الرباط ـ «القدس العربي»: ينتظر أن يعقد مجلس الأمن الدولي في 20 نيسان/ أبريل الجاري جلسة تخصص لملف الصحراء الغربية، حيث سيستمع الأعضاء إلى إحاطة حول جديد المشاورات في الموضوع، يقدمها الممثل الخاص للأمم المتحدة في الصحراء، ألكسندر إيفانكو، والمبعوث الشخصي للأمين العام، ستافان دي ميستورا، بالإضافة إلى إمكانية تمديد مهمة البعثة الأممية (مينورسو) التي تنتهي في 31 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
في ظل تطورات جديدة حول الموقف من نزاع الصحراء، يظل الرهان الأساسي المنتظر من أعضاء مجلس الأمن هو بحث كيفية جلب «جميع الأطراف» إلى طاولة المفاوضات (أي المغرب والبوليساريو والجزائر وموريتانيا)، وتجسيد الدعوة التي سبق للمجلس أن أطلقها من أجل استئناف المفاوضات بهدف «تحقيق حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين».
الجزائر تعترض على ذلك، وتطالب بمفاوضات مباشرة ودون شروط بين المغرب وجبهة «البوليساريو» فقط، والرباط تعتبر جارتها الشرقية معنية بالنزاع بشكل مباشر.
ثمة عقبة ثانية قد تحول دون إحراز تقدم ملموس في عملية السلام، إذ أعلنت «البوليساريو» في تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 أنها لن تحترم اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته مع المغرب عام 1991، بعد تدخل القوات المسلحة المغربية لتحرير معبر «الكركرات» الذي كان يعتصم فيه نشطاء تابعون للجبهة المذكورة.
خلال الاجتماع المقبل، ستكون المرة الأولى التي يخاطب فيها المبعوث الأممي دي ميستورا مجلس الأمن، منذ تعيينه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2021. عند توليه للمنصب، أجرى اتصالات دبلوماسية مع الأطراف المعنية بالنزاع خلال كانون الثاني/ يناير المنصرم، التقى أولاً في الرباط وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، والسفير عمر هلال، المندوب الدائم للبلاد لدى الأمم المتحدة، حيث جدد المغرب تمسكه بـ»خطة الحكم الذاتي» التي تقترح إدارة ذاتية لإقليم الصحراء من طرف الصحراويين، فيما تبقى القضايا السيادية والعلاقات الخارجية موكولة إلى السلطات المغربية.
ثم التقى المبعوث الأممي رئيسَ جبهة البوليساريو إبراهيم غالي وزار مخيمات تندوف للاجئين في الجزائر، حيث اعتبرت الجبهة أن الحل الوحيد للنزاع هو «تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي».
وبعد لقائه بالرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني ووزير الخارجية إسماعيل ولد الشيخ أحمد في العاصمة الموريتانية نواكشوط، اتجه دي ميستورا إلى الجزائر للقاء وزير الخارجية رمطان لعمامرة وعمار بلاني المبعوث الجزائري الخاص لمسألة الصحراء الغربية ودول المغرب العربي. وأعربت الجزائر عن دعمها لإجراء مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة بين المغرب وجبهة البوليساريو ولتفعيل خطة التسوية المشتركة لعام 1991 والتي تتضمن إجراء استفتاء.
وعلق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على جهود دي ميستورا خلال مؤتمر صحفي، معرباً عن أمله في أن تعطي الزيارة والمساعي الحميدة لدي ميستورا دفعة جديدة للعملية السياسية.
وبحسب تحليل إخباري نُشر على الموقع الرسمي لمجلس الأمن، واجه دي ميستورا ديناميكيات إقليمية معقّدة عندما شرع في مهمته الجديدة؛ ففي آب/ أغسطس 2021، قطعت الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب بعد فترة من التوتر المتزايد. وكان سبب القطيعة الخلاف بشأن شعب «القبايل»، ففي رسالة إلى المجلس، أعربت الجزائر عن استيائها من الوثيقة التي وزعها المغرب على جميع الدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز، حيث تحدث عن حق «القبايل» في تقرير مصيرهم، وذلك رداً على تمسك «الجزائر» بفكرة «تقرير المصير» بالنسبة للصحراويين.
وإذا كان تعيين دي ميستورا أعطى زخماً جديداً لعملية السلام وأعاد إحياء آفاق استئناف المفاوضات، فإن التطورات الدبلوماسية الأخيرة على المستوى الإقليمي أفرزت معطيات جديدة
ففي 19 آذار/ مارس، استدعت الجزائر سفيرها في إسبانيا بسبب تحول الأخير في موقفه لدعم خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية التي كانت خاضعة للحكم الإسباني حتى عام 1975. الخطوة التي أقدمت عليها مدريد سارعت بتصفية الأجواء التي كانت مكدرة بعد استقبال زعيم البوليساريو العام الماضي للعلاج من «كورونا»، حيث دخل الأراضي الإسبانية بهوية جزائرية مزورة.
التغيير في الموقف الإسباني من نزاع الصحراء فتح صفحة جديدة مع الرباط التي أعادت سفيرتها إلى مدريد، كما قام رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، بزيارة رسمية إلى المغرب، استُقبل خلالها من لدن العاهل محمد السادس، وجرى الاتفاق على العديد من الإجراءات لتطوير علاقات التعاون بين البلدين.
وقبل ذلك، أعلنت الحكومة الألمانية، هي الأخرى، مساندتها لمخطط «الحكم الذاتي في الصحراء»، بعد فترة برود وجيزة في العلاقات مع المغرب.
أما أعضاء مجلس الأمن الدولي فما زالوا منقسمين بشأن قضية الصحراء، إذ يوجد عدد من الدول بجانب المغرب، فالولايات المتحدة الأمريكية اعترفت بسيادة المغرب على الإقليم في كانون الثاني/ ديسمبر 2020، في ظل إدارة دولاند ترامب، ولم يتغير الموقف مع إدارة جو بايدن، وفرنسا تدعم تقليدياً خطة الحكم الذاتي المغربية، كما تدعمها الغابون والإمارات العربية المتحدة.
بينما تميل غانا وكينيا والمكسيك إلى مساندة «البوليساريو» في أطروحتها الداعية إلى الانفصال عن المغرب.
وكثفت الدبلوماسية المغربية من نشاطاتها خلال العامين المنصرمين، وكان من نتائج ذلك قيام عدد من الدول العربية والإفريقية والأمريكية ـ اللاتينية بفتح قنصليات لها في مدينتي العيون والداخلة في إقليم الصحراء.
وتنتظر الرباط أن تنفّذ واشنطن وعدها بفتح قنصلية لها في مدينة الداخلة؛ لا سيما أن تطبيع العلاقات المغربية ـ الإسرائيلية كان مقترناً بالاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء.
وإذا كان قطار التطبيع قد قطع مسافة طويلة في ظرف قياسي، مثلما تلاحظ أسبوعية «الأيام» في عددها الجديد، فإن هذا القطار ـ وفق وصفها ـ مكوّن من عربتين (المغرب وإسرائيل)، ويقوده ثلاثة سائقين، في إشارة إلى بلد «العم سام» الراعي لهذا التقارب.
ووفق الأسبوعية نفسها، فإن المغرب ينتظر بفارغ الصبر توقف القطار عند «محطتين» رئيسيتين: تشييد قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة، والاعتراف الأمريكي الصريح بسيادة المغرب على الصحراء، لينزل بثقله على مجلس الأمن الدولي