طغيان المادة وأثرها على المجتمع / محمد سالم حبيب

أحد, 29/01/2023 - 13:05

يعيش المجتمع الموريتاني البدوي منذ فترة تحولات على جبهات عدة، ولعل من بين تلك التحولات نظرة المجتمع الموريتاتي الحديث للآخر، من حيث التقدير والمكانة.

 

وفي عالمنا اليوم يتضح بجلاء أن المكانة ومستوى التقدير لأي كان في الوقت الراهن، تتناسب طردا مع البعد المادي، أو يكفي القول بإن تلك النظرة إمّعة ( تميل مع البعد المادي حيث مال) عكس ما كان سائدا، على اعتبار أن ذلك البعد كان مجرد بعد من أبعاد أخرى متعددة وفي أزمنة خلت. 

 

 

 

والأدهى من ذلك والأمر أن مثل هذه القناعة والحقيقة المرة؛ شجع كثيرا على الانتقال والهجرة للعبور إلى "الضفة الأخرى للثراء" والحرص على أن تمخر سفن أغلبنا نحوها للوصول إليها بأقصر الطرق وأقل جهد ووقت (كما يقول المربون)،

 

مهما اعترضه من مطبات وأمواه وجه وأمواج خطر وانعكاس ضريبة كل ذلك على المجتمع والوطن.

 

 

 

فتبدأ حينئذ "رحلة التيه" والملاحة ضد التيار في طقس غير ملائم محفوف بالمخاطر، بدءا بالاستعداد لتسلق الحائط وليس انتهاء بتجاوز كل الخطوط الحمر من قيّم مجتمعية وسلوكيات ضارة من تعدٍّ على المال العام وغياب الشفافية وإسناد الأمر لغير أهله وانتشار ظاهرة "المهرجين" والانحرافات السلوكية بمختلف أنواعها، سبيلا للوصول إلى الهدف المنشود والموعود وبرّ أمانهم حسب زعمهم.

 

 

 

إن تغير القيّم ونظرة المجتمع والكثير من مسلكياته المسيطرة والمضرة ببناء الوطن وتماسك مجتمعه استفحلت - للأسف- في الآونة الأخيرة وبدأت تستقطب الكثير - إلا من رحم ربك - بمن فيهم بعض أولئك الذين سئموا تغيير الواقع وحرصوا في كل مرّة على العضّ على القيّم بالنواجذ ما أمكن - وتلك كارثة أخرى - بدافع قوة المجتمع ومغريات الحياة اللذيْن كان لهما حضورهما وتأثيرهما وكلمتهما الأولى، مما فاقم من حجم الظاهرة وجعلها تشهد إقبالا شعبيا منقطع النظير.

 

 

 

إننا مدعوون الآن قبل أي وقت مضى إلى انتهاج مقاربة للحدّ من هذه النظرة القاصرة وهذا الواقع المرّ الذي نعيشه على كافة الصعد ومعالجته وإحداث تغييرات جذرية من شأنها صقل منظومتنا القيمية، وإزالة ما شابها من أدران ومسلكيات ضارة، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، من حيف اجتماعي، وسوء تسيير، وبطالة شردت آلاف الشباب، دفعت بهم لنزيف هجرة سيكون لها وقعها على البلد إن عاجلا أو آجلا.

 

 

 

إن تنمية روح المواطنة ونشر الوعي بمختلف أنواعه، لتفادي نذر مستقبل قاتم - دققنا ناقوس خطره في كل إطلالة وقبل فوات الأوان - بات أمرا ملحا للقضاء على مثل هذه الظواهر.

 

ولعل ترياق كل ذلك وأنجع نهج للوصول إليه يمر بطريق وحيد؛ هو التعليم والتعليم فقط.

 

إنه التعليم الذي وضُحت معالم غاياته ومراميه ومناهج مصاحبة حققت جميعُها أهدافَها المنشودة والمتوخاة

تابعنا على فيسبوك