قراءة سريعة في نتائج انتخابات مايو / محمد ينجح دهاه

جمعة, 02/06/2023 - 16:53

اكتملت انتخابات مايو 2023 في جو من الهدوء والسكينة لم تشهد الساحة السياسية مثله منذ ميلاد ديمقراطيتنا الفتية التي بالكاد تجاوز عمرها ثلاثة عقود من الزمن.

وأعلنت النتائج المؤقتة للشوطين الأول والثاني من طرف رئيس اللجنة المستقلة للانتخابات، وبدأ سريان مفعول الآجال القانونية للطعون.

ورغم الاستياء الكبير الذي عبرت عنه بعض الأطراف المتنافسة في وسائل الإعلام المحلية والدولية وعبر منصات التواصل الاجتماعي، لم نسمع حتى الآن عن تقديم أدلة ملموسة يمكن الاحتجاج بها على مصداقية هذه الانتخابات التي لم تخل نتائجها -كأي سباق تنافسي - من وجود فائزين وغيرهم.

ولكن المفاجأة الكبرى للرأي العام الوطني هي خروج أحزاب كانت في مقدمة الركب بنتائج مخيبة لآمال قادتها، في مقابل دخول تشكيلات سياسية حديثة النشاة على خط المنافسة بوسائل وأساليب جديدة قدمت من خلالها نفسها للشعب الموريتاني الذي فقدت فئات واسعة منه خيوط الثقة التي كانت تربطها ببعض السياسيين والحقوقيين بعد تجارب متعددة لم يستطيعوا خلالها تطوير خطابهم ولا أسلوب ممارستهم للسياسية، ولاحتى بناء جسور صلة دائمة بقواعدهم الشعبية تستطيع مسايرة الركب في عصر تتغير فيه بوصلة الاهتمامات متأثرة بأحداث تدور في أقصى نقطة من العالم.

 

وفي هذا السياق يمكن الاستئناس بالنتائج المبهرة التي حققتها بعض التشكيلات حديثة النشاة مثل تحالف (جود) الذي استطاع أن يجمع تحت رايته مرشحين لهم خبرة سابقة في العمل السياسي داخل احزاب كبرى والاستفادة من تجربتهم وخبرتهم في العمل الميداني من أجل الحصول على مقاعد برلمانية وهو ما تحقق بالفعل، ولعل هذه الملاحظة تفسر فقدان بعض هذه الاحزاب لتمثيلها البرلماني لحساب مناضليها السابقين الذين غادروها بحثا عن أرضية تناسبهم بعد أن ضاق بعضهم ذرعا بآلية تسيير الامور داخلها حسب تصريحات بعضهم في وسائل الإعلام.

وأما تحميل اللجنة المستقلة للانتخابات مسؤولية عدم الحصول على مكاسب انتخابية فهو أسلوب لا يليق بالنخبة التي عينت بطريقة توافقية ممثيلها في هذه اللجنة بناء على معرفتها السابقة بهم وتزكيتها لكفاءتهم، وأشرفت على تنصيبهم وتشاركت معهم التحضير لهذه الانتخابات في جميع مراحله ولم نسمع منها اعتراضا قبل الإعلان عن النتائج 

ولا شك أن الطبقة السياسية الموريتانية اليوم معارضة وموالاة تحتاج لوقفة تأمل تستفيد فيها من تجربة هذه الانتخابات وما تضمنته نتائجها من نذر تحول سياسي وفكري طالما راهنت عليه الأحزاب "المؤدلجة" وغرسته في نفوس مناضليها وخاصة من فئة الشباب الذين تراهم يتفاعلون مع أحداث تقع خارج الوطن تحليلا وتعليقا وتعاطفا وينسون تحت تأثير أفراحها وأحزانها أن لهم وطنا يستحق عليهم التضحية من أجله والسعي لتنميته والحفاظ على أمنه ووحدة شعبه وحماية حوزته الترابية. 

وخلاصة القول في الموضوع أن الوقت اليوم قد حان لتعمل طبقتنا السياسية من أجل وضع ميثاق وطني تطرح فيه نخبتنا رؤية واضحة للمشاركة في الشان العام وتقدم مصلحة الوطن على المصالح الضيقة، وتخرج من معمعة العزف على وجود مشاكل تعيق تقدم بلدنا واستفادة شعبه من مقدراته الكبيرة وتتجاوز إلى اقتراح الحلول والإسهام في تطبيقها على ارض الواقع، وبدون ذلك لن يتغير أي شيء فجواب الكلام بالكلام لن يغير من الواقع شيئا والفعل لا يحتاج إلى قول لأنه يتحدث عن نفسه ضمن ضوابط الأزمنة الثلاثة المعروفة عند النحويين.

 

 

تابعنا على فيسبوك