طرابلس – «القدس العربي»: تطورات جديدة وتصعيدات شهدتها الساحة الليبية مؤخراً، هددت استمرار تصدير وإنتاج النفط في ظل ارتفاع الأسعار في السوق العالمية، وهددت استقرار البلاد سياسياً وأمنياً، ومهدت لانقسام محتمل.
وطالب ممثلو ميليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر في اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) من حفتر إيقاف تصدير النفط، وقفل الطريق الساحلي الرابط بين الشرق والغرب، وإيقاف جميع أوجه التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية ومكوناتها، وإيقاف تسيير الرحلات الجوية بين الشرق والغرب، وذلك في سياق إعلانهم تعليق مشاركتهم في اللجنة لحين تحقيق هذه المطالب.
واعتبر ممثلو حفتر، في بيان صادر السبت، أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، مارس تصرفات تعد مخالفة للاتفاق السياسي وانتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وفق المعايير والمواثيق الدولية والوطنية، متناسيًا ومتجاهلًا الدور الوطني المهم الذي حققته القوات المسلحة في مقارعة الإرهاب وحراسة الحقول النفطية، المصدر الرئيسي لقوت الليبيين، وحماية حدود الدولة التي كانت مرتعًا لعصابات الجريمة المنظمة.
وأضاف البيان أن تصرفات حكومة الدبيبة غير القانونية “تحدث على مرأى ومسمع الأمم المتحدة وبعثتها والمجتمع الدولي الذي لم يحرك ساكنًا أمام هذه التطورات والمنزلق الخطير”.
وتعليقاً على ذلك، اعتبر عضو اللجنة العسكرية المشتركة عن المنطقة الغربية، اللواء مصطفى يحيى، أن الموقف الذي أعلنه ممثلو القيادة العامة السبت لا يعبر عن اللجنة العسكرية مجتمعة.
وأضاف، في تصريحات نقلها المركز الإعلامي للحكومة: “كنت أتمنى من أعضاء اللجنة النأي بأنفسهم عن الانحياز لأي طرف سياسي لتأثيره المباشر على عمل اللجنة وحيادها ودورها الوطني”، مضيفاً أنه يقدر حجم الضغوطات التي تتعرض لها اللجنة عن المنطقة الشرقية نتيجة الاستقطاب السياسي الحاد.
وفي السياق ذاته، نفى الناطق باسم القيادة العامة، اللواء أحمد المسماري، الأنباء المتداولة بشأن إصدار القيادة العامة والحكومة المكلفة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا، تعليمات بالبدء في الإغلاق التدريجي لكل الموانئ والحقول النفطية وأنانبيب الغاز في ليبيا اعتبارًا من الغد. وقال المساري، في بيان مقتضب، إن هذه أخبار مزورة ولا أساس لها من الصحة. وأعلنت حكومة رئيس الوزراء المكلف من قبل مجلس النواب فتحي باشاغا، في بيان، قرب تسلمها مهام أعمالها من العاصمة طرابلس بالطرق السلمية، وإنهاء مظاهر الفوضى الأمنية والفساد المالي الذي رسخته طُغمة خارجة عن القانون.
ودعت حكومة باشاغا، في بيان، إلى ضرورة التحلي بضبط النفس وعدم الانجرار وراء التصعيد السياسي والعسكري المتعمد من قبل الحكومة منتهية الولاية، متهمًا حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة بأنها تسعى بشكل مشين إلى تعميق الانقسام وإيقاف إنتاج النفط وقطع الطرق والمواصلات البرية والجوية بين الشرق والغرب والجنوب.
وطالب البيان بتجنيب مؤسسة النفط ومصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمار من دائرة الاستقطاب والاستغلال السياسي، والالتزام بدعمها وفق أسس وطنية متجردة، مشيرًا إلى الحرص على تعزيز اتفاق وقف إطلاق النار وتوحيد المؤسسات المنقسمة، خصوصًا المؤسسة العسكرية، من خلال دعم اللجنة العسكرية 5+5.
وحملت حكومة رئيس الوزراء المكلف من قبل مجلس النواب فتحي باشاغا المسؤولية الوطنية والقانونية لمَن سمتهم مغتصبي السلطة وكافة العواقب والآثار الناجمة عن التدخلات السافرة في شؤون هذه المؤسسات، التي تمثل قوت الليبيين ومصدر ثروتهم التي يتشارك فيها عموم الشعب الليبي بشكل عادل ومتساوٍ بلا استثناء.
وعلى الصعيد الدولي، دعا السفير الأمريكي ريتشارد نورلاند، رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، على مواصلة تقديم كل الدعم اللازم لإنشاء أساس دستوري وقانوني لتنظيم الانتخابات في أقرب وقت ممكن بالتزامن مع العملية التي تيسرها الأمم المتحدة.
وأوضح السفير نورلاند إنهم يعملون مع الجهات الفاعلة الرئيسية من جميع الأطراف للحفاظ على الاستقرار، بدءًا من الجهود المبذولة لضمان عدم استخدام ثروة ليبيا النفطية الهائلة لأغراض سياسية حزبية، بل لتلبية الاحتياجات الأكثر أهمية للشعب.
وأكد دعم جهود الفاعلين بمن فيهم رئيس مجلس النواب، للاتفاق على آلية بقيادة ليبية لتسهيل ومراقبة هذه النفقات.
وأوضح السفير الأمريكي أنّ القضية الأكثر أهمية في هذا الوقت بالنسبة للولايات المتحدة، هي الحاجة إلى إجماع سياسي كافٍ وقبول ومصداقية لدى كتلة حرجة من الشعب الليبي في جميع أنحاء البلاد من أجل قيادة البلاد إلى الانتخابات.
وأشار نورلاند إلى أنه من المهم أكثر من أي وقت مضى تنظيم انتخابات يمكن أن تنقل ليبيا إلى ما بعد الحلقة اللامتناهية من الحكومات الانتقالية.
وذكر المركز الإعلامي لرئيس مجلس النواب الليبي، أن صالح أكد لنورلاند عدم قبوله التدخل في قرارات مجلس النواب، وأن القرار سيكون ليبيًّا ليبيًّا دون إملاءات خارجية، مشددًا على أن مجلس النواب سيكون داعمًا للمسار الدستوري وفقًا للتعديل الدستوري الثاني عشر.