تكرار قصف الطائرات المسيرة المغربية القادمة من خلف الجدار العازل بالصحراء الغربية لمدنيين موريتانيين عزّل على أراضٍ صحراوية أمر يقتضي التنبيه إلى أنه من الصعب لجم الساكنة في جانبي خط الحدود الموريتانية الصحراوية وإلزامها بحدود لا توجد لها معالم ولا إشارات تحددها، وقد ظلت بالنسبة لهم مجرد خطوط وهمية تفصل الأخ عن أخيه، وبين مجموعات بدوية متداخلة ديدنها الترحال المستمر وقد زادتها فيه ظروف الحرب والتشريد، وعلى أراض تعتبر دوليا تحت إدارة المينيرسو وصحراويا مناطق صحراوية محررة، وليس بها أي تواجد مغربي يمكن أن يشكل عليه وجود مدنيين موريتانيين خطرا من أي نوع، رغم ذلك فإننا إذ نترحم ونتألم لأرواح أزهقت دون ذنب، لا نشجع المدنيين الموريتانيين على الدخول مطلقا إلى المنطقة مهما كانت دوافعهم، بل وندعوهم إلى التوقف واحترام خط الحدود الموريتانية الصحراوية واعتبار أي عبور له هو عبور إلى منطقة شديدة الخطر، لكننا مع ذلك نستغرب كون هذه الطائرات المسيرة التي تستهدف المدنيين الموريتانيين دون إنذار ولا رحمة، بينما لا نسمع لها ركزا في مواجهة قواعد جبهة البوليساريو ووحداتها المقاتلة والمنتشرة في طول المنطقة وعرضها من زوگ، الدوگج، ميجك، گلتة الزمور، آمگاله، مهيرس، تفاريتي، بير لحلو وحتى على الأراضي الجزائرية وانطلاقا منها، والتي تقوم بعمليات عسكرية نوعية وشبه يومية على طول الجدار كبدت الجيش المغربي بالصحراء الغربية خسائر كبيرة في جلها.
ومع أننا ندرك قدرة الجيش المغربي لوجستيا على التمييز بين الأهداف المدنية وتلك العسكرية، لذلك فحين يستخدم القوة ضد مدنيين مسالمين فإن عليه تبرير ذلك في بياناته وتقديم دوافعه وأسبابه علنا وأقل القليل من اعتذاراته التي لن تعيد ميتا ولن تواسي جريحا، خاصة إذا ما تعلق الأمر بعمليات متكررة أوشكت أن تصبح سلوكا اعتياديا للقوات المغربية المتواجدة بالصحراء الغربية.
أخيرًا فإن استرخاص الدم الموريتاني أمر لا يجوز السكوت عليه، وبلادنا قادرة وبكل الطرق على حماية أبنائها، وإراقة الدماء لن تكون الطريقة المثلى لفرض سياسات الأمر الواقع.