أزمة إعلامية جديدة اندلعت بين برلين وموسكو، بعد قيام الحكومة الروسية بحظر بث محطة “دويتشه فيله” في روسيا، وهو ما وصفته وزيرة الدولة الألمانية للشؤون الثقافية، كلاوديا روت، بأن هذا الفعل حظر يعتبر “تصرفا عدائيا”. من قبل الحكومة الروسية. وقالت روت في تصريحات لبرنامج المجلة الصباحية عبر شبكة “ARD” الألمانية الإعلامية الجمعة إن حظر البث يعد هجوما على حرية الصحافة وتعبيرا عن أزمة كبيرة.
وكانت السلطات الروسية أعلنت في وقت متأخر من مساء الخميس عن قرار بحظر بث محطة “دويتشه فيله”، كما أصدرت الخارجية الروسية أمرا بإغلاق مكتب المراسلين التابع للقناة في موسكو وسحب التصاريح المعطاة لصحافييها. وتأتي إجراءات السلطات الروسية ردا على حظر ألمانيا لقناة “آر تي” الروسية الناطقة بالألمانية.
وكانت لجنة الترخيص والرقابة التابعة لهيئة البث (زاك ZAK)، وهي المظلة التي تندرج تحتها 14 مؤسسة إعلامية في أنحاء ألمانيا، قد أقرت بمنع بث المحتوى الإعلامي لقناة “آر تي دويتش”، معللة قرارها بعدم حصول القناة على التراخيص اللازمة.
وكان السفير الروسي في ألمانيا سيرغي نتشاييف قد أكد في وقت سابق أن روسيا سترد على القيود التي تم فرضها على قناة “آر تي” (روسيا اليوم) الروسية الحكومية في ألمانيا. ولوح السفير من برلين بـ”خيارات مختلفة” تستطيع روسيا القيام لها للتضيق على عمل “الصحفيين الألمان في روسيا” وهو ما أثار حفيظة النقابات الإعلامية في ألمانيا حيث وصفت رابطة الصحفيين الألمان “DJV” تصريحات السفير الروسي في برلين بأنها “تهديد صارخ”، وطالبت الحكومة الألمانية باتخاذ خطوات صارمة حيال السفير.
وقال رئيس مكتب دويتشه فيله في موسكو، يوري ريشيتو، إنه تلقى إشعاراً رسمياً بإغلاق المكتب في تمام التاسعة صباحاً حسب التوقيت المحلي.
كما أعلنت وزارة الخارجية أيضاً أنها ستقوم بتصنيف دويتشه فيله (DW) كـ”عميل أجنبي”، وهو قانون روسي مثير للجدل يفرض على الأفراد والمؤسسات الحاصلة على تمويل خارجي إرفاق علامة خاصة مع ما تنشره. ويقول منتقدون للكرملين إن القانون يُستخدم كأداة سياسية لإسكات المعارضين ومنظمات المجتمع المدني الناقدة للحكومة.
وأكدت روت أن مثل هذا القرار في ألمانيا تتخذه الجهات المنظمة للشؤون الإعلامية بصورة مستقلة عن الحكومة الألمانية، وقالت: “كان ذلك سينطبق على محطة أمريكية، تماما مثلما حدث مع المحطة الروسية”، منتقدة محطة “آر تي” الناطقة بالألمانية لعدم تقديمها طلب للحصول على ترخيص مطلقا.
وعلى الرغم من كل ما تشعر به من حزن وغضب، ذكرت روت أنها ستبذل كافة الجهود لتوضيح الفرق بين “دويتشه فيله” و”RT” الناطقة بالألمانية لوزيرة الثقافة الروسية، وستشير مرة أخرى إلى الشروط القانونية في ألمانيا.
وصرح مصدر في وزارة الخارجية الروسية بأن موسكو ستتخذ “موقفا إيجابيا” بشأن وسائل الإعلام الألمانية في حال غيرت ألمانيا موقفها تجاه قناة “أر تي دي إي” الناطقة باللغة الروسية في ألمانيا. وأضاف المصدر: “وفي حال التصعيد من قبل الحكومة الألمانية سيكون لدى روسيا ما ترد به”، بحسب ما اوردته قناة “أر تي عربية” الروسية.
من جانبه، أعرب المدير العام لمؤسسة دويتشه فيله الإعلامية، بيتر ليمبورغ، عن استغرابه من الخطوات الروسية، ووصفها بغير المعقولة ومبالغ بها للغاية، وذلك في مقابلة مع دويتشه فيله الناطقة بالإنكليزية وكذلك في بيان.
وأضاف ليمبورغ في بيانه: “يتم التعامل معنا هنا ككرة تتقاذفها الأقدام، كما هو حال وسائل الإعلام في الأنظمة الشمولية. نحن نحتج بكافة السبل على هذا الرد العبثي للحكومة الروسية، وسنسلك السبيل القانوني لمواجهة هذه الخطوات المعلنة”.
وقال ليمبورغ إنه “وحتى تسلمنا كتاباً رسمياً بتلك القرارات، سنواصل بث التقارير من مكتبنا في موسكو. وحتى إن اضطررنا إلى إغلاقه، فإن تغطيتنا الإعلامية لروسيا لن تتأثر بذلك، بل إن ذلك سيعزز بشكل كبير من تغطيتنا لشؤونها”.
يشار إلى أن دويتشه فيله حصلت على ترخيص البث في روسيا عام 2005، باللغتين الإنجليزية والألمانية، وأن ترخيص البث للقناة الإنجليزية يسري حتى عام 2025، بينما يسري الترخيص للبث بالألمانية حتى عام 2027.
وبحسب معلومات المؤسسة، فإن البث باللغة الألمانية يحتوي تغطية يومية تمتد من ساعتين إلى أربع ساعات باللغة الروسية، وهو أحد شروط الحصول على ترخيص البث في روسيا.
وتعرضت قناة “آر تي” مرار ا وتكرارا لانتقادات في الغرب باعتبارها أداة دعائية للكرملين. ويعتبر الاتهام الأساسي هو أن القناة تروج لنظريات المؤامرة والمعلومات المضللة نيابة عن الدولة الروسية. وترفض القناة هذا الاتهام.