تونس – “القدس العربي”: أثارت زيارة مدير الخزانة العامة الفرنسي إلى تونس جدلا كبيرا بسبب توقيت الزيارة والتكتم عليها من قبل السلطات التونسية.
وكان موقع “أفريكا إنتيليجنس” كشف الأربعاء عن زيارة لمدير الخزانة العامة الفرنسي والمدير السابق لنادي باريس، إيمانويل مولان، إلى تونس، حيث يلتقي وزيرة المالية سهام البوغديري ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي.
وأشار الموقع إلى أن زيارة مولان الملقب بـ”رجل الأزمات” تهدف إلى مساعدة تونس للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، مع احتمال مناقشة مسألة انضمامها لنادي باريس الذي يقوم عادة بمساعدة الدول المديونة (إعادة جدولة الديون) مقابل التزامها بتنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية.
وأثارت زيارة مولان جدلا كبيرا، حيث كتب عبد الوهاب الهاني رئيس حزب المجد “الخطر الداهم: إعادة جدولة الديون عن طريق “نادي باريس” أو إعلان الإفلاس وعودة “الكومسيون المالي” تحت عباءة “نادي باريس”. هذا ما نبه إليه آخر تقرير لـ”مجموعة الأزمات الدولية” منذ أيام”.
وأضاف “تونس أمام خيارين لا ثالث لهما: إعادة هيكلة ديونها العامة – القفز من خلال أطواق نادي باريس للقيام بذلك – أو إعلان إفلاسها. وفي كلتا الحالتين، ستكون التداعيات الاجتماعية والاقتصادية مؤلمة. إعادة هيكلة الديون، على الرغم من أنها تبدو أقل صعوبة من الخيار الثاني، سيكون لها تأثير خطير على السكان. يمكن أن تشمل الآثار، في جملة أمور، انخفاض قيمة العملة، وخصخصة الشركات المملوكة للدولة، وتجميد رواتب القطاع العام، والتقاعد المبكر القسري، وانخفاض الواردات بشكل كبير (ربما يؤدي إلى نقص مزمن في السلع الأساسية)، والزيادات الصافية في البطالة والتضخم”.
وكتب الخبير الاقتصادي محمد النوري ” الوضع المالي للبلاد ليس صحيحا، ما ذكرته السيدة الوزيرة بأن تونس غير مهددة بالإفلاس، وهي تنفذ تعهداتها الداخلية والخارجية بانتظام ولم يحصل تأخير في صرف الأجور والمرتبات وكأن السماء زرقاء والعصافير تزقزق! في حين أن الشعب التونسي قبل ذلك يعلم حقيقة الأمر الواقع، ويتابع بقلق شديد تطورات الأوضاع الاقتصادية والمالية الغير مسبوقة في تاريخ البلاد، وتؤكد هذه الحقيقة الصارخة كل المؤشرات الكلية لاقتصاد البلاد من مديونية فاقت سقف 100 بالمئة من الناتج الاجمالي الى نسبة العجز في الميزانية التي تناهز 20 مليار دينار ثلثها متجه الى الاقتراض الداخلي و البقية إلى الاقتراض الخارجي، الى التضخم وغلاء الأسعار وتراجع النمو”.
وأشار النوري إلى أن هذه الحقائق لا تعكس ما تقوم به الوزيرة من طمأنة زائفة للرأي العام، وأوضح أنه يجب فهم زيارة السيد مولان رئيس نادي باريس ومدير الخزينة الفرنسية الى تونس، ضمن هذا السياق، وما يعنيه ذلك من حالة “الإفلاس غير المعلن” للبلاد ومحاولة السلطة تأجيل مصارحة الرأي العام به .
وتأتي زيارة مولان في وقت كشف فيه بعض المصادر عن استخدام الحكومة التونسية لقرض حصلت عليه من الجزائر، إضافة إلى الاستدانة من مؤسسة البريد التونسي، لدفع رواتب الموظفين، وهو ما أثار تساؤلات حول قدرة الدولة على الإيفاء بالتزاماتها الدولية، في وقت يحذّر فيه مراقبون من تكرار السيناريو اللبناني.