تونس – «القدس العربي»: قال الاتحاد الأوروبي إن تواصل دعمه لتونس مشروط بعودة المسار الديمقراطي والمؤسسات الدستورية، في وقت عبرت فيه المعارضة عن رفضها لنظام الاقتراع على الأفراد خلال الانتخابات البرلمانية، الذي تحدث عنه الرئيس قيس سعيد.
وعبّر الاتحاد الأوروبي، الخميس، عن ”قلقه الشديد” من التطوّرات الأخيرة في تونس عقب حلّ البرلمان من قبل الرئيس سعيد، والشروع في ملاحقات قضائية ضد النواب المشاركين في الجلسة الافتراضية الأخيرة.
وقالت نبيلة مصرالي، المتحدث باسم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد: “ندعو إلى العودة في أقرب الآجال إلى العمل الطبيعي للمؤسسات وسنواصل بتيقظ متابعة مختلف مراحل تنفيذ الرزنامة السياسية المعلنة (من قبل الرئيس قيس سعيد) في كانون الأول/ديسمبر 2021، ومن الضروري أن ترتكز عملية الإصلاح على حوار شامل لكل الفاعلين السياسيين والاجتماعيين”.
فيما كشفت بعثة الاتحاد الاوروبي في تونس عن زيارة سيؤديها أعضاء لجنة الشّؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي للقيام بمشاورات حول مسار تونس نحو الإصلاحات السياسية والعودة إلى الاستقرار المؤسسي.
وسيلتقي المسؤولون، خلال الزيارة التي تمتدّ بين 11 و13 نيسان/أبريل، بالرئيس سعيد وممثلين عن الحكومة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني لمناقشة كيفية مواصلة الاتحاد الأوروبي دعم تونس في عملية الإصلاحات السياسية وتعزيز الديمقراطية.
وسيسعى أعضاء البرلمان الأوروبي إلى “إعادة التّأكيد على الحاجة إلى حوار سياسي شامل واحترام سيادة القانون والحريات المدنية وحقوق الإنسان، فضلاً عن الحاجة الى وجود نظام سياسي يقوم على المبادئ الديمقراطية، لا سيّما منها مبدأ الفصل بين السّلط الذي يتمّ ضمانه من خلال الضّوابط والموازين المؤسّسية. سيتيح هذا الوفد المخصص أيضًا الفرصة للتحاور مع الجهات ذات الصلة حول إمكانية وكيفية دعم البرلمان الأوروبي لتونس في عملية الاعداد للانتخابات المتوقعة نهاية سنة 2022”.
كما سيولي الوفد اهتماماً خاصاً للوضع الاقتصادي في تونس والطريقة المثلى التي يمكن بها للاتحاد الأوروبي أن يدعم السلطات التونسية في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لفائدة جميع التونسيين في ظلّ أزمة الأمن الاقتصادي والغذائي وجائحة الوباء العالمية وآثار العدوان الروسي على أوكرانيا، وفق بلاغ نشرته البعثة على موقع فيسبوك.
وعبرت المعارضة التونسية عن رفضها لنظام الاقتراع على الأفراد خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة الذي كشف عنه سعيد أخيراً.
وقال عماد الخميري الناطق باسم حركة النهضة، إن الحركة ترفض نظام الاقتراع على الأفراد، الذي تحدث عنه سعيد، مشيراً إلى أن “هذه الآلية غير معتمدة في أغلب الدول الديمقراطية، وهذا النظام سيسمح للوبيات المال والفساد أن تهيمن على العملية الانتخابية”.
وقال محمد العربي الجلاصي، القيادي في حزب التيار الديمقراطي، إنّ نظام الاقتراع على الأفراد هو “نظام نادر في الديمقراطيات، وقد يشكّل هدية إلى بعض اللصوص، رغم أن الرئيس أعلن أنه لن يتحاور مع اللصوص، وهذا النظام للاقتراع يعطي إمكانية لتبييض الأموال واستثمارها في شراء أصوات الناخبين”.
واعتبر أن نظام الاقتراع المذكور هو “جزء من مثلث مشروع قيس سعيد لبلوغ نظام رئاسوي، ومجلس نيابي مشتت”، كما أشار إلى أنه لا يمكن تنظيم انتخابات تشريعية دون مراعاة التوازنات الديموغرافية.
فيما انتقدت منظمة “أنا يقظ” المتخصصة بالشفافية ومكافحة الفساد “الحوار الوطني” الذي يدعو إليه الرئيس سعيد، مشيرة إلى وجود “غياب تناسق في مواقف الرئاسة ورؤيتها، فمن جهة تشنّ حرباً على المحتكرين والمضاربين، ومن جهة تدعوهم إلى الحوار الوطني، من خلال إشراك المكتب التنفيذي للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، ونذكّر السيّد رئيس الجمهوريّة أنّ السيّد سمير ماجول رئيس الاتحاد، صادر ضدّه قرار بات من مجلس المنافسة بتاريخ 10 مايو (أيار) 2018 يؤكّد تواطؤ شركته في جريمة الإخلال بالمنافسة من خلال تكوين وفاق لترفيع وتوحيد الأسعار”.
كما أشارت إلى أن “التضارب في المواقف على مستوى مؤسسة الرئاسة طال التشريع والسياسة الجزائيّة للدولة، حيث شابتها الانفصاميّة، وما عدنا نفهم هل نحن في دولة تكرّس “مبدأ العدالة الجزائيّة التعويضيّة” وتقوم على العدل والإنصاف (مرسوم الصلح الجزائي) أم أننا دولة تنتهك الحقوق وتؤمن بالعقوبات السالبة للحريّة المشددة الّتي تصل للسجن بقيّة العمر (مرسوم المضاربة غير المشروعة)؟”.
كما اعتبرت أن المراسيم الرئاسية لم تحترم شعار الحفاظ على الحقوق والحريات المكتسبة الذي ردده سعيد في مناسبات عدة، مشيرة إلى أن هذه المراسيم “تمس من المبادئ والحقوق، كالحق في حرمة المسكن ومبدأ قرينة البراءة والحق في التقاضي، كما تروّج لثقافة الإفلات من العقاب والمحاسبة وتشجّع على الفساد”.
كما انتقدت وثيقة الإجراءات العاجلة لتنشيط الاقتصاد الّتي أعدتها وزارة التخطيط والاقتصاد، مشيرة إلى أن “التشجيع على الفساد والإفلات من العقاب صارا توجّهاً لهذه الحكومة الّتي اختارت “الإصلاح” من خلال مراجعة الفصل 96 من المجلّة الجزائيّة المتعلّق بجريمة الإضرار بالإدارة، وكذلك من خلال إصدار عفو في مادّة الصرف كأوّل الإصلاحات “لتسهيل الإطار القانوني والترتيبي لمناخ الأعمال”.