القوات الكردية في سوريا تطارد الجهاديين بعد استعادتها السيطرة على سجن الحسكة

جمعة, 28/01/2022 - 10:53

الحسكة (سوريا):  واصلت القوّات الكرديّة في شمال شرق سوريا، الخميس، ملاحقة عشرات الجهاديّين المتحصّنين داخل سجن كبير غداة استعادتها السيطرة عليه من مجموعة تابعة لتنظيم “الدولة الإسلاميّة: هاجمته قبل نحو أسبوع.

 

وأدّت عمليّة اقتحام السجن الواقع في مدينة الحسكة والاشتباكات التي تلته إلى أكثر من 200 قتيل.

 

وشكّل هذا الهجوم “أكبر وأعنف” عمليّة للتنظيم منذ أن سقطت قبل نحو ثلاث سنوات “دولة الخلافة” التي أقامها وفقدانه مساحات واسعة كان يُسيطر عليها في سوريا.

 

وأعلنت قوّات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة أنّها استعادت الأربعاء “السيطرة الكاملة” على سجن الصناعة في حيّ غويران، منهيةً معارك استمرّت ستّة أيّام تحوّلت خلالها كبرى مدن شمال شرق سوريا إلى ساحة حرب.

 

لكنّ عمليّات التفتيش عن مُتوارين أظهرت أنّ “ما بين 60 و90 من المرتزقة يتحصّنون” في قسم من مبنى السجن، بحسب “قسد” التي أكّدت في بيان أنّ نحو 3500 من المهاجمين والسجناء التابعين للتنظيم استسلموا لها حتّى الآن.

 

وأضاف البيان “قوّاتنا وجّهت نداء الاستسلام الآمِن لهؤلاء، حيث ستتعامل معهم بكلّ حزم في حال عدم الاستجابة”.

 

دفعت الاشتباكات نحو 45 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، وفق الأمم المتحدة، ولجأ عدد كبير منهم إلى مساجد أو صالات أفراح في المدينة

 

واندلعت اشتباكات متقطّعة الخميس مجدّدًا في محيط السجن خلال عمليّات التمشيط التي تُنفّذها القوّات الكرديّة، ما أدّى إلى مقتل خمسة جهاديّين على الأقلّ، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

 

وشهدت الحسكة في غضون ذلك حظر تجوّل لليوم الرابع توالياً، وأقفلت القوّات الكرديّة كلّ منافذ المدينة بهدف الحؤول دون خروج عناصر التنظيم منها وانتقالهم إلى مناطق أخرى.

 

ودفعت الاشتباكات نحو 45 ألف شخص إلى الفرار من منازلهم في مدينة الحسكة، وفق الأمم المتحدة، ولجأ عدد كبير منهم إلى مساجد أو صالات أفراح في المدينة.

 

وسط هذه التطوّرات، دعا مساعد الأمين العام للأمم المتّحدة للشؤون الإنسانيّة مارتن غريفيث، خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي الخميس، إلى إجلاء الأطفال المحاصرين داخل سجن غويران.

 

وقال غريفيث خلال جلسة دوريّة للمجلس مخصّصة للجانب الإنساني من الملفّ السوري “نحن قلقون بشدّة بشأن مئات الأطفال الذين علِقوا في حصار مرعب” في هذا السجن.

 

أضاف “من الأهمّية بمكان أن يتمّ إجلاء جميع الأطفال ووضعهم في أمان ودعمهم”.

 

وتابع غريفيث “حتّى لو غادروا السجن، فإنّ مستقبلهم غير مؤكّد”، معتبرا أنّ هؤلاء الأطفال “ليسوا في مأمن من الخطر”.

 

– خاطرنا بحياتنا”-

 

تجمّع عدد من السكّان الخميس أمام حاجز عند مدخل حيّ غويران حيث تقع بيوتهم، محاولين إقناع قوّات الأمن بالسماح لهم بدخوله، على ما لاحظ مراسل وكالة فرانس برس.

 

وقال أبو حمزة الذي كان ينتظر وسط الصقيع مع أطفاله الخمسة “جئنا لنتفقّد بيوتنا”.

 

وأضاف “لكنّهم أبلغونا أنّ الوضع غير جيّد، وقالوا لنا “عودوا أدراجكم الآن، وعندما يهدأ الوضع تعالوا””.

 

على مقربة منه، كانت امرأتان تحملان أكياس بلاستيك تحتوي على خبز، تحاولان الوصول إلى حي غويران لإيصال ما جاءتا به إلى السكّان الذين حرِموا من المواد الغذائية الحيوية منذ أيّام.

 

المرصد السوري لحقوق الإنسان: عملية تمشيط السجن (التي تنفّذها القوات الكرديّة) تجري بحذر شديد خوفاً من وجود انتحاريّين أو ألغام وضعها عناصر التنظيم

 

وقالت إحداهما لوكالة فرانس برس “الأهالي معزولون وهم بلا خبر ولا ماء، وبلا شيء”.

 

وأضافت “جئنا وغامرنا بأنفسنا لنشتري الخبر للحارة وسنوزّعه”.

 

وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يتّخذ بريطانيا مقراً بأنّ “عملية تمشيط السجن (التي تنفّذها القوات الكرديّة) تجري بحذر شديد خوفاً من وجود انتحاريّين أو ألغام وضعها عناصر التنظيم”.

 

وأوقعت الاشتباكات منذ بدئها الأسبوع الفائت نحو 173 قتيلاً من عناصر التنظيم و55 من القوات الكردية، إضافة الى سبعة مدنيين، حسب حصيلة جديدة للمرصد.

 

وقال المرصد إنّ “عدد الخسائر البشريّة قابل للارتفاع لوجود عشرات المفقودين، وعشرات الجرحى”. ونُقل نحو 120 عنصراً من قوات سوريا الديموقراطية والقوى الأمنية إلى المستشفى “بعضهم بحالات خطيرة”، وفق المرصد.

 

ورغم إصرار السلطات الكرديّة على أنّ أيّ سجين لم يفرّ من السجن، أشار المرصد إلى هروب عدد كبير من السجناء بعد الهجوم.

 

ورجّح المرصد أن يكون في أقبية السجن “ما بين 25 إلى 40 عنصر من التنظيم متوارين ضمنه حتى هذه اللحظة دون طعام منذ نحو أسبوع، وهناك بعضهم قد قتِل بالاستهداف الجوّي ليل أمس أثناء محاولتهم الفرار”.

 

– “أزمة أوسع” –

 

كان سجن الصناعة في حيّ غويران بمدينة الحسكة يضمّ نحو 3500 معتقل منتمين إلى التنظيم، بينهم نحو 700 من القصّر، قبل تعرّضه لهجوم التنظيم الذي بدأ بتفجير شاحنتين مفخختين يقودهما انتحاريّان.

 

وحذّرت منظمة هيومن رايتس ووتش الأربعاء من أنّ “استعادة القوّات التي يقودها الأكراد السجن تُنهي المحنة القاتلة الحالية، لكنّ الأزمة الأوسع التي تتعلق بهؤلاء السجناء لم تنته بعد”.

 

وأضافت في بيان أنّ “على التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والأطراف الأخرى المعنيّة، التأكّد سريعاً من أنّ جميع السجناء بأمان، خصوصاً الجرحى والمرضى والأطفال، ومن أنّهم يحصلون على الطعام والماء والرعاية الطبية”.

 

وأعلنت قوات سوريا الديمقراطية أن السجناء يُنقلون “الى مكان آمن”، فيما عملياتها في سجن غويران ومحيطه “مستمرة وستستمر”.

 

وتضمّ السجون الواقعة في المناطق الواسعة التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا نحو 12 ألف جهادي من نحو 50 جنسية، وفق السلطات الكردية.

 

ومنذ إعلان القضاء على التنظيم، تُطالب الإدارة الذاتية ذات الإمكانات المحدودة، الدول المعنية باستعادة مواطنيها المحتجزين في سجون ومخيمات أو إنشاء محكمة دولية لمحاكمة الجهاديين في سوريا. لكنّ مناشداتها لا تلقى آذاناً صاغية. واكتفت فرنسا وبضع دول أوروبية باستعادة عدد محدود من الأطفال اليتامى.

 

ودأبت السلطات الكردية على التحذير من أنّها لا تتمتّع بالقدرة الكافية على احتجاز الآلاف من مقاتلي التنظيم، ناهيك بمحاكمتهم.

 

عبد الكريم عمر: هذه القضية مشكلة دولية وليس بإمكاننا مواجهتها لوحدنا. هي أشبه بكرة نار تكبر وتزداد خطورة

 

وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا غير بيدرسن الخميس أمام مجلس الأمن رداً على سؤال عن الهجوم “أعتقد أننا يفترض ألا نكون فوجئنا، فنحن نحذّر من هذا الأمر منذ مدة طويلة”.

 

ورأى مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية عبد الكريم عمر أن على المجتمع الدولي محاكمة عناصر التنظيم الأجانب أو إعادتهم إلى دولهم.

 

وقال عمر لفرانس برس الأربعاء “هذه القضية مشكلة دولية وليس بإمكاننا مواجهتها لوحدنا. هي أشبه بكرة نار تكبر وتزداد خطورة”.

 

وسيطر التنظيم عام 2014 على مناطق واسعة في العراق وسوريا أقام عليها ما سمّاه “دولة الخلافة”.

 

وبعد عمليّات عسكريّة استمرّت خمس سنوات نفّذتها قوّات محلّية ودوليّة، سقطت في آذار/مارس 2019 بلدة الباغوز التي شكّلت معقله الأخير على ضفاف نهر الفرات في شرق سوريا.

 

(أ ف ب)

 

 

تابعنا على فيسبوك