الجزائر – «القدس العربي»: أدان القضاء الجزائري وزيرة الثقافة السابقة خليدة تومي، بـ 6 سنوات سجناً نافذاً عن تهم تتعلق بتبديد المال العام في تنظيم تظاهرات ثقافية في الجزائر. وشكّل هذا الحكم مفاجأة لأنصار تومي التي تعد من بين الشخصيات السياسية المثيرة للجدل، بانتقالها من المعارضة الراديكالية إلى الانخراط في الحكومة سنوات الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
وأصدر القطب الجزائي المتخصص في الجرائم المالية والاقتصادية بمحكمة سيدي امحمد في العاصمة، أمس، الحكم على خليدة تومي بـ 6 سنوات سجناً نافذاً، علماً أن النيابة كانت قد التمست 10 سنوات سجناً في حق وزيرة الثقافة التي عمرت في منصبها 12 سنة بعد مرافعة لوكيل الجمهورية اعتبر فيها أن جميع التهم التي توبعت بها تومي ثابتة في حقها، واعتبر أنها أقدمت على ممارسات مسنودة بالوقائع والأدلة تخالف قانون الصفقات العمومية، ما انجر عنه تبديد أموال كبيرة في المهرجانات التي أشرفت عليها. وحوكمت تومي رفقة العديد من المسؤولين السابقين في قطاع الثقافة بجنح سوء استغلال الوظيفة، وتبديد أموال عمومية، إضافة إلى منح امتيازات غير مستحقة للغير. وتدور وقائع الملف تحديداً حول تسيير التظاهرات الثقافية في الفترة التي كانت فيها خليدة تومي على رأس القطاع، منها تظاهرة «تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية» سنة 2011، وقبلها المهرجان الإفريقي سنة 2009، بالإضافة إلى «تظاهرة الجزائر عاصمة للثقافة العربية» سنة 2007.
وقال بوجمعة غشير، محامي الوزيرة السابقة، في تصريح لـ«القدس العربي» إنه تفاجأ بهذا الحكم وكان يتوقع البراءة حسب معطيات الملف، لأن خليدة تومي لم تقم -حسبه- بأي تسيير مالي أو إبرام صفقات أو غير ذلك. وأوضح المتحدث أن فريق الدفاع سيستأنف الحكم أمام مجلس قضاء الجزائر لأن «حكم المحكمة الابتدائية لم يكن على أساس المسؤولية الجزائية لكل متهم، ولكنه مبني على السلم الهرمي داخل الوزارة، بينما كانت مسؤولية الوزيرة سياسية في إنجاح تظاهرات تخدم صورة الجزائر في الخارج».
ورفض المحامي تصنيف القضية على أساس أنها تدخل في ملفات الفساد، لأن التحقيق الأولي تم تحريكه بإيعاز سياسي سنة 2016 عقب توقيع خليدة تومي على وثيقة مجموعة 19 التي طلبت وقتها مقابلة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة الذي كان في حالة عجز مرضي، وهو ما سبب إحراجاً لمحيطه القريب خاصة شقيقه السعيد بوتفليقة، وفق المحامي. وكانت تومي قد دافعت عن نفسها من منطلق أنها «سجينة سياسية» وقالت للقاضي عند استجوابها في اليوم الأول، إن متابعتها ثم سجنها كان بخلفية سياسية، رداً على موقفها من العهدة الرابعة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وتوقيعها على رسالة مجموعة 19. كما اعتبرت الوزيرة السابقة أنها وقعت ضحية حملة كراهية ضدها كامرأة وبسبب نضالها في الحركة النسوية من أجل حقوق المرأة.
وتنتمي تومي أيديولوجياً إلى اليسار، حيث انخرطت سنوات التسعينيات في التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الذي أسسه سعيد سعدي، وهو حزب يتبنى توجهاً علمانياً وناضل أبرز قياديوه في الحركة الأمازيغية التي برزت سنوات الثمانينيات. وعرفت هذه السيدة بخصومتها الشديدة مع التيار الإسلامي، ودعت لإسقاط قانون الأسرة المستمدة في الجزائر من أحكام الشريعة الإسلامية، وإعادة النظر في المناهج التربوية.
ولقيت قضية تومي الموجودة في السجن منذ سنتين، مساندة قوية من زعيمة حزب العمال لويزة حنون، التي تتشارك معها في كثير من القواسم النضالية، كما حظيت بدعم المجاهدة زهرة ظريف بيطاط، إحدى بطلات معركة الجزائر، والتي وجهت رسالة عبر جريدة الوطن تصفها فيها بالنزيهة وتستنكر ما وصفته بـ»كم الكراهية ضدها عبر مواقع التواصل». وينتظر أن تعاد محاكمة تومي أمام مجلس قضاء الجزائر الذي يعتبر درجة تقاض ثانية في غضون شهرين، وفق ما ينص عليه قانون الإجراءات الجزائية.