الخرطوم – «القدس العربي»: استنكر تجمع المهنيين السودانيين تنفيذ السلطات اعتقالات تستهدف القيادات والفاعلين من عضوية الأحزاب السياسية والأجسام النقابية والمهنية ولجان المقاومة في العاصمة والولايات.
وفي وقت أطلقت تنسيقيات لجان المقاومة تحذيرات لعضويتها في أحياء ومدن العاصمة السودانية الخرطوم، بعد شروع الأجهزة الأمنية في حملات اعتقال واسعة طالت العشرات من أعضاء لجان المقاومة خلال اليومين الماضيين، قالت تنسيقية لجان مقاومة الفتيحاب في أم درمان، في بيان أمس: “شنت القوات الانقلابية المذعورة حملة شعواء لمداهمة المنازل في منطقة الفتيحاب تستهدف فيها لجان المقاومة بغرض اعتقالهم ومصادرة حريتهم خارج إطار القانون وحقوق الإنسان، مواصلة بذلك حملتها المسعورة لتكميم الأفواه و محاولاتها البائسة لإخماد حراك الشارع”.
وأضافت: “ما يقوم به النظام الديكتاتوري، نظام البرهان حميدتي، الآن، ما هو إلا دليل على ترنحه وفقدانه السيطرة على إدارة البلاد، وأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة”، مؤكدة أن الاعتقالات لن تثني لجان المقاومة عن التصدي للانقلاب حتى إسقاطه، وأنهم سيبذلون الغالي والنفيس في سبيل تحقيق تطلعات وآمال الشعب السوداني في الوصول إلى الحكم المدني الديمقراطي ودولة الحرية والسلام والعدالة.
وتوالت بيانات عديدة للجان المقاومة في أحياء ومدن العاصمة الثلاث – الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان- تحمل تحذيرات من اقتحام سيارات دفع رباعي وكوادر أمنية للأحياء ومحاصرتها منازل أعضاء لجان المقاومة، مؤكدة أنها لن تتراجع حتى إسقاط الانقلاب.
ونددت مجموعة (محامو الطوارئ) المدافعة عن الحقوق القانونية، بحملات الاعتقال الواسعة التي استهدفت أعضاء تنسيقيات لجان المقاومة، ومداهمة منازلهم بقوة السلاح خلال اليومين الماضيين، محملة السلطات مسؤولية سلامتهم.
وقالت إن ما تقوم به السلطات “أفعال ترويعية وأعمال عنف وانتهاك صريح للقانون والمواثيق الدولية التي تكفل حق التعبير والتجمع والتظاهر السلمي”.
وأكدت عضو “محامو الطوارئ” إقبال أحمد لـ”القدس العربي”، تجاوز عدد المعتقلين في سجون الأجهزة الأمنية أكثر من 170 معتقلاً، بينهم فتاة تم القبض عليها من الشارع العام، دون إبداء أسباب في 11 أبريل/نيسان، ونقلت إلى سجن التائبات المخصص للنساء.
ولفتت إلى حملات الاعتقال الواسعة التي تشنها السلطات ضد أعضاء لجان المقاومة، مشيرة إلى اعتقال نحو 30 من أعضاء اللجان، في مدن العاصمة القومية الثلاث- الخرطوم، والخرطوم بحري وأم درمان- خلال اليومين الماضيين، بأساليب وحشية وعن طريق اقتحام الأحياء بالسيارات العسكرية والكوادر الأمنية المسلحة، وترويع المواطنين واختطاف رهائن من الأسر.
والأربعاء، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على شقيق أحد أعضاء تنسيقيات لجان المقاومة في منطقة الديوم الشرقية بالخرطوم، لابتزازه والضغط عليه ليسلم نفسه عندما لم تستطع معرفة مكانه، قالت إقبال مشيرة إلى أنها ليست المرة الأولى، وأن الأجهزة الأمنية سبق وألقت القبض على والدة عضو لجان مقاومة ليقوم بتسليم نفسه.
وكشفت عن تعرض بعض المقبوضين للتعذيب، مشيرة إلى أن أغلبهم يتم ضربهم بشكل عنيف خلال القبض عليهم وأثناء نقلهم للأقسام أو السجن، وكان آخرهم أربعة ضربوا بشكل عنيف بعد اعتقالهم في 6 أبريل/نيسان وتم التحفظ عليهم ليومين في القسم الشمالي في الخرطوم، قبل نقلهم لسجن سوبا، أحدهم مصاب إصابة بالغة في الرأس والآخر في الظهر، فضلاً عن إصابة الثالث بطعنة بآلة حادة في الفخذ، والأخير بكسور في أصابع اليد.
ورفضت إدارة سجن سوبا تسلم المصابين الأربعة لجهة وضعهم الصحي، إلا أنها استجابت للأوامر لاحقاً، حسب إقبال، التي أكدت أنهم لم يقابلوا الطبيب إلا مرة واحدة بعد نقلهم إلى مستشفى الشرطة، ولم يتلقوا أي رعاية صحية وتم وضعهم في زنزانة منفردة وتتم معاملتهم بشكل سيئ.
ولفتت إلى ضعف الخدمات في سجن سوبا
وندرة الماء والطعام، بالإضافة إلى اكتظاظ السجن ومشكلات التهوية في ظل الارتفاع الشديد لدرجة الحرارة.
وأضافت أن هناك 17 مقبوضاً في التحقيقات الجنائية، تم توجيه تهم لهم في قضايا، للالتفاف على كونهم مسجونين سياسيين، مشيرة إلى أن أوضاعهم سيئة للغاية. وأكدت تعرض بعضهم للتعذيب، بالإضافة إلى وضعهم في زنازين هي الأسوأ على الإطلاق.
وبخصوص المعتقلين الذين نقلتهم السلطات من سجون العاصمة الخرطوم إلى سجن دبك وسجون ولايات بورتسودان، وكوستي وربك، الأسبوع الماضي، بينت إقبال أن عددهم تجاوز الـ 90، مبدية قلقها على سلامتهم في ظل منع المحامين من الوصول إليهم ومتابعة أوضاعهم.
وقالت إن أوضاع المعتقلين وطرق وأساليب الاعتقال تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، في وقت تحاول السلطات الحد من تصاعد الحراك الثوري الرافض للانقلاب. وعاد تجمع المهنيين السودانيين، ولفت إلى استخدام السلطات لكوادر من النظام السابق لتتبع ورصد الناشطين السياسيين والتبليغ عنهم.
وقال في بيان أمس: “ما تزال الأجهزة الأمنية والعسكرية وعبر أذرع عناصر النظام “المباد” وحزبه المحلول في الأحياء والمدن والقرى والفرقان، تعمل على رصد وتتبع وملاحقة ومتابعة عضوية الأحزاب السياسية والأجسام النقابية والمهنية ولجان المقاومة وتحركاتهم والتبليغ عن مكان وجودهم”، وأشار إلى رصد تحركات متزايدة لسيارات مظللة على متنها عناصر هذه الأجهزة الأمنية والعسكرية ومنتسوبو الحزب المحلول، تتحرك بشكل متزايد في أحياء الفتيحاب بأم درمان والطائف والرياض وشارع الستين في الخرطوم، شارع المعونة ببحري.
وتستهدف هذه العمليات، حسب تجمع المهنيين، اعتقال جميع الفاعلين من الأحزاب السياسية والأجسام النقابية والمهنية ولجان المقاومة في العاصمة والولايات، مشيراً إلى استباق هذه التحركات بنقل عدد من المعتقلين من سجن سوبا ودبك لخارج الخرطوم.
وندد التجمع بإهمال السلطات الأوضاع الصحية للمعتقلين، من قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة والناشطين السياسيين، مشيراً إلى نقل عضو تجمع المهنيين السودانيين ولجنة إزالة التمكين، طه عثمان، إلى سجن سوبا، رغم حالته الصحية السيئة وإصابته بجروح وتقرحات وهو يخضع للعلاج في القسم الشمالي.
وأبدى قلقه من الأنباء حول تدهور الحالة الصحية لأعضاء لجان المقاومة مصعب الشريف ومحمد آدم وغيرهما، ومنعهم من أبسط حقوقهم في تلقي الرعاية الصحية والعلاج اللازم.
وأضاف: “معركتنا مع الانقلاب مستمرة، وهو ما يتطلب زيادة الاحترازات والحرص ويستدعي التحوط من التجسس التقني ومتابعة الاتصالات ومراقبة أرقام الهواتف التي تشمل هواتف الجيل الثاني والثالث والهواتف الذكية، من خلال تعقب رقم هاتف المرصود من قبل محطات تجسس الأجهزة الأمنية والعسكرية”. وتابع: “هذه الحملات لن تحمي قادة الانقلاب من مصيرهم المحتوم بالسقوط وتجرع الهزيمة السياسية ومحاكمتهم على جرائمهم”.
إلى ذلك، قالت لجنة الدفاع عن عضو لجان مقاومة حي بري، مصعب الشريف، المتهم في البلاغ بالرقم (94/2022) تحت المواد (107/21) من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991، أنه أصيب بالتهاب في الكلى والمسالك البولية، بسبب الأوضاع المتردية في السجن.
واعتقل الشريف نهاية يناير/كانون الثاني، في الولاية الشمالية، ومنذ ذلك الوقت ظل حبيس التحقيقات الجنائية، ومنها تم ترحيله إلى الانتظار داخل سجن كوبر.
وقالت لجنة الدفاع، في بيان أمس، إن “الشريف منذ القبض عليه ظل ملتزماً بأنظمة السجن ولوائحه رغم وضعه في زنازين (الجزاءات) الانفرادية”. وأضاف: “كان يسمح له بالخروج من زنزانته ساعتين فقط في اليوم، في الساعة الواحدة صباحاً والثانية مساء، إلا أنه ومع دخول شهر رمضان، منعت عنه حتى الساعتين اليومية”.
وطالبت أسرة الشريف بنقله إلى عنابر المنتظرين، حسب لجنة الدفاع، إلا أن النيابة وإدارة السجن لم تستجب لمطالبهم، رغم أن ذلك من حقه حسب لجنة الدفاع. وحملت النيابة وإدارة السجن سلامة الشريف، مطالبة بتحويله فوراً من زنازين الانفرادي المخصصة للمخالفين للوائح السجن، إلى عنابر الانتظار، مشيرة إلى أن ذلك هو الوضع الطبيعي، مشددة على حاجته لمراجعة طبية راتبة وتعنت إدارة السجن ونيابة التحقيقات الجنائية في ذلك، وحملتهم المسؤولية الكاملة حال إصابته بأي مضاعفات بسبب عدم حصوله على المتابعة الصحية الجيدة.