راءة في خطاب الاستقلال / محمد عالى ولد العبادى

جمعة, 02/12/2022 - 15:57

ترسيخ الوحدة الوطنية من خلال محاربة الغبن والهشاشة:

 

قرأت خطاب رئيس الجمهورية بمناسبة عيد الاستقلال، وقد هالنى ما حمل من انجازات أعلن عنها بالأرقام وشملت كافة جوانب الحياة في البلد: اقتصادية واجتماعية وصحية وثقافية....إلخ، وهي أرقام لا يمكن أن تأتي من فراغ، والتشكيك فيها يحتاج إلى بينة وحجج علمية لنفيها.

 

صحيح أن الخطاب الديماغوجي، والعجز في بعض الأحيان عن تسويق المنجز إعلاميا، والارتهان لما يفرزه فضاء مارك - بما يحمله من غث وسمين وهو الأقل- جعل الكثيرين رهائن لما ينشر فيه، بل أعمى بعضهم عن قراءة الخطاب قبل التعليق عليه.

 

لقد عبر الرئيس في بداية الخطاب عن فهم عميق لأولويات البناء والتنمية الوطنية في البلد وضرورة التكامل، فلم يغمط من سبقوه حقهم في البناء، بل أشاد بمساهماتهم، من خلال إبراز ضرورة التلاحم القوي بين جميع مكونات وشرائح الوطن لتحقيق الاستقلال الذي نخلد ذكراه اليوم، كما أشاد بدور القوات المسلحة للذود عن الوطن وتوفير الأمن لمواطنيه. موجها "التحية، إلى كل الأجيال، التي تعاقبت على تأسيس، وتشييد، الدولة الموريتانية الحديثة".

 

منطلقا من أن ترسيخ الوحدة الوطنية هو "الركيزة الأهم لبقاء أي دولة والرافعة التنموية فيها، " فسيادة الدول والشعوب- يوضح- لا تترسخ، ولا تستديم، إلا على قدر متانة وحدتها الوطنية".

 

"فالوحدة الوطنية، هي أساس الاستقرار والنماء، وهي الحصن الحصين، في وجه سائر التحديات. مبرزا أنه جعل" من العمل على تقويتها، هدفا مركزيا، في كافة سياساتنا العمومية".

 

شارحا في الخطاب ماتم اتخاذه من خطوات لتحقيق هذا الهدف، والذي يبدأ "بتصحيح ميزان العدالة التوزيعية للثروة، لما له من بالغ الأهمية، في تقوية الوحدة الوطنية، واللحمة الاجتماعية، والتأسيس لتنمية شاملة، والتركيز منذ الوهلة الأولى، على مكافحة الإقصاء، والتهميش، والفقر، والهشاشة".

 

فالانطلاق من هذا المبدأ هو الأساس لأية تنمية، فما فائدة المشاريع الوطنية إذا لم ينطلق تنفيذها من مقاربة صحيحة توازى بين الحاضر والمستقبل، من خلال تقوية اللحمة الوطنية.

 

وقد كانت جميع الانجازات التي أعلن عنها الخطاب تصب في نفس الهدف، ونذكر منها على وجه الخصوص:

 

 الإعلان عن التأمين الصحي الشامل ل100000 أسرة، وبرنامج لمحاربة سوء تغذية الأطفال، وإطلاق آلاف المشاريع المدرة للدخل، واستفادة آلاف الأسر من الإعانات النقدية.

 

• تأمين مجانية بعض الخدمات الصحية لكافة المواطنين على امتداد التراب الوطني، كمجانية الحجز والأدوية بالإنعاش والحالات المستعجلة، ومجانية النقل الطبي بين الوحدات الصحية ونقل المصابين بحوادث السير والكلفة الجزافية للنساء الحوامل وتكاليف علاج مرضى الغسيل الكلوي.....إلخ

 

ينضاف لذلك زيادة الرواتب لجميع الأسلاك ب20 ألف أوقية، ورفع الحد الأدنى للأجور ب50 في المائة وزيادة الاعانات في صندوق الضمان الاجتماعي العائلية ب66 في المائة ، وهي إجراءات ملموسة لا يمكن إنكارها، وقد استفادت منها الفئات الهشة التي كانت مربط الفرس والهدف لمعالجة الغبن والحيف وتقوية اللحمة الوطنية.

 

فصل السلطات وإصلاح القضاء

 

وقد أعلن الرئيس في خطابه عن الفصل بين السلطات: التنفيذية والتشريعية والقضائية.

 

ولأن العدل كما يقولون أساس الملك ، وهو الذى يحمى الضعيف من سطوة القوي، فقد أبرز الرئيس:" العمل على عصرنة النظام القضائي، وتعزيز استقلاليته، وتحسين ظروف عمل القضاة، وإصلاح وضعياتهم القانونية، وإعادة تنظيم مسارهم المهني. وتوفير التكوين، وتحسين الخبرة، لمئات العاملين في هذا القطاع. واستحداث المساعدة القضائية وتعميمها، بفتح مكاتب بهذا الشأن، في جميع ولايات الوطن". وتبرز هذه النقطة أهمية الجانب الاجتماعي لدى رئيس الجمهورية وجنوحه لمساعدة الضعفاء، إذ أن استحداث المساعدة القضائية تصب في مصلحة المواطن الضعيف من خلال إسناده للحصول على حقه.

 

التشاور والحوار

 

و لأن حوار الطرشان والانسداد السياسي، كان السبب في انهيار الكثير من البلدان، والانزلاق بها إلى الحرب الأهلية، ومن أجل تعزيز الوحدة الوطنية وتجنيب البلاد الهزات، شجع رئيس الجمهورية مبدأ الحوار بين الفرقاء السياسيين من أجل تهدئة المناخ السياسي، وقد أفضى ذلك إلى التشاور السياسي ما بين الأحزاب السياسية ووزارة الداخلية من أجل طرح خارطة طريق لتنظيم الانتخابات التشريعية والجهوية والبلدية، وهو ما أفضى إلى تشكيل اللجنة المستقلة للانتخابات بصورة توافقية.

 

هذا وتحدث الخطاب ، عن مشاريع التشغيل، والبنية التحتية والصيد، والسياسة الخارجية، والزراعة والتنمية الحيوانية والاقتصاد، وهي محاور تحتاج لقراءات متأنية لإطلاع المواطن على ما تحقق فيها خلال السنوات الثلاث الماضية، رغم جائحة كورونا وحرب أكرانيا التي شلت الاقتصاد العالمي.

 

وأختم هنا بهذه الفقرة من الخطاب:"وعلى الرغم من ذلك، فقد استطعنا، أن نحقق نموا اقتصاديا في حدود 5.3% برسم سنة 2022، وما ذاك إلا بحول الله وقوته، ثم بفضل محافظتنا على سياسة نقدية، تعزز الانتعاش الاقتصادي، وتسييرنا المحكم لسعر الصرف، والاحتياطات، وتعاملنا الناجع مع المديونية التي كان مستواها، البالغ الارتفاع، يرهق اقتصادنا ويعيق، على نحو شبه كامل، قدرتنا على النفاذ الى التمويلات الأجنبية".

تابعنا على فيسبوك