تعيش المنطقة منذ فترة على وقع ارهاصات لتشكل محاور جديدة، انطلاقا من موجة التحولات السياسية التي تعيش على وقعها بفعل نزيف الانقلابات العسكرية. وجاءت أزمة النيجر لتفتح سجلا جديدا في التحالفات والتقاربات خاصة بعد تلويح المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (سيدياو) بالتدخل العسكري لإفشال الانقلاب، وهو تهديد سرعان مارد عليه قادة مالي وبركينا فاسو بالجاهزية للدفاع عن النيجر عسكريا. ليتطور التقارب بين الدول الثلاثة الي اعلان تحالف جديد لدول الساحل.
كسر جدار العزلة
تقف خلف ميلاد هذا التحالف عدة أهداف وخلفيات، لعل على رأسها كسر حاجز العزلة التي تواجهه البلدان الثلاث بفعل العقوبات المفروضة عليها من طرف "سيدياو"، فضغط العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية والسياسية ولٌد لدى هذه الدول الحاجة لوجود روابط خاصة تخفف من ضغط العقوبات، وذلك من خلال تنشيط الحركة التجارية البينية، وتفعيل التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات المتصلة بالإرهاب في المنطقة.
شهادة وفاة الدول "الخمس" بالساحل
يشكل أيضا التحالف الجديد كتابة شهادة وفاة لمجموعة الدول "الخمس" بالساحل، فهو يضم بلدين (النيجر وبركينا فاسو) من أصل الدول الأربعة المتبقية في المجموعة بعد انسحاب مالي عنها، ولا يتوقع مستقبلا أن تتمكن موريتانيا، التي تتولى الرئاسة الدورية للمجموعة، من مواصلة الترويج لهذه المجموعة على ضوء الموقف الموريتاني السلبي من الانقلاب الأخير في النيجر، وهو موقف كان منحازا للرئيس المطاح به.
أول تحالف محسوب على روسيا في افريقيا
مع أن علاقة قادة الانقلاب في النيجر بروسيا ليست واضحة لحد الساعة، إلا أنه من الإمكان اعتبار أن التحالف الجديد يعتبر أول مولود إقليمي في القارة يضم دولتين رئيسيتين (مالي وبركينا فاسو) لديهما ميول قوي تجاه روسيا، ويتوقع أن يكون التحالف نواة في المستقبل للدول الافريقية الحليفة لروسيا إذا اتسعت دائرة المنخرطين في محور روسيا بالمنطقة.