قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، مظاهرات إحياء ذكرى النكبة الـ 74 وأدت إلى إصابة العشرات في صفوف المتظاهرين في الخليل ورام الله وطولكرم وسط تصاعد دعوات محاسبة الاحتلال ورفض سياسات الكيل بمكيالين إزاء اللاجئين في العالم، إلى جانب رفض الحلول المجتزأة واستهداف وكالة الأونروا.
وقمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي مسيرة طلابية انطلقت في مخيم العروب شمال الخليل، إحياء للذكرى الـ 74 للنكبة. وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال المتمركزة على مدخل المخيم قمعت بقنابل الغاز والصوت مسيرة طلابية انطلقت من وسط المخيم ما أدى إلى إصابة عدد من الطلبة بحالات اختناق جرى علاجهم ميدانيا.
كما أصيب بالاختناق العشرات من طلبة جامعة فلسطين التقنية، خضوري في طولكرم، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال اندلعت في محيطها. وذكر شهود عيان أن جنود الاحتلال أطلقوا قنابل الغاز بكثافة في حرم الجامعة بعد أن وقعت مواجهات بالقرب من جدار الضم والتوسع العنصري المحاذي لها، ما أدى الى وقوع إصابات بالاختناق في صفوف الطلبة وتم علاجهم ميدانيا.
إصابة بالرصاص الحي
إلى جانب ذلك اندلعت مواجهات على مدخل رام الله الشرقي بالقرب من حاجز بيت إيل العسكري حيث بلغ عن إصابات بالاختناق وإصابة واحدة بالرصاص الحي.
وأحيا عشرات الآلاف من الشعب الفلسطيني الذكرى الـ74 للنكبة في مهرجان مركزي حاشد، نظم وسط مدينة رام الله، بمشاركة أعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير، والمركزية لحركة “فتح”، وممثلين عن المؤسسات الرسمية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني وفصائل العمل الوطني. وانتقد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتيه سياسة الكيل بمكيالين مؤكدا أنها يجب أن تنتهي من السياسة الدولية. وأضاف: “لا يعقل أن يكون هناك لاجئ ينال اهتماما من العالم، ولاجئ يهمل في العالم، هذا الأمر غير مقبول”. وطالب، في كلمته، “الأمم المتحدة اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تنفذ قراراتها المتعلقة بالشعب الفلسطيني بحق العودة، وبالقدس عاصمة دولة فلسطين، وبإنهاء الاحتلال والتمييز العنصري، هذه مسؤولية الأمم المتحدة”.
وتابع: “الحفاظ على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، كعنصر أساسي ومؤسسة تشكل الذاكرة التراكمية للشعب الفلسطيني، نحن معنيون بهذه المؤسسة ونحرص عليها مثل ما نحرص على أهلنا في الشتات”.
وقال نائب رئيس حركة “فتح” محمود العالول “إن 74 عاما مرت من التشرد واللجوء والألم والمعاناة، ولكنها أيضا كانت سنوات من الصمود، والمقاومة، والإصرار على العودة والتمسك بالحقوق لاستعادة وطننا، والثقة بالانتصار، رغم كل المراهنات على موت الكبار ونسيان الصغار”. وأضاف أن المعارك ما زالت محتدمة في القدس وفي كل مكان من فلسطين والشتات، وأن هذا هو وضع شعبنا الفلسطيني، وبعد مرور هذه السنوات الطويلة، لن تتوقف التضحيات أبدا من الشهداء والجرحى والأسرى في سجون الاحتلال الذين يواصلون نضالهم لنيل الحرية.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس دائرة شؤون اللاجئين، رئيس اللجنة الوطنية العليا لإحياء ذكرى النكبة أحمد أبو هولي، “إننا لن نقبل بالحلول المجتزأة لقضية اللاجئين”. وشدد على ضرورة الحفاظ على البعدين القانوني والسياسي للأونروا، وعلى رفض نقل أي من صلاحياتها الى منظمات أممية أخرى.
وتخللت المهرجان مجموعة من الفقرات الفنية من التراث الفلسطيني، إضافة إلى قصائد وطنية، قدمها عدد من أطفال فلسطين، في رسالة للعالم أجمع أن الصغار لا ينسون حتى لو مات الكبار.
وطالبت القوى والفعاليات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني، المجتمع الدولي بمحاسبة دولة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمها المستمرة بحق أبناء شعبنا الفلسطيني على مدار 74 عاما، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا. واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية أن المطلوب من العالم هو جرأة دولية تنهي نزيف النكبة المتواصل. وأضافت أن “شعبنا يدفع أثمانا غالية من أرضه وحياته ودمائه ومستقبل أجياله، في ظل حالة نفاق وازدواجية معايير مقيتة تسيطر على السياسة الخارجية لعديد الدول الغربية في تعاملها مع الجرائم التي يتعرض لها شعبنا”.
فشل المجتمع الدولي
وأكدت الخارجية فشل المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته لوقف هذا النزيف المتواصل في الجسد الفلسطيني، مشددة على ضرورة تنفيذ القرارات الأممية التي صدرت لصالح شعبنا، وحقوقه، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير، والعودة، وتجسيد دولته المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية، وفي مساءلة ومحاسبة دولة الاحتلال على جرائمها، بما فيها جريمة “الأبرتهايد” التي أكدت عليها عديد المنظمات الحقوقية الدولية والأممية.
وأكدت الجبهة العربية الفلسطينية على ضرورة استمرار عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، محذرة من كل محاولات إنهائها أو تقليص خدماتها للاجئين الفلسطينيين.
وأكدت دائرة حقوق الانسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير على الحق الإنساني والتاريخي والطبيعي، لمن هجروا من أرضهم، في أكبر عملية تطهير عرقي، في العودة والتعويض، احقاقا للحق، وفق القرارات الدولية وتحقيقا للعدالة الإنسانية.
وقالت الدائرة على لسان رئيسها، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، أحمد التميمي “بعد أربعة وسبعين عاما من النكبة التي حلت بشعبنا، على العالم ومؤسساته الدولية أن يصحو من غفلته، ويعود الى إنسانيته، عبر إزالة الظلم التاريخي الذي تعرض له شعبنا الفلسطيني على أيدي العصابات الصهيونية”.
وأضاف التميمي: “أن الفلسطينيين يدفعون ثمن ممارسات الاستعمار وأطماعه التي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، في انتهاك صارخ لكل القيم الإنسانية، والقوانين والأعراف والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها دول العالم”.