تونس – «القدس العربي»: بدأ وفد من البرلمان الأوروبي زيارة إلى تونس تستمر ثلاثة أيام، ويلتقي خلالها بالرئيس قيس سعيد وممثلين عن الحكومة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني لمناقشة كيفية مواصلة الاتحاد الأوروبي دعم تونس في عملية الإصلاحات السياسية وتعزيز الديمقراطية.
وسيسعى أعضاء البرلمان الأوروبي إلى «إعادة التّأكيد على الحاجة إلى حوار سياسي شامل واحترام سيادة القانون والحريات المدنية وحقوق الإنسان، فضلاً عن الحاجة الى وجود نظام سياسي يقوم على المبادئ الديمقراطية، لا سيّما منها مبدأ الفصل بين السّلط الذي يتمّ ضمانه من خلال الضّوابط والموازين المؤسّسية. سيتيح هذا الوفد المخصص أيضًا الفرصة للتحاور مع الجهات ذات الصلة حول إمكانية وكيفية دعم البرلمان الأوروبي لتونس في عملية الإعداد للانتخابات المتوقعة نهاية سنة 2022»، وفق بلاغ سابق بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس.
وتوجّه ماهر المذيوب مساعد رئيس البرلمان المنحل برسالة إلى أعضاء الوفد، اعتبر فيها أن «الحل لجميع مشكلات وتحديات تونس، تونسي- تونسي أولاً وأخيراً، ولا حل إلا بمشاركة جميع التونسيين في المؤسسات المنتخبة وفي مقدمتها مجلس نواب الشعب ومختلف الأحزاب السياسية والمنظمات الاجتماعية وجمعيات المجتمع المدني. وهذا الحل يبدأ من خلال إمضاء الرئيس قيس سعيد لمرسوم يقضي بإلغاء المراسيم الرئاسية الصادرة منذ 25 تموز/يوليو، وأبرزها الأمر الرئاسي غير الدستوري بحل البرلمان».
إلغاء تدابير سعيد
كما دعا إلى «إلغاء كافة التتبعات والمحاكمات والأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية والمدنية في حق أعضاء مجلس نواب الشعب وجميع السياسيين والناشطين ضد الانقلاب، والقيام بكل ما يلزم قانونياً وعملياً من صميم واجبات الدولة التونسية في إعادة الاعتبار لمن ضحوا بكل شيء من أجل كرامة الشعب التونسي وسمعة دولته وديمقراطيته الناشئة».
كما طالب المذيوب بـ»إطلاق حوار وطني شامل للخروج من الأزمة الدستورية العميقة والمخاطر الحقيقية التي تمس التوازنات المالية للدولة التونسية والأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تهدد أمن واستقرار المجتمع التونسي، والانخراط الفعلي والحقيقي لأشقاء وأصدقاء تونس في مشروع متكامل ومستدام ذي أبعاد مالية واستثمارية واقتصادية متعدد الأطراف من أجل مساعدتها للخروج من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية عبر مؤتمر دولي استثماري يساعدها على تجاوز الأخطار المحدقة ويبني قاعدة حقيقية للاستثمار المثمر والتنمية المستدامة».
وكتب الخبير الأممي السابق عبد الوهاب الهاني: «زيارة وفد برلماني أوروبي لتونس بداية من اليوم، للاطِّلاع على الأوضاع الدُّستوريَّة والسِّياسيَّة والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة ورفع تقرير للبرلمان الأوروبي في إطار الشَّراكة الأوروبِّيَّة التُّونسيَّة، بعد عرقلة زيارة الوفد سابقاً قبل إذابة الجليد في المقابلة الَّتي جمعت رئيس الجمهوريَّة قيس سعيِّد برئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا تيديسكو تريكاس ببروكسل على هامش القمَّة الأوروبِّيَّة الإفريقيَّة في فيفري الماضي. ولم تصدر لا رئاسة الجمهوريَّة ولا رئاسة حكومة الرَّئيس للتَّدابير الاستثنائيَّة ولا وزارة الخارجيَّة أيَّ خبر ولا تفاصيل ولا تعليق عن المقابلة، فيما اكتفى مكتب ورئاسة البرلمان مجلس نُوَّاب الشَّعب بتأكيد نبأ الزِّيارة دون تفاصيل عن برنامجها».
وأضاف في تدوينة أخرى على موقع فيسبوك: «الوفد البرلماني الأوروبي وصل أمس إلى تونس ليجري مجموعة من المقابلات، مع رئيس الجمهوريَّة رئيس الدَّولة دستوريًّا ورئيس السُّلطة التَّنفيذيَّة للتَّدابير الاستثنائيَّة ومع البرلمان (بصفة مباشرة أو غير مباشرة) والأحزاب والمنظَّمات الوطنيَّة ومنظَّمات المجتمع المدني.. وذلك بعد مماطلة وتعطيل غير مبرَّر من وزارتي الدَّاخليَّة والخارجيَّة في حكومة الرَّئيس للتَّدابير الاستثنائيَّة لمحاولة فرض شروط للزِّيارة بمنع (أو تلطيف) الجانب البرلماني (في حين أنَّ ماهيَّة وجوهر الزِّيارة وتركيبة الوفد هي برلمانيَّة في الأساس) أدَّت إلى مزيد تشويه صورة وسمعة تونس في الخارج وتأكيد المخاوف الَّتي عبَّر عنها شركاء بلادن
الرَّئيسيِّين».
تشويه الخصوم
فيما اتهم حراك «مواطنون ضد الانقلاب» الرئيس سعيد باستخدام أنصار لاستهداف معارضيه، حيث قال في بيان على فيسبوك: «بعد تكتيك التعطيل والتعفين الذي استعمله الانقلاب للانقضاض على الدستور ومؤسساته الديمقراطية الوليدة من برلمان ومجلس أعلى للقضاء وتدجين الإعلام العمومي، ها هي الخلايا المجهرية الوظيفية المُتطرفة المُلتقية موضوعياً مع الانقلاب تنتهج خطة استدراج الخصوم إلى مربعات العنف والاحتراب، طوراً عبر تَتَبّعها بدقّة للشخصيات السياسية واستهدافهم في أماكن تواجدهم، وطوراً عبر استفزاز المتظاهرين بحثاً عن ردود فعل تكون مطية لاستعمال العنف واستدراك لحظة المواجهة التي وقع تفاديها في 26 جويلية (تموز) 2021».
وأشار إلى أن «تكرار استهداف رئيس مجلس النواب في مسكنه خلال مرحلة أولى من طرف حفنة من الموتورين وعبر تحديد مكان تواجده بدقة من طرف عناصر مُتطرفة عنيفة، يؤكد تلقّيها إسناداً معلوماتياً من مجموعات في أجهزة الدولة لم يعد خافياً عداؤها لحراك «مواطنون ضد الانقلاب»، سواء في لغة بياناتها أو استفزازهم ساعة الانسحاب».
كما اعتبر الحراك أن «استهداف معارضي الانقلاب دشنه قيس سعيد نفسه عن طريق خطابات التشويه والشيطنة التي بلغت حدّ استباحة معارضيه تماماً وتعريض حياتهم لخطر يتجاوز الكلمات إلى عنف مادي باتت تهدّد بممارسته عناصر لم تتورع في دعوة السلطة القائمة أن تترك لها المجال حتى تقوم هي بنفسها «بتطهير البلاد» من المعارضين، وهو ما ترجم فعلياً أمام المحكمة الابتدائية في تونس عندما تم استهداف العميد عبد الرزاق الكيلاني ويحدث هذه الأيام أمام المساجد لاستهداف رئيس البرلمان».