تونس- “القدس العربي”: اعتبرت مجموعة الأزمات الدولية أنه بعد إحكام الرئيس قيس سعيِّد قبضته على السلطة في 25 تموز/يوليو 2021، فإن تونس تواجه خطر اندلاع عنف غير مسبوق.
وأوضحت أن “التحديات الاقتصادية والاجتماعية مُكربة، مع تصلب الخطاب الوطني والشعبوي للرئيس، بعد قيامه بتعليق الدستور جزئياً. بالمقابل، زاد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ضغوطهما على سعيد للعودة عن هذا المسار، وهددا بتخفيض المساعدات، الأمر الذي من شأنه أن يفاقم من حدة الأزمة، خصوصاً إذا لم تكن الدولة قادرة على دفع ديونها الخارجية”.
وأكدت المجموعة الدولية، في تقرير أصدرته الأربعاء، أنه “يمكن لهذا الوضع أن يزيد من الاستقطاب الحاصل في البلاد، حيث تقف القوى المؤيدة لسعيد في جهة والعناصر المعادية له في الجهة المقابلة. وقد يلجأ الرئيس إلى اتخاذ إجراءات قمعية من شأنها أن تُحدث اضطرابات حادة وتزيد من عزلته السياسية، بشكل يدفع البلاد إلى المجهول. لمنع هذه الحصيلة، ينبغي أن يوافق سعيد على إجراء حوار وطني وأن يسمح لوزراء حكومته بتولي أمر السياسة الاقتصادية. وينبغي على شركاء تونس الرئيسيين تشجيع الرئيس على قبول العودة إلى نظام دستوري متفاوض عليه بغرض توفير آفاق اقتصادية أكثر إشراقاً للبلاد”.
وقالت إن تونس “تنحدر إلى حالة من التردي الاجتماعي- الاقتصادي الشديد. ولا يتمتع سعيد وحكومة نجلاء بودن، التي تولت مهامها في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2021، بهامش مناورة كبير على مستوى الاقتصاد الكلي وسط ضغوط خارجية قوية. الرئيس وحده يسيطر على سياسة الدولة، ويرى السياسة الاقتصادية للبلاد على الأغلب من خلال منظور رسالة أخلاقية لمعالجة الفساد و”المضاربين”، لكنه فشل حتى الآن في تحقيق التوازن في الميزانية الوطنية”.
وأشارت مجموعة الأزمات الدولية في تقريرها إلى أن تونس تواجه أزمة متعددة الأوجه “تتجلى في حالة من الاستقطاب السياسي الحاد، والاحتجاجات الشعبية والضغوط الدولية – خطيرة وغير مسبوقة. ومن أجل المحافظة على سيطرته، قد يلجأ الرئيس إلى مضاعفة الإجراءات القمعية، خصوصاً باستهداف المجتمع المدني وقطاع الأعمال. كما يمكن لخطابه الشعبوي أن يثير العداء بين أتباعه نحو الأجانب والأغنياء. وفي إطار خطته لإحداث نظام سياسي جديد، يمكن لقيامه بترقية أنصاره إلى مواقع في السلطة المحلية، إضافة إلى قيامه بحل الإدارات البلدية المنتخبة، أن يطلق منافسة محلية عنيفة عبر الإخلال بالتوازن بين الشبكات الزبائنية”.
واعتبر التقرير أن سعيد بمواصلة إحكام قبضته على السلطة، واتخاذ القرارات دون نقاش أو حوار، وتبني إجراءات محاربة الفساد التي لا تفعل الكثير لتحسين حياة غالبية السكان، يساهم بعزل نفسه سياسياً، وتقليص الدعم الذي يتمتع به وحتى تعريض نفسه، بالمقابل، لأن تتم الإطاحة به عبر وسائل غير دستورية، ما سيفسح المجال للتنافس على سلطاته وما لذلك من آثار مزمنة مزعزعة للاستقرار.
واقترحت المجموعة على سعيد لمنع تحقق هذا السيناريو ولتقليص حدة الاستقطاب “إطلاق حوار سياسي وطني، انسجاماً مع الدعوات المتكررة من المجموعات السياسية، والنقابات والجمعيات. وينبغي أن يمضي هذا الحوار إلى أبعد من الخطط القائمة، مثل المنصة التي أطلقت حديثاً للتشاور مع المواطنين على الإنترنت، وأن يشمل نطاقاً واسعاً من التنظيمات، بما فيها المنظمات السياسية، والنقابات والجمعيات، وينبغي أن يتم إجراء هذا الحوار الشامل والتشاركي قبل الاستفتاء الدستوري الذي يزمع سعيد إجراءه في 25 تموز/يوليو 2022 بحيث يتم تقريب الرئيس من الجهات الفاعلة على الأرض والمساعدة في منع حدوث توترات محلية. كما أنه سيمنح صوتاً أكبر لشرائح أوسع في المجتمع لوضع برنامج للإصلاحات الاقتصادية الواقعية والمصادقة عليه”.