تونس – «القدس العربي»: دعا الاتحاد الأوروبي إلى تنظيم حوار وطني شامل في تونس، مذكّراً الرئيس قيس سعيد بأن شرعيته تتساوى مع شرعية البرلمان، وكلاهما يسمدان شرعيتهما من الشعب والدستور، في وقت عبر فيه اتحاد الشغل عن رفضه تنظيم الحوار المقبل بناء على استشارة الرئيس، فيما دعت المعارضة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني.
وفي مؤتمر صحافي عقدوه في العاصمة التونسية، أصدر أعضاء بعثة البرلمان الأوروبي بياناً أكدوا فيه أن تونس “مرت بما يفوق عقداً من التحول الديمقراطي، تم خلاله إرساء المؤسسات الديمقراطية واختبارها. وعلى الرغم من التحدّيات التي واجهتها خلال هذا المسار، شهد العالم تطوّراً غير مسبوق في الحقوق والحريات الأساسية في تونس. لقد كانت البلاد بمثابة منارة للحرية في العالم العربي. لكنّنا نلاحظ تركز السلطات في يد الرئيس. وإنّنا ندرك بأن التونسيين ما زالوا يرنون إلى الديمقراطية والازدهار والعيش بكرامة. لكن نلاحظ حاليّاً بقلق بالغ التّدهور الحادّ والمستمرّ للوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تفاقم بسبب جائحة كوفيد وحرب روسيا ضد أوكرانيا”.
واعتبروا أن هناك حاجة ملحة للإصلاحات، و”نحن نشجع عدداً كبيراً من المقترحات المنبثقة عن مختلف مكوّنات المجتمع التونسي في هذه العملية. يواصل الاتحاد الأوروبي الوقوف جنباً إلى جنب مع تونس، بما في ذلك من خلال المساعدة المالية العاجلة والهامّة. وإننا كذلك على استعداد للمشاركة في الجهود الشاملة والشفافة الرامية إلى تحقيق الإصلاحات السياسية والاقتصادية وتقديم المساعدة الفنية، بما في ذلك المساعدة في تقييم خيارات الإصلاح الانتخابي. وفي السياق ذاته، نشجع بشدّة السلطات التونسية على الاستفادة من الخبرة القيّمة للجنة البندقية”.
وأضاف البيان “أن انطباعنا الراسخ هو أن الشعب التونسي لديه ثقة كاملة في مهنية وحيادية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، التي تمّ إثباتها في الانتخابات السابقة، ونحن نشدّد على أهمية الحفاظ على استقلالية الهيئة”.
ولفت البرلمانيون الأوروبيون إلى أنهم أكدوا خلال اللقاءات السياسية التي أجروها في تونس أن “الشرعية السياسية لكل من الرئيس وأعضاء البرلمان تنبع بالتساوي من الشعب ومن نفس الدستور. سعياً للمضي قدماً، نشجّع التونسيين بشكل عاجل على الشروع في حوار تونسي- تونسي منظم وواسع النّطاق يشمل ممثلين عن الحكومة والأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمجتمع المدني والمنظمات النسائية، لأنه لا يمكن إيجاد حلّ لهذه الأزمة إلا من خلال المشاركة الكاملة لجميع الأطراف المعنيّة المذكورة أعلاه”.
فيما أكد نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل، رفض منظمة الشغيلة تنظيم حوار وطني وفق نتائج الاستشارة الإلكترونية للرئيس قيس سعيد.
وقال الطبوبي، في شريط فيديو نشرته الصفحة الرسمية للاتحاد على موقع فيسبوك، إنه يرفض تنظيم حوار بشروط ونتائج مسبقة، مؤكداً رفضه لاعتماد الاستشارة الوطنية كمرجع للحوار الذي “يجب أن يتضمن الرأي والرأي المخالف ويجب أن يكون حواراً حقيقياً مبنياً على تشاركية فعلية”.
وتحدث عن وجود “هنّات في نظام الحكم وفي الحكم المحلي، لكن ذلك لا يُخول اعتماد الاستشارة الوطنية كمرجع واتباع قراراتها، ويتوجب على كل طرف تحمّل مسؤولية خياراته”، محذراً من سياسة المرور بالقوة والذي قد يتسبب بفوضى في البلاد.
وكان الرئيس أكد خلال استقباله أخيراً للطبوبي أن “الحوار الوطني سيكون بناء على مخرجات الاستشارة الوطنية”.
وعبر حراك مواطنون ضد الانقلاب “تمسكه المبدئي بالموقف المناهض لانقلاب 25 يوليو/ تموز ولخارطة طريق المنقلب التي دشّنها بمحطة فاشلة متمثّلة في استشارة التحيّل الإلكتروني وتبشّر محطاتها القادمة بتكريس نظام حكم فردي يصادر دستور الثورة وكلّ مكاسب التونسيين المضمّنة فيه”.
وأشاد بـ”نجاح الحراك المواطني في دحض أسطورة التفويض الشعبي وأكذوبة تصحيح المسار وترسيخ عنوان المعركة الحقيقي (انقلاب/شارع ديمقراطي)”، مؤكداً دعمه لـ”نواب الشعب الأحرار في استعادة المؤسسة الأصليّة مهمّتها الدستورية بمصادقة 116 نائباً يوم 30 مارس/ آذار 2022 في جلسة افتراضية تاريخية على قانون يوقف العمل بالإجراءات الاستثنائية والمراسيم الانقلابية منذ 25 يوليو 2021″.
كما رحب بالمبادرة التي أطلقها أحمد نجيب الشابي رئيس الهيئة السياسية لحزب الأمل والمتضمنة “دعوة لتوحيد جهود الكفاح الميداني وإعداد برنامج الإنقاذ والدفع إلى عقد حوار وطني دون إقصاء بما يتقاطع مع ما تضمّنته أرضية المبادرة الديمقراطية الصادرة منذ منتصف شهر نوفمبر 2021″، مؤكداً رفضه لـ”كلّ أشكال الحوار الإقصائي الذي تحدّد أرضيته نتائج استشارة فاشلة وتتحكم في مخرجاته تصورات اعتباطية لنظام انقلابي”.
وكتب الوزير السابق عبد اللطيف المكي “لا يمكن للبلاد أن تبقى في ظل احتكار كل السلطات من قبل السيد قيس سعيد والتشريع بالمراسيم في ظل تغييب البرلمان قسراً فهذا فساد سياسي وتكريس للأمر الواقع”.
وأضاف: “نحن أمام احتمالين: إما الذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها وفق الدستور خلال شهرين أو ثلاثة ثم انطلاق حوار حول أهم القضايا. أو عودة البرلمان لمدة محدودة نتحاور خلالها وبشروط تُحسن أداءه ثم انتخابات سابقة لأوانها تشريعية ورئاسية. وفي الحالتين لا بد من حكومة إنقاذ وطني متفق عليها. في غياب ذلك البلاد مهددة بمزيد من التدخلات الخارجية وأزمة اجتماعية خانقة”.