لا خلاف على أن الأنظمة الحاكمة تحتاج إلى الدعم السياسي من طرف مناصريها، ويتأكد الأمر عند حلول المناسبات السياسية، وقد مرت بنا في الأيام الماضية مناسبة هامة تتعلق بالذكرى الثالثة لتنصيب رئيس الجمهورية، وقد شهدت هذه المناسبة عدة أنشطة احتفالية بعضها كان على مستوى الحدث، وبعضها الآخر لم يكن كذلك.
وتعليقا على بعض الأنشطة المخلدة لهذه الذكرى الهامة، فقد ارتأيت أن أذكر بعض الوزراء وكبار الموظفين بأهمية ترتيب الأولويات في الدعم السياسي.
إن أفضل وأهم دعاية سياسية يمكن أن يقدمها الوزراء وكبار الموظفين لفخامة رئيس الجمهورية تتمثل في:
1 ـ تأدية المهام التي كلفهم بها على أحسن وجه؛
2 ـ القرب من المواطن وتقريب الخدمة منه؛
3 ـ الابتعاد عن المال العام، وتسيير موارد الدولة بشكل شفاف.
على الوزراء وكبار الموظفين أن يعلموا أن أفضل دعاية سياسية يمكن أن يقدموها للرئيس محمد الشيخ الغزواني تتمثل في أداء المهام الموكلة إليهم على أحسن وجه، وهم إن أدوا المهام الموكلة إليهم على أحسن وجه، فإنهم بذلك يقدمون أفضل دعاية سياسية للنظام.
فمن كان منهم على رأس وزارة أو مؤسسة تتولى قطاعا إنتاجيا، فعليه أن ينشغل بزيادة الإنتاج في قطاعه في هذا الزمن العصيب الذي تكثر فيه الأزمات العالمية، والذي زادت فيه حاجتنا لاستغلال ثروتنا الحيوانية والسمكية، وأراضينا الصالحة للزراعة، وحديدنا وذهبنا وكل خيراتنا ومواردنا الأخرى، استغلالها أحسن استغلال. ومن ساهم من الوزراء والموظفين في استغلال تلك الثروات أحسن استغلال، فإنه بذلك يكون قد قدم أفضل دعاية سياسية للنظام.
ومن كان منهم على رأس وزارة أو مؤسسة خدمية، فعليه أن ينشغل بتحسين جودة تلك الخدمة وتقريبها من المواطن، وهو إن فعل ذلك يكون قد قدم أفضل دعاية سياسية للنظام.
ونفس الشيء يمكن أن يُقال عن الوزارات السيادية، وعن بقية الوزارات والمؤسسات العمومية.
ويبقى الابتعاد عن المال العام، وحسن تسيير الموارد، من أنجع وسائل الدعاية السياسية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، والذي كان قد تعهد للموريتانيين في أكثر من مناسبة بمحاربة الفساد، وبأنه لن يحمي مفسدا.
إن أي وزير أو أي موظف كبير أو صغير أدى المهام الموكلة إليه على أحسن وجه، وقرب الخدمة من المواطن، وابتعد عن المال العام، إن كل من يفعل ذلك يكون قد أدى أهم دعاية سياسية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، حتى وإن لم يحضر لأي مهرجان سياسي لحزب الإنصاف، ولا لأي مبادرة سياسية داعمة للنظام .
إن الواجب السياسي والأخلاقي للوزير أو لأي موظف آخر اتجاه الرئيس الذي عينه واختاره لمهمة محددة يتمثل في تأدية تلك المهمة على أحسن وجه، وإن وجد وقتا بعد ذلك، فيمكنه أن يخصصه للمشاركة في المهرجانات الحزبية والمبادرات السياسية الداعمة للنظام، فالمشاركة في المهرجانات والمبادرات السياسية يمكن اعتبارها مجرد نافلة تؤدى بعد الانتهاء من أداء الواجب.
إن أي وزير أو أي موظف كبير أو صغير لا يؤدي الواجب الذي كُلف به، ويبالغ من بعد ذلك في المشاركة في المهرجانات والمبادرات الداعمة للرئيس لتغطية فشله، إن من يفعل ذلك إنما يقدم دعاية سلبية ضد النظام، وهي دعاية سلبية أشد خطورة على النظام من نقد المعارضة.
مختصر القول هو أن تأدية الواجب تأتي من قبل تأدية النوافل، فمن يقيم الليل ولا يؤدي الصلوات الخمس لن يقبل منه قيام الليل، حتى ولو بات راكعا و ساجدا.
فيا أيها الوزراء، ويا كبار الموظفين : أدوا المهام التي كلفتم بها، هذا هو أول واجباتكم، وتقربوا من المواطن وقربوا الخدمة منه، وهذا هو ثاني واجباتكم، وسيروا الأموال التي تحت أيديكم بشكل شفاف، وهذا هو ثالث واجباتكم، وهو لا يقل أهمية عن الواجب الأول والثاني، وإن وجدتم بعد ذلك وقتا، فلا بأس بالمشاركة في المهرجانات الحزبية، ولا بأس كذلك في إطلاق المبادرات السياسية الداعمة، ولكن كل ذلك سيبقى مجرد نوافل على الرغم من أهميته، ومن المعلوم أن النوافل لا يمكن الانشغال بها إلا من بعد الانتهاء من تأدية الواجبات على أحسن وجه.