إن الحضور العسكري الروسي في المنطقة أصبح حقيقة لا يمكن تجاهلها، شئنا ذلك أم أبينا، ومن المحتمل أن يتمدد هذا الحضور في ظل السخط المتنامي لدى بعض الشعوب الإفريقية ضد فرنسا، وضد كل ما له صلة بها.
المقلق في الأمر هو أن هناك إرهاصات لتشكيل حلف روسي في المنطقة، وهو ما قد ينذر بصراع نفوذ مع حلف الناتو في المنطقة، وقد بدأت بوادر تشكيل حلف روسي في المنطقة تظهر، وذلك من خلال رفع الأعلام الروسية والمالية والبوركينابية في مظاهرة نظمها بعض مؤيدي الانقلاب في النيجر.
خلاصة القول في هذه الفقرة: من المهم تعزيز العلاقات مع الروس، إن لم يكن من الأجل الاستفادة اقتصاديا أو عسكريا من هذا البلد، فعلى الأقل لضمان تجنب شره.
نعم لطمأنة الغرب
كما قلنا سابقا فإن الالتفات شرقا لا يعني إدارة الظهر للغرب، ولذا فقد كان من المهم أن يزور فخامة رئيس الجمهورية فرنسا بعد زيارته للصين، ومن شأن تلك الزيارة أن تبعث برسائل طمأنة للغرب مفادها أن تعزيز العلاقات مع الصين أو الروس لن يكون على حساب العلاقات مع الغرب.
لقد بدأت علاقاتنا مع الغرب تتعزز في السنوات الأخيرة، ولعل من الدلائل التي يمكن تقديمها في هذا السياق تصنيف موريتانيا في التقرير السنوي الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية حول أوضاع الاتجار بالبشر لسنة 2022، تصنيفها ضمن قائمة "بلدان المستوى الثاني بدون مراقبة"، وهو ما سيسمح لبلادنا بالمبادلات التجارية مع الولايات المتحدة، والحصول على التمويلات منها.
يُدرك الغرب أهمية بناء علاقات قوية مع موريتانيا (البلد الوحيد المستقر أمنيا وسياسيا في منطقة الساحل)، وندرك نحن في موريتانيا أهمية الحفاظ على علاقتنا بالغرب، وسيبقى هذا الوعي المتبادل بأهمية تلك العلاقات هو الضامن الوحيد لتعزيزها وتقويتها.
وتبقى كلمة أخيرة موجهة إلى فرنسا
على فرنسا أن تُدرك بأن العالم من حولها يتغير، وأن نفوذها في تراجع، وأن السخط الشعبي ضدها يتصاعد بوتيرة كبيرة في المنطقة، ولذا فقد أصبح لزاما عليها أن تتوقف عن ممارسة سياستها الاستعمارية، وفرض لغتها وقيمها على دول ذات سيادة، فالاستمرار في ذلك لن يؤدي إلا لمزيد من السخط، وربما إلى مزيد من ارتماء بعض مستعمراتها القديمة في أحضان الروس نكاية بها.
لقد أصبح هناك من يقول متهكما بأن الدول الفقيرة التي تقيم علاقات مع الصين ستحصل على مشاريع في البنية التحتية، والدول الفقيرة التي تقيم علاقات مع الروس ستجد دعما عسكريا، أما الدول الفقيرة التي تقيم علاقات مع فرنسا فلن تجد إلا الترويج للشذوذ الجنسي، والمطالبة بالخروج عن الفطرة البشرية السلي
مة.
حفظ الله موريتانيا..