إلى علمائنا الأجلاء : شاركونا فالمساواة وحسن التسيير يتطلبان مشاركتكم ! / التراد بن سيدي

سبت, 15/01/2022 - 10:06

نحن نرى بل كلنا يقين أن هذا البلد تتهدده مخاطر جدية لا تبقي ولاتذر إذا لم تتداركه عناية إلهية و يسود فيه عاجلا لا آجل نظام للعدالة والمساواة الكاملتان بين المكونات المختلفة في البلد أبيضهم وأسودهم وبكل اختلاف أصولهم و تنوعاتهم ويسود فيه تسيير صحيح محكم ورشيد لمقدراته ، ونعتقد كذلك ونحن موقنين  أن ما يحتاجه المجتمع لتصحيح الأختلالات وتسوية كل المشكلات لايختلف ولا يتناقض في شيء منه مع نهج الحنفية السمحاء ومقاصد شريعتها الغراء المجسدتان لمصالح الخلائق لأنهما من عند رب الأرض والسماء ومابينهما من حي وجماد أنزلهما الله في كتابه العزيز الذي  لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه تنزيل من حكيم حميد ولأننا مجتمع المسلمين  فإن للعلماء فينا بصفتهم حملة الأمانة الكبرى إرث النبوة والوحي نرى لهم دورا بارزا ومتميزا لايمكن الاستغناء عنه، وأي تقصير وتهاون أو تفريط في أداء هذا الدور تترتب عليه من الآثار والمفاسد والمضار بقدر أهميته وكل أمر يظهر للمجتمع المسلم ضعف أو انعدام لأدوار العلماء فيه يخف اهتمام المجتمع به ولو كلف ذلك ماكلف من نتائج وإثار فقد كان لعزوف العلماء الأوائل من الصحابة المشاركة بقوة وفعالية في الصراعات التي بدأت بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه وما أعقبها من صراعات استمرت زمنا طويلا فلقد كان لهذا العزوف عن المشاركة أثر كبير وجرح لا يندمل في نفسية المسلمين، وكان بعد ذلك لتجنب العلماء المشاركة في حل المشكلات الكبرى التي عرفتها المجتمعات الإسلامية في المشرق وفي المغرب الدور الرئيسي- حسب رأيي- في تسهيل احتلال بغداد وتدميرها من طرف المغول ونكبة الإسلام العظمى في الأندلس بفعل الصراعات وسوء السياسات ومكر الأعداء، ولقد كان لمشاركة العلماء في مصر والشام في العمل والتعبئة ضد المغول والصليبيين دورا حيويا وفعالا في إيقاظ وتهيأة الشعوب المسلمة في الإقليمين للنهوض والتصدي الحاسم لدحر الهجمتين الوحشيتين، ولن ينسى التاريخ - أبدا-  الكثيرين من العلماء الأفذاذ الذين لم يخافوا في الله والحق  لومة لائم ولايتسع المجال لذكرهم جميعا لكن في مقدمهم العز بن عبد السلام و تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحميد بن تيمية و عبد الحميد بن باديس والشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل!!!
إن من يشكك في دور العلماء وتأثيرهم لايفهم عمق تعلق المسلمين بدينهم واعتبارهم العلماء أمناء على حفظه وتبليغه وتيسير فهمه وممارسته، ولقد ظل الحكام طيلة تاريخ الإسلام يستمدون قوتهم وشرعيتهم مما يمنحه دين الإسلام لهم ويعتمدون دائما في ذلك  على العلماء لتأكيد تلك الشرعية، تستوي في ذلك الأنظمة الأقرب إلى التزام النهج الإسلامي وتلك التي لا يوجد من إسلامها إلا الإسم في الحالين يظل الحكام يبحثون عن تأكيد شرعيتهم بقبولهم إسلاميا ويستخدمون العلماء لهذا الغرض، لقد أدرك الأستعمار حقيقة الأهمية التي للعلماء في المجتمع الإسلامي فنجد نابليون في حملته لاحتلال مصر يهتم بتأمين قبوله لدى الأزهر الشريف وعلمائه ونفس السياسة تبنتها فرنسا بعد ذلك عند غزوها ودخولها لموريتانيا فكونت علاقات قوية ببعض العلماء واهتمت في كل بقعة وطئتها بالعلماء فيها، وفي الشام كانت فرنسا تتبع نفس السياسات واتبعت ذلك ابريطانيا في الأماكن التي احتلتها من كل الأقطار الإسلامية !!
إن ما أوردنا من أمثلة لأهمية العلماء في كل العصور وعند كل ممارسي السياسات تؤكد على المعنى الذي نقصده إن تأخر العلماء عن أدوارهم أضر دائما في الماضي وتأخر علمائنا اليوم عن المشاركة في أمور مهمة من أمور البلد يؤثر أيما تأثير في هذه الأمور .
إن لبلدنا مشاكل شديدة التأثير شديدة الخطر يتطلب سلامة الوطن واستقراره واستمراه معالجتها ووقف تأثيرها المدمر على جسم الوطن في حاضره ومستقبله فما لم ينتهي مايسود من عدم المساواة في القيمة البشرية وفي ظروف الحياة وفي الفرص و مالم يتوقف اختلاس ونهب المال العام والتهاون في تجريم مثل تلك السلوكيات فإن المجتمع لن يستمر فهذان الأمران قاتلان فعدم المساواة يحتم الصراع المفضي للخراب وسوء العاقبة وعدم الرشاد والأمانة مع المقدرات يمنع ويحول دون أي تقدم وأي إنجاز ويفرض واقعا من الفساد والتخبط وكل شيء سيء وضار !!
إن عدم تحدث العلماء بشكل واضح ومؤثر عن حرمة و لاشرعية التراتبية الحقيرة التي استمرت طويلا في البلد تعرض جزئا من مواطنيه للاحتقار والتعامل بدونية ولم نرى مايناسب خطر هذا السلوك وعدم مولائمته لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف من الذين يسمع منهم إذا تحدثوا في الشرع وفي تعاليم الإسلام، لقد تحدثنا وتحدث آخرون غيرنا لكننا لم نرى من العلماء الاجلاء في هذا المجال ما كان يجب أن نسمع ونرى .
ولقد ساد في كل البلدان المسلمة إنهاء للرق وتسوية لمشكلاته بإنهاء اللامساواة وبالتعامل بين المواطنين تعامل الأحرار المتساون بينما في بلدنا يرفض المواطنون التعامل بمساواة ويرفضون  التداخل الأجتماعي والتزاوج المشترك وكثير من الأمور التي تجعل الحياة أكثر عدالة واستقامة إن كل ذلك يشكل خطرا على البلد ونستغرب أن لانرى للعلماء اهتماما بهذه الموضوعات كما لو أن مايجري  لدينا يشكل سلوكا  شرعيا مقبولا،إن عدم تناول العلماء لهذه الأمور صعب تغيير العقليات المتحجرة التي تعتقد أنما تعودت عليه لايختلف عن تعاليم الشرع ولقد ترافق ذلك وسلوكيات هي في الحقيقة جزءا مما يسود العقلية المتعفنة فهذا الترفع عن العمل الذي يسود أوساطا هي في الحقيقة أوساط غالبية العلماء هذا الشباب الذي لايقبل الكثير من الأعمال يترفع عنها ويتركها للأجانب معطلا جزئا أساسيا من الطاقة الوطنية مهدورة وضائعة ومكلفا الوطن أموالا طائلة تدفع للأجانب الذين يقومون بهذه الأعمال ألا يرى علماؤنا أن ترك الأمور هكذا فيه من الفساد والضرر مايجعل الأهتمام به والتحدث عنه من صلب مهام الدعوة الصحيحة والإرشاد والتوجيه القويم؟
وإن مما لايمكن أن يسكت عنه علماؤنا بعد اليوم وننتظر منهم جميعا مواقف صريحة وفتاوي مدوية وفديوهات ومحاضرات و تصاريح هو مايسود من سوء تسيير صار عادة ثابتة ونهجا و ديدنا موريتانيا خالصا فالاختلاس صار مصدرا لبناء الشخصية وحيازة المكانة وتقدم الصفوف ولا من يشجب ولا من يدين فكأن المال العام حلال طيب لكل مختلس وكأن الأختلاس عمل شرعي لاضرر فيه حتى أصبح قادتنا لصوصنا كل ذلك وعلماؤنا بيننا يجلسون ولا من رأى ولامن سمع !!!

إن الوقت قد حان لأن يشترك العلماء في تصحيح المسار وتغيير العقليات الفاسدة بما أوتوا من علم و قوة، فمشاركة علماءنا هي الوسيلة الناجعة التي تنقصنا لتسوية المشاكل والتغلب على التخلف وتحجر العقليات، وإن وجود رئيس يؤمن بالحاجة للتغيير وعلاج الأختلالات كما هو الحال مع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني  يتطلب موقفا جديدا من العلماء الكرام يوضحوا فيه للناس موقف الدين الإسلامي الحنيف من كثير من سلوكياتنا وعاداتنا غير السوية ويوضحوا عدم قبول الإسلام للظلم والكبر والترفع واحتقار الإنسان للإنسان الذي كرمه الله وتحريم المال العام والأدلة في المسألتين كثيرة واضحة وشهيرة لاينقصها إلا أن يكون من يعطيها ممن عرفوا بالعلم وينتظر منهم الفتاوى والإرشاد .
لقد شكلت مواقف الرئيس الأخيرة فرصة عظيمة لاتعوض لمن يهمه تطوير المجتمع وعلاج أمراضه ليبذل المستطاع وإذا لم يشارك كل أهل الرأي وفي مقدمهم العلماء الكرام في عمل توعوي وإرشادي قوي في هذه الظروف وحول هذه المضوعات فلن نكون اغتنمنا الفرصة والفرص- كمايقال- لاتضيع فأمامنا جميعا فرصة نادرة لإنقاذ هذا الوطن من الضياع ولخلق ظروف للوحدة والوئام والتقدم والبناء، فهل نأمل أن تشاركونا سادتنا علماؤنا الكرام فذلك أملنا والله الموفق؟؟!!

 

تابعنا على فيسبوك