لم يعد مدربو كرة القدم مساكين… بل باتوا اليوم نجوماً!

ثلاثاء, 12/04/2022 - 22:12

تونس-«القدس العربي»: يبدو أن الوقت الذي كنا نشفق فيه على مدربي كرة القدم من أن عملهم هو الأصعب وأن كرسيهم وكأنه صنع من صفيح ساخن، هو زمانٌ قد مضى وولّى، إذ لم يعد المدربون “مساكين” أو “غلابة” كما كان الحال في الماضي أو كما كنا نظن ونعتقد، بل أصبحوا نجوماً بكل ما تعنيه الكلمة في يومنا هذا، ولم يعودوا موضع شفقة أو بحاجة إليها!

في الماضي كانت ثمة مدربين أشبه بالأساطير، ولعل آخرهم السير أليكس فيرغسون وربما إلى حد ما “البروفسور” آرسين فينغر، أولئك صنعوا أمجاداً وحققوا نجاحات لا تصدق بالقليل من المال وبالتالي بالقليل من الإمكانيات، خذوا مثالاً بيل شانكلي المدرب الذي بدأ كتابة التاريخ الحقيقي لنادي ليفربول في الستينات، والذي اختار له أغنية “لن تمشي وحدك أبداً” لتصبح الهتاف المفضل لجماهير الفريق الأحمر. تصوروا أن هذا المدرب عندما وقع عقد تدريب ليفربول تقاضي خمسين جنيهاً استرلينياً كمكافأة توقيع العقد، مع راتب أسبوعي مقداره عشرة جنيهات، ومكافأة فوز مقدارها خمسة جنيهات، وكان ذلك الراتب يعادل شهرياً بأسعار اليوم حوالي 1500 جنيه استرليني فقط لا غير. وإذا قفزنا من الستينات إلى الثمانينات والتسعينات سنجد أن الراتب الشهري على سبيل المثال لمدرب الميلان الذي اجتاح أوروبا، أريغو ساكي بلغ خمسةً وعشرين ألف دولار شهرياً، وكان وقتها رقما استثنائياً! وكانت قيمة المدرب وقتها في عمله وإنجازاته، وليس في قيمة عقده، رغم أن معدل ارتفاع رواتب اللاعبين كان يمثل أضعافاً مضاعفة مما يتقاضاه المدربون، وكان الاستغناء عن خدمات مدرب ما، خصوصاً أثناء الموسم يمثل صدمة، ويثير موجة من التعاطف مع “المسكين” الذي وجد نفسه فجأة بدون عمل أو سند!

وفي بداية الألفية الجديدة وبعد فوز المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو مع بورتو بدوري أبطال أوروبا عرض عليه “تشلسي أبراموفيتش” صيغة للتعاقد، ومع بعض الشروط واللمسات الإضافية من مورينيو ظهرت الصيغة الجديدة لعقود المدربين العصريين: راتب مليوني، وشرط جزائي يقضي بسداد بقية رواتب العقد للمدرب إذا أنهيت خدماته قبل نهاية عقده، بشرط ألا يدلي المدرب بأية تصريحات تمس النادي أو تسيء إليه، ونتيجة لذلك فقد بلغ مجموع الشروط الجزائية على سبيل المثال التي تقاضاها مورينيو من إنهاء خدماته “التعسفي” مرتين من تشلسي ومرة واحدة من كل من ريال مدريد ومانشستر يونايتد وتوتنهام (مع انفصال بالتراضي عن الإنتر) 97 مليون دولار كشروطٍ جزائية، ناهيكم عن الرواتب الطائلة التي تقاضاها من تلك الأندية أو لا يزال يتقاضاها من روما!

ومع انخفاض معدل أعمار المدربين وارتفاع معدلات رواتبهم، ومع بعض الإثارة والتلميع الإعلامي بات هؤلاء الأشخاص نجوماً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، من الفيلسوف بيب غوارديولا إلى البروفسور يورغن كلوب، والمجتهد أوناي إيمري، والمكافح توماس توخيل، والوسيم ماوريسيو بوتشيتينو، والصارم دييغو سيميوني. ولو نظرنا إلى ما يتقضاه هؤلاء، وعرفنا قيمة الشروط الجزائية التي تنتظرهم خلف الباب لأدركنا أنهم أصبحوا نجوماً بمعنى الكلمة ولا خوف عليهم من “التفنيش” أو إنهاء العقود!

أعلى المدربين أجراً في أوروبا حاليا هو الأرجنتيني دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد حيث يتقاضى راتباً شهرياً يبلغ 3,3 مليون يورو، بينما يحصل الإسباني بيب غوارديولا شهرياً من مانشستر سيتي على 1,9 مليون، أما الألماني يورغن كلوب مدرب ليفربول فيتقاضى مليوناً ونصف المليون شهرياً ومثله الإيطالي أنطونيو كونتي مدرب توتنهام، والإيطالي ماسيميليانو أليغري مدرب يوفنتوس

1,19 مليون يورو شهرياً، وغير بعيد الأرجنتيني بوتشيتينو مدرب باريس سان جيرمان مليون

ومئة ألف يورو شهريا، ثم الإيطالي كارلو أنشيلوتي مدرب ريال مدريد 910 آلاف يورو والبرتغالي جوزيه مورينيو مدرب روما 770 ألفاً شهرياً، بينما لا يتعدى راتب الشاب الألماني جوليان ناغلسمان مدرب بايرن ميونيخ 666 ألف يورو شهرياً. وهكذا بات المدربون نجوماً أثرياء ولا خوفٌ عليهم من مستقبلٍ غامض أو استغناءٍ غاضب!

 

 

 

 

تابعنا على فيسبوك