الطريق الشاق إلى بير الله.. نهاية النفق / سيد أحمد ابوه ‏

جمعة, 23/09/2022 - 08:44

مبشر جدا ما تم إعلانه أمس في مجلس الوزراء بخصوص بيان وزير البترول والمعادن والطاقة المتعلق بترخيص توقيع عقد استكشاف – انتاج مع شركة بريتيش بتروليوم على مقطع بحري عميق من الحوض الساحلي. الأمر هنا يتعلق بحقل بير الله.

 

بعد تأكد وجود مخزونات هائلة من الغاز الطبيعي بحقل بئر الله والواقع في الجزء الشمالي من المقطع C8 بعيدا والحمد لله عن المنطقة الحدودية البحرية مع الجار الجنوبي وبعد الإعلان الرسمي عن هذا الاكتشاف سنة 2019 والذي تقدر مخزوناته ب 50 اتريليون قدم مكعب أي أكثر من ثلاثة أضعاف حقل السلحفاة آحميم المشترك مع السينغال وحصول الشركات على رخصة استغلال انطلقت مشاورات معقدة بين الشركات BP و Kosmos لحشد التمويلات وفق آلية جديدة تحددها حصص رأس المال في الشراكة المتوقعة ولكن وبعد مضي ثلاث سنوات لم يطرأ أي جديد وأصبحت استفادتنا من ثروتنا رهينة بمآل مشاورات ومناورات لا أفق لها بين شركات أجنبية وممولين كبار والحال أن موريتانيا لعبت هذه المرة بذكاء ورقة ضغط حاسمة كانت بحوزتها حيث أنه في شهر يونيو الماضي انتهى آخر أجل تعاقدي لتمديد الرخص الناشئة عن عقد الاستكشاف-الإنتاج الموقع 2012 مع شركة Kosmos وبالتالي كان من مصلحة موريتانيا أن واجهت الشركات بصرامة في هذا الموعد بالطلب منها إما أخذ المشروع بجدية وفق برنامج استكشاف عملي يتم تحديد القرار النهائي للاستثمار بشأنه في نهاية فترة معقولة أو التخلي نهائيا عنه وستتسابق الشركات العالمية للاستثمار به مدفوعة بهاجس عدم اليقين لاستمرارية التزود بموارد الطاقة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

 

تلتزم شركة BP بموجب الإطار التعاقدي الجديد المقترح بمرحلة استكشاف ستنتهي خلال سنة 2024 ليتم وقتها بلوغ قرار الاستثمار النهائي مطلع 2025 وهو القرار الذي سيحدد فترة وكلفة ومراحل التطوير وفق معطيات الاستكشاف وواقع حشد التمويل وهو ما يجعلنا نأمل بداية الانتاج الفعلي من بير الله في سنة 2030 على أقصى تقدير وستساعد مداخيلنا من حقل السلحفاة-آحميم في تمكننا من تحرير جزء مهم من مساهمتنا المالية في بير الله حين نصل مرحلة التطوير وهي مساهمة لن تقل عن ستة مليارات من الدولار في أدنى تقدير أي 65% من ناتجنا الداخلي الخام لسنة 2021, كما ستجني الدولة بموجب الاتفاق الجديد مداخيل مهمة برسم منحة التوقيع والإتاوات المساحية وغيرها من المداخيل الجبائية ويظل هذا السيناريو رهينا بفرضية أن تسير الأمور كما كان متوقعا وأن يتم تجاوز العثرات الحالية حول المرحلتين الثانية والثالثة من خطة تطوير حقل السلحفاة (القرار النهائي للمرحلة الثانية متوقع مبدئيا خلال الأسبوعين القادمين ما سيضاعف الانتاج حين يبدأ نهاية العام القادم من 2,5 مليون طن إلى 5 مليون طن من الغاز في أفق 2026 في حين لا يزال الغموض يلف القرار النهائي للمرحلة الثالثة).

 

من المهم جدا الاستثمار في العلاقة مع شريكنا الاستراتيجي BP وقد تحصلنا الآن بفضل التأطير على مستوى القرار السياسي ونجاعة التفاوض على حصة مشرفة (29%) تزيد على ضعف ما كانت تتيحه عقودنا السابقة (14%) ومن المهم أكثر أن نفهم كموريتانيين أن الشراكة الناجعة مع أي مستثمر أجنبي لا تُدار بمنطق الغالب والمغلوب بل بمنطق الرابح والرابح (A win-win deal) فحاجتنا لشريكنا في بير الله لا تحتاج إلى إثبات فلا نحن نملك التمويلات الهائلة المطلوبة ولا نحن نملك التكنولوجيا المعقدة للاستكشاف والاستخراج كما أن حاجة شريكنا لنا ولمواردنا لا تحتاج هي الأخرى إلى إثبات في عالم يعاني اضطرابات غير مسبوقة في سوق الطاقة.

 

غد البلاد سيكون بحول الله أفضل من حاضرها ومن المهم مضاعفة الجهود قبل ولوج عصر الغاز لحل الإشكالات البنيوية في الحكامة والإدارة والقضاء فحينها وحينها فقط ستكون آمالنا وطموحاتنا مبنية على أسس ووقائع على الأرض وليس على مجرد أحلام كما أن الوقت قد حان ليأخذ الحوار حول التنمية وورشاتها الكبرى ومقارباتها الناجعة حيزا أكبر من اهتمامنا أو على الأقل حيزا مساويا لما تأخذه منا حوارات السياسة ومطباتها.

تابعنا على فيسبوك