يبدو أن المشهد السياسي الداخلي الأردني مفتوح الآن على مصراعيه أمام حراكات من كل الأصناف لكن هذه المرة مجددا تحت عنوان سياسي وبطريقة قد تبدو دراماتيكية إذا ما تحالف العنصر السياسي الاحتجاجي المتمثل بالاعتراض الجماعي على التعديلات الدستورية رغم عدم فهمها وأحيانا عدم قراءتها إلى الاحتقان الاقتصادي والمعيشي والإجراءات الصارمة الناتجة عن الاشتباك مع الفيروس كورونا.
المعطيات في هذا السياق لا تبشر بالكثير من الخير للحكومة الأردنية خصوصا وأن مجلسي النواب والوزراء أخفقا تماما في تقديم شروحات وافية تضمن التأسيس لحاضنة اجتماعية من أي نوع لصالح “التعديلات الدستورية” ولاحقا لحزمة التشريعات على قانوني الانتخاب والأحزاب.
الأسئلة الحائرة في سياق صناعة الأحزاب لا تزال سيدة الموقف بالنسبة لغالبية المجالس السياسية في البلاد حيث تحذيرات من موجة وموضة أحزاب الأنابيب مستمرة وحيث أيضا تحذيرات موازية تحت عنوان تصنيع الأحزاب واحتمالية أن يستفيد التيار الإسلامي تحديدا من عدم وجود تجارب برامجية حزبية تمأسست أو أسست وفقا لوضع طبيعي وبرامجي.
مؤشرات الحراك وتململه في هذا السياق تبدو متفاعلة على أكثر من صعيد أهمها الإعلان مجددا عبر بيان لمجموعة تطلق على نفسها “أحرار مدينة السلط” عن الاجتماع في اعتصام مفتوح ومتجول في المدينة الأسبوع المقبل وتحديدا مساء الخميس المقبل، وذلك البيان رد على الأرجح على تواجد قوات الدرك والأمن بكثافة في المدينة لمنع وقفة احتجاجية صغيرة.
بنفس الوقت تنطلق دعوات حراكية على أكثر من صعيد وفي عدة محافظات.
ورصدت منصات التواصل والمواقع الصحافية تجمع عشرات من أبناء مدينة الزرقاء في وقفة احتجاجية حملوا خلالها جنازة تمثيلية كتب عليها الدستور الأردني.
في الأثناء الفرصة مواتية لتجاوب حراكات محلية مختلفة على أكثر من صعيد من بينها حراكات في مدينة الكرك جنوبي البلاد وأخرى في مدينة معان حيث تحركت مجموعة تشكل مئات من المواطنين من أهالي مدينة معان الجمعة احتجاجا على الارتفاع المفاجئ في أسعار المياه كما قيل ويبدو أن عناصر من كوادر الحركة الإسلامية في حالة المشاركة ولكن بصورة جزئية بتلك الحراكات.
ثمة دعوات للحراك في مدينة المفرق شرقي البلاد.
لكن إذا ما اجتمعت العناصر التي تساند حراكات شعبية تحت عناوين سياسية هذه المرة فالفرصة قد تكون متاحة أمام تلمس ثمن كلفة القصور الحكومي والبرلماني في شرح التعديلات الدستورية الأخيرة خصوصا وأنها برأي العديد من الأطراف تعديلات عميقة وجوهرية وتنطوي أو تحتوي على دليل مباشر وقرينة أساسية قوامها الجدية في مرحلة الانتقال إلى اشتباكات التعددية الحزبية.
وهو أمر أصبح مربكا لجميع الأطراف خصوصا وأن نخبة من كبار المسؤولين بدأت تتساءل وفي كل الاتصالات والمشاورات عن الأسباب التي تدفع الجمهور الأردني للاعتراض على تعديلات دستورية حتى قبل قراءتها بصورة حرفية.
وهو أمر بات محيرا للغاية ويشكل لغزا أساسيا حتى بالنسبة لدوائر القرار.
لكن توفير إجابات على هذه الأسئلة التي تعتبر بمثابة ألغاز حقيقية قد تكون مهمة صعبة لكنها ضرورية في ظل ما يسميه مثقفون وسياسيون وبرلمانيون بانعدام الثقة مع الخطاب الرسمي وبصورة انعكست تماما على مستوى تقبل الجمهور الأردني للتعديلات الدستورية التي تم تشويه صورتها بسبب القصور في الاشتباك والتعاطي مع الكثير من التفاصيل.