و لمعارضة متشرذمة ومقطعة الأوصال لكي تنتخب رئيسا للجمهورية.
فأحزاب الأغلبية قالت كلمتها الفصل والتي مفادها ضرورة ترشيح الرئيس الحالي لمأمورية ثانية بالإضافة لمبادرات من هنا وهناك تسعى لنفس الهدف.
أما المعارضة فلسان حالها هوالبحث الجاد عن مرشح توافقي يوحد صفوفها و تلتف حوله .
ويبرز خيار ثالث مطرو ح بشدة إذ يتوقع أصحابه ظهور اسم جديد بمواصفات خاصة ؛ تجوز تسميته ب : السياسي المتصوف ؛ مهتم بالشأن الوطني له قابلية استقطاب أكبر كم من القواعد الشعبية وله عمق اجتماعي وروحي ونضالي يخوله اقناع الراي العام ويتمتع بروح رياضية تتقبل الفشل كتقبلها للنجاح ؛بمعنى أن يكون بلبوس مغاير للمألوف وبنسوب مرتفع من المواطنة يوجه أفكاره صوب البناء والنماء والتميز؛ ذلك أن سمات من هذا النوع ستجعل منه منافسا حقيقيا وتؤسس لديمقراطية هادئة لا غالب فيهاولامغلوب يعود ريعها على الجميع
ومن نافلة القول أن من حسن حظ النظام أن تتم الممارسة السياسيةعلى هذا النسق ووفق آليات حضارية ومنافسة شريفة تلبي تطلعات الرأي العام وتخدم التنمية الشاملة للبلد؛وتعكس للمراقب الخارجي رقي الشعب الموريتاني ومدنيته في تعاطيه مع الشأن السياسي .
ونحن إذ نستعد لإنتخابات رئاسية على الأبواب ؛ ليحدونا الامل الكبير أن تتم على نحو يقنع الجميع ويلبي مطامحه ؛ وصمام أمان في وجه من يريد المزايدة والإستهتار بهذا الوطن المعطاء.
وإلى غاية إكتمال الصورة تبقى الآمال معلقة على النخب والفاعلين في المشهد السياسي وصناع القرار في إقتراح اسماء المرشحين للرئاسيات القادمة.