تونس – «القدس العربي»: استغل الرئيس قيس سعيّد خطاب التهنئة بشهر رمضان ليبشر التونسيين بجمهورية جديدة بناء على نتائج استشارته الإلكترونية، فيما كشف مساعد رئيس البرلمان المنحل عن تقديمه شكوى ضد سعيد لدى منظمة هيومن رايتس ووتش بسبب حل البرلمان وتهديد عشرات النواب بأحكام قاسية تصل للإعدام.
وخلال خطاب توجه به للتونسيين مساء الجمعة، قال سعيد إنه بحلول شهر رمضان “سيهلّ على الشعب هلال جديد سيصل إلى ليلة التمام وسيشرق فجر جديد على تونس. اللهم ما أفسدته سنوات الظلام الحالكة يصلحه شهرك المعظم الذي أنزلت فيه القرآن العظيم”، مضيفاً: “الحمد لله أننا بدأنا اليوم ما عزمنا القيام به ولن يثنينا عن عزمنا في تطهير البلاد والمضي قدماً في بناء جمهورية جديدة بناء على الاستشارة الشعبية وبناء على الحوار مع الوطنيين الصادقين المخلصين”.
وأثار الخطاب جدلاً سياسياً، حيث كتب عبد الوهاب الهاني، رئيس حزب المجد: “إدخال “الاستشارة” المثيرة للجدل في تهنئة التُّونسيِّين بدخول شهر رمضان المعظَّم، وكأنَّها ثابت من ثوابت الدِّين أو ركن من أركان الإسلام أو شرط من شروط شعيرة عبادة الصِّيام، قلَّة ذوق وتوظيف خطير للمشترك الدِّيني المُطلق في نسبيَّة المشروع التَّقسيمي الرِّئاسي. والنَّهي عن سلبيَّات وسلوكيَّات مرفوضة وإتيانها في اليوم نفسه أموراً لا تليق برئيس الدَّولة”.
تكاليف الاستشارة
وتحت عنوان “مليارات الاستشارة”، كتب الباحث والناشط السياسي محمد ضيف الله: “إن كانت هناك نظافة، أقصد شفافية ونزاهة وصراحة مع الشعب، فلماذا لم تعلنوا عن تكاليف الاستشارة؟ كم كلفت من أموال على حساب ميزانية الدولة، يدخل في ذلك المنصة الإلكترونية من إنشائها إلى صيانتها ومراقبتها، كما يدخل في مصاريف الاستشارة اللافتات المعلقة في كل مكان، وما انتصب من خيام دعوية وما صرف على المشتغلين فيها من الشباب من طعام ونقل وبطاقات هاتف، إضافة إلى كراء السيارات بأبواقها، والومضات الاعلانية التلفزيونية والإذاعية، ويدخل في ذلك أيضاً الموظفون الذين سخروا للحث على المشاركة، ويدخل في ذلك ما كلفته الإنترنت المجانية على المشغلين من تليكوم وأوريدو وأورنج، وملايين الإرساليات التي تحث على المشاركة، والبرامج الإذاعية والخبراء الذين استضافتهم. كلها أموال لا يمكن أن تُجمع بالمائة مليم، وإنما هي لا تقل عن المليارات”.
وأضاف: “هذه المليارات إما أنها كلفت على ميزانية الدولة أو قام بتغطيتها متبرعون مثل رجال أعمال. وفي هذه الحالة، ماذا حصل المتبرعون أو بماذا وُعدوا مقابل صرفهم على الاستشارة؟ التبرع في مثل هذا الموضع يسمى فساداً. وأما ميزانية الدولة، فعلى حساب أية أبواب خصصت مصاريفها للاستشارة؟ ألستم نظيفين؟ فلماذا لم تنطقوا حرفاً عن مصدر الأموال التي صرفت على الاستشارة؟”.
فيما كشف ماهر المذيوب، مساعد رئيس البرلمان المنحل، عن تقديمه شكوى قضائية لدى منظمة هيومن رايتس ووتش احتجاجاً على حل البرلمان من قبل الرئيس سعيد، مشيراً إلى 120 نائباً باتوا مهددين بأحكام قاسية تصل للإعدام.
وقال في رسالة موجهة لإريك غولدستين، نائب المدير التنفيذي للمنظمة، نشرها على صفحته في موقع فيسبوك: “يؤسفني إبلاغكم عزم السيد قيس سعيد رئيس الجمهورية التونسية محاكمة أكثر من 120 نائباً من نواب مجلس نواب الشعب في الجمهورية التونسية، بعد قيامهم بواجبهم الدستوري، وعقدهم لجلسة عامة عن بعد، مفتوحة للرأي العام، ونقلت على جميع مواقع التواصل الاجتماعي، وفاء منهم للقسم ولوظيفتهم البرلمانية ولإيمانهم العميق بدورهم في المساهمة في حلحلة الأزمة الدستورية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تعيشها بلادهم منذ أكثر من 8 أشهر”.
ملاحقة النواب
وأشار المذيوب في رسالته إلى أن سعيد “أقدم عقب رفع هذه الجلسة العامة على حل مجلس نواب الشعب في الجمهورية التونسية بدون أي سند دستوري، ووجه وزيرة العدل من خلال أمر مباشر بث على التلفزيون الوطني من أجل ملاحقة جميع النواب الذين شاركوا في هذه الجلسة العامة بتهم خطيرة جداً عقوبتها الإعدام، تتعلق بمحاولة الانقلاب والاعتداء على أمن الدولة والاستعانة بأطراف خارجية وغيرها من التهم الخطيرة. وكلفت وزيرة العدل فرقة البحث في قضايا الإرهاب بتتبع كافة هؤلاء النواب الأفاضل”.
واستقبلت رئيسة الحكومة نجلاء بودن، وفداً عن اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب لدى الأمم المتحدة عبد الله ونير، حيث أكدت بودن “انفتاح تونس على جميع التوصيات التي ستتقدم بها اللجنة وحرص بلادنا على مزيد تطوير المنظومة السجنية عبر تحسين ظروف الاحتجاز في مراكز إيقاف السجون، واعتماد آليات بديلة للتخفيف من الاكتظاظ احتراماً لمبادئ حقوق الإنسان وتعهدات منظومة حقوق الإنسان في هذا المجال، كما أبرزت أن زيارة اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب لدى الأمم المتحدة إلى تونس ستمكّن من دعم المكتسبات وتطويرها ومتابعة المقترحات الجديدة التي من شأنها أن تساعد على خدمة وتدعيم منظومة حقوق الإنسان في تونس”، وفق بلاغ للحكومة.
فيما أكد ونير أن اللقاء “كان بنّاءً وصريحاً وتطرق إلى التزامات الجمهورية التونسية في مجال الوقاية من التعذيب، مثمّناً في هذا السياق الخطوات الإيجابية التي حققتها تونس في مجال مكافحة التعذيب والوقاية منه، خاصة من خلال إنشاء الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب التي تعد الأولى في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ودورها في هذا المجال”.