يُعَدُّ حزب "تواصل" من أكثر الأحزاب الموريتانية إثارة للجدل والاهتمام. ورغم أن هذا الحزب حُظِيَّ منذ نشأته بكتابات كثيرة، إلا أن تلك الكتابات لم تستطع في مجملها أن تقدم للقراء صورة دقيقة عن الحزب، ويعود ذلك إلى أن بعض تلك الكتابات كتبه تواصليون من داخل البيت التواصلي، فغفل بعضهم، و تغافل البعض الآخر، عن نقاط ضعف الحزب. أما بعضها الآخر فقد كتبه خصوم لتواصل، تعمدوا إهمال نقاط قوة الحزب، وركزوا في كتاباتهم على نقاط ضعفه، وضخموها كثيرا، لخلاف إيديولوجي، أو مزاجي حتى، فجاءت كتاباتهم غير منصفة على الإطلاق، وظلت بعيدة ـ كل البعد ـ عن الدقة و الموضوعية.
وبعيدا عن هؤلاء وأولئك فسأحاول في هذا المقال أن أكون موضوعيا ومحايدا قدر المستطاع، وأن أنظر من وراء ثقب الباب إلى داخل البيت التواصلي بعينين، ستركز إحداهما على نقاط قوة الحزب، بينما تركز الثانية على نقاط ضعفه، عسى أن تساعدني تلك النظرة المتوازنة (والتي لا أريد أن يتم تفسيرها أمنيا لأنها من وراء ثقب الباب) على تقديم حقيقة هذا الحزب إلى القراء الكرام، والذين طلب مني بعضهم، ومنذ مدة، أن أخصص مقالا لأداء حزب "تواصل"، وألح في طلبه ذلك، فكان هذا المقال.
(.......)
تواصل" واللغة العربية
لقد قَصَّر حزب "تواصل" منذ تأسيسه في الدفاع عن اللغة العربية، وغاب التنديد بتهميش اللغة العربية في الدوائر الرسمية عن لائحة القضايا والهموم التي تُشغل بال التواصليين، والتي يدافعون عنها بشكل يومي. كما غاب التنديد بتهميش اللغة العربية عن الكتابات المحسوبة على هذا الحزب.
ومن اللافت أن نواب "تواصل" الذين طرحوا أسئلة شفهية كثيرة في قضايا متعددة، لم يفكروا في طرح سؤال شفهي واحد عن اللغة العربية. وكان السؤال الوحيد الذي طُرح لصالح اللغة العربية قد تم طرحه من طرف أحد نواب الأغلبية، وهو ما يعكس تقصيرا صريحا في حق اللغة العربية من طرف نواب المعارضة عموما، ومن نواب "تواصل" خصوصا.
ومن المؤسف حقا أن تقصير التواصليين في حق اللغة العربية لا يتعلق فقط بعدم التحمس للدفاع عنها، لحسابات سياسية آنية، بل أصبح يمتد للوقوف ـ ربما بغير قصد ـ أمام أي محاولة رسمية لإعادة الاعتبار لهذه اللغة بحجج غير مقنعة.
ختاما
من الوارد جدا أن يحقق حزب "تواصل" ـ في الاستحقاقات القادمة ـ نتائج انتخابية أفضل من كل النتائج التي حققها في الاستحقاقات السابقة، ودون الحاجة للقيام بأي مراجعات، ولا لأي إصلاحات من أي نوع. فتحقيق نتائج انتخابية أفضل قد يتحقق بشكل تلقائي، في أي منافسة قادمة، يخوضها حزب "تواصل" نظرا للضعف الهيكلي الذي تعاني منه كل الأحزاب السياسية الموجودة. ولكن سيظل دائما هناك فرق كبير جدا، بين طعم النجاح الذي نحققه لعوامل ذاتية نمتلكها، وطعم النجاح الذي نحققه نتيجة لعوامل الفشل الموجودة لدى منافسينا أو خصومنا، إن كان أصلا لذلك النوع من النجاح طعم يمكن تذوقه.
تصبحون على فوز انتخابي مستحق....
ــــــ
*هذا المقال كنتُ قد نشرته قبل أكثر من عقد من الزمن من الآن، وتحديدا في يوم 29 فبراير 2012، يوما واحدا قبل مؤتمر حزب تواصل الثاني. واليوم أعيد نشر فقرات قليلة منه دون أي تعديل، يوما واحدا قبل المؤتمر الرابع للحزب، وقد أبقيت الفقرة الخاصة باللغة العربية في هذه الإعادة، وذلك لاعتقادي بأن طرحها من جديد على مؤتمري حزب تواصل ما زال مطلوبا، بل وضروريا . ثم إني كنتُ قد قررت في وقت سابق أن أخصص كل هذا الشهر للكتابة عن اللغة العربية والمطالبة بالتمكين لها في هذه البلاد، وقد زاد هذا القرار من وجاهة إعادة تذكير التواصليين في مؤتمرهم الرابع بأهمية أن يراجع حزبهم موقفه من اللغة العربية.
حفظ الله موريتانيا...
محمد الأمين الفاضل