قالت صحيفة “واشنطن بوست” في تقرير أعدته آشلي باركر وإيمي غاردنر إن كذبة سرقة انتخابات عام 2020 والتي نشرها الرئيس دونالد ترامب أصبحت معيارا للولاء في الحزب الجمهوري وطريقا للترشيح في الانتخابات.
وأشار التقرير إلى رجل الأعمال من كليفلاند بيرني مورنيو، الذي كتب في يوم إعلان جو بايدن فائزا في انتخابات الرئاسة في يوم السبت من تشرين الثاني/نوفمبر تغريدة هنأ فيها بايدن نائبته وحث “أصدقاءه المحافظين” على القبول بالنتيجة. وكتب إن عمليات تزوير حدثت ومرت أصوات غير قانونية ولكن هل هي كافية لتغيير النتيجة، لا.
وبعد عام حذف مورنيو التغريدة بعد ترشيحه لخوض عملية الانتخابات في الحزب الجمهوري عن أوهايو، وبات يقول إن الرئيس السابق دونالد ترامب “مصيب” في حديثه عن سرقة الانتخابات. ونقلت عنه الصحيفة قوله “بشكل عام تمت سرقة الانتخابات”.
وتعلق الصحيفة أن مورنيو هو مثال عن الحزب الجمهوري المعاصر الذي بات يردد اتهامات الرئيس السابق التي لا أساس لها ويعبر الإيمان بها عن موقع الشخص داخل الحزب. وفي الوقت الذي أحيت فيه أمريكا الذكرى الأولى على هجوم رعاع مؤيدين لترامب في الكونغرس يوم 6 كانون الثاني/يناير، فقد دفع الرئيس السابق غالبية حزبه لتصديق كذبته وقاد في الوقت نفسه جهود تبييض العنف الذي تسبب فيه الغوغاء ذلك اليوم.
ووجدت الصحيفة أن 162 جمهوريا رشحوا لمناصب في الولايات تعطيهم الفرصة للتحكم بطريقة إدارة الانتخابات. وتضم القائمة 69 مرشحا لمنصب الحاكم في 30 ولاية و 55 لمجلس للشيوخ و 13 مرشحا لمنصب المدعي العام و 18 مرشحا كسكرتير للولاية حيث يترأس الشخص مسؤولية الانتخابات. وهناك خمسة من المرشحين لمجلس النواب كانوا أثناء الهجوم على الكابيتال هيل، منهم جيسون ريدل من نيو هامبشير والذي اتهمه المدعون بشرب الخمر داخل البناية ذلك اليوم. وقال ريدل إن ترامب يعتبر “أهم شخص مؤثر في الحزب” ولكنه لا يتوقع مصادقة منه لأن هذا سيكون مثيرا للجدل و”يريد إبعاد نفسه عن المشاغبين” في الكابيتال هيل و”أفضل لو قرر الترشح مرة ثانية”. وقال ريدل إنه سيترشح من السجن لو صدر عليه حكم في قضية 6 كانون الثاني/يناير. وتم ترشيح منافسين للعشرة من أعضاء مجلس النواب الجمهوريين الذين صوتوا مع محاكمة ترامب في قضية الهجوم على الكونغرس. فالنائب عن ساوث كارولينا توم رايس يواجه 10 مرشحين في تصفيات الحزب للمرشح عن الولاية وقاطعه الحزب في الولاية ولم يدع إلى مؤتمر الحزب في مدينته بالولاية، ميرتل بيتش. وأعلن آخرون مثل أنتوني غونزاليس عن أوهايو وآدم كيمنزنغر عن إليونيز عن عدم ترشحهم مرة ثانية. وأصبحت ليز تشيني التي أطيح بها من قيادة الحزب في مجلس النواب عضوا في اللجنة المختارة التي تقوم بالتحقيق في أحداث الكونغرس. وقال دانيال زيبلات، البرفسور في جامعة هارفارد والمؤلف المشارك في كتاب “كيف تموت الديمقراطيات”، إن الكثير من الأمريكيين اعتبروا الهجوم على الكونغرس نقطة محورية ومبررا للجمهوريين لإبعاد أنفسهم عن ترامب و”لكن، ما شاهدناه في الحقيقة هو العكس. ووجد الكثير من الجمهوريين أن مصلحتهم تقضي دعم الكذبة”.
الكثير من الأمريكيين اعتبروا الهجوم على الكونغرس نقطة محورية ومبررا للجمهوريين لإبعاد أنفسهم عن ترامب ولكن، ما شاهدناه في الحقيقة هو العكس. ووجد الكثير من الجمهوريين أن مصلحتهم تقضي دعم الكذبة
ويعتبر برنامج “البنادق الشابة” واحد من علامات التطور في الحزب الجمهوري والذي يقوم بتحديد الأشخاص في المناطق المتنافسة ومن تتناسق رسالتهم مع رسالة الحزب. ومن بين 32 مرشحا اختيروا ضمن البرنامج، أكد 12 منهم على إيمانه بكذبة التزوير في عام 2020. ومنهم العضو السابق في قوات النخبة “نيفي سيل” إيلي كرين من أريزونا حيث طالب عبر تويتر مجلس الولاية برفض النتائج وفتح تحقيق. وآمنت أنا بولين لونا من فلوريدا، وهي مرشحة ضمن البرنامج، بالنظرية الخيالية عن تحويل آلات الانتخابات التي صنعتها شركة دومونيوم فوتينغ سيستمز الأصوات من ترامب إلى بايدن. وقابلت لونا ترامب في عام 2021 وصادق على ترشيحها باعتبارها “محاربة” و”فائزة”. وقامت اللجنة الوطنية الجمهورية للكونغرس بجمع الأموال من ترامب وجندت مرشحين زعموا أن الانتخابات مسروقة. ويترأس اللجنة النائب عن مينسوتا توم إيمر الذي صادق على نتائج الانتخابات وحث ترامب على تناسي الموضوع. وقال المتحدث باسم اللجنة مايكل ماك آدامز “يعرف المرشحون أن الموضوع مهم للناخبين. وفي الوقت الحالي فستكون الانتخابات النصفية استفتاء على الديمقراطيين الذين أدى عقمهم إلى زيادة الأسعار والجريمة والأزمة على الحدود الجنوبية”. ولكن ترامب قضى معظم وقته بعد مغادرته البيت الأبيض بالتركيز على الكذبة ونظريات المؤامرة عن سرقة الانتخابات. وضغط على رونا ماكدنيال مديرة اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري للزعم عبر التلفزيون أن الانتخابات مسروقة. وبدأت اللجنة الوطنية بمبادرات عدة تتعلق بالانتخابات بما فيها خطط لتقديم دعاوى قضائية وتعيين مسؤولين في الانتخابات ومتطوعين. والهدف من كل هذا وقف انتقادات ترامب وعدم المصادقة على خطابه الناري والكاذب.
وقال جاستن ريمر، مستشار اللجنة، “هناك ضغط مستمر على اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري لعمل المزيد”. ويقول مستشاران إن ترامب دائما يسأل المرشحين الذين يطلبون دعمه عن موقفهم من التزوير في الانتخابات، مع أنه لا يصدر حكمه بناء عليه. ويتصل الرئيس السابق بحلفائه الرئيسيين في جورجيا وبنسلفانيا وأريزونا، وهي الولايات التي رجحت فيها الأصوات لصالح بايدن، معبرا عن غضبه من سرقة النتائج. كما ويتلقى تقارير دورية من ليز هارينغتون التي تدعم حركة “أوقفوا السرقة” والمتحدثة باسمه. وعبر ترامب عن إحباطه من غالبية الجمهوريين في مجلس الشيوخ الذين لم يتبنوا موقفه وصوتوا لصالح تمرير النتائج. وبحسب استطلاع أجرته جامعة ميريلاند وواشنطن بوست فقد قال 58% من الجمهوريين إن انتخاب بايدن غير قانوني. وقال 62% إن هناك أدلة قوية عن تزوير في الانتخابات. وبالنسبة لمورنيو، فإنه برر تغيير موقفه بمعرفته الجديدة عن تزوير الانتخابات واكتشافه تحالف الإعلام وشركات التكنولوجيا الكبيرة ضد ترامب وقال “فتح الباب على مصراعيه” للتزوير في عام 2020 ولا يزال مثل ترامب يحاول الإجابة على سؤال واحد “ما هو حجم التزوير الحقيقي؟”. وهو لا يدعو إلى إلغاء النتائج ولكن التعلم وعدم السماح بتكراره مرة ثانية.
هذا بالنسبة لكذبة سرقة الانتخابات، أما عن تبييض الهجوم على الكونغرس، فقد بدأ تغيير الرواية في تلك الليلة. فبعد مقتل خمسة أشخاص منهم رجل شرطة، عاد 139 عضوا في مجلس النواب و8 من مجلس الشيوخ إلى المكان الذي تم العبث فيه وصوتوا لصالح إلغاء الانتخابات. وبدأ ترامب وأنصاره بإعادة كتابة الرواية مباشرة. وزعم بعضهم أن الجماعات اليسارية “أنتيفا” هي المسؤولة عن العنف. وقال آخرون إن الاحتجاجات لم يشبها أي عنف. أو كما قال النائب الجمهوري أندرو كلايد فالشغب لم يكن سوى “زيارة سياحية عادية”. وقام عدد من الجمهوريين باعتبار الذين احتجزتهم الشرطة في التمرد “معتقلين سياسيين”.
كذبة التزوير أعطت ترامب الفرصة لإعادة تشكيل الحزب الجمهوري. وقضى الرئيس السابق العام الماضي وهو يقدم الدعم لأي مرشح وافق على هذه الرؤية
وحاول ترامب وأنصاره تحويل أشلي رابيت التي قتلت في أثناء الهجوم على مبنى الكونغرس إلى “شهيدة”. ووصف ترامب موتها بالقتل وطالب بتحقيق العدالة لها. وفي شريط فيديو سجل احتفالا بعيد ميلادها بعد وفاتها، وصفها ترامب بأنها “شخصية رائعة” وقدم دعما بدون حد إلى عائلتها. وقالت والدتها وشقيقتها في مقابلة إن ترامب كان شخصية محورية في لفت الانتباه لموتها والتأكيد على فهم ذلك اليوم وكذلك دعمهما له. وقالت ميشيل ويتثوفت، والدة رابيت، “سيكون أفضل مرشح لنا في هذه المرحلة” و”لديه طريقة رائعة لتحريك الناس من النادر ما رأيتها. والموالون لترامب مستعدون لاختراق الجدران من أجله. وهذه ميزة نادرة في الرئيس وهي في الحقيقة رائعة”. ولكن بعض الجمهوريين يريدون تجاوز الحادث خشية أن يضرهم سياسيا. ولم يتحدث مايك بنس، نائب الرئيس السابق إلا بشكل عابر عنها واتهم الإعلام بشن حملة تهدف للنيل من أتباع ترامب.
وتظهر نتيجة محاولة تشويه أحداث السادس من كانون الثاني/يناير من استطلاع رأي قامت به “واشنطن بوست” و”يو أم دي” حيث وجد أن 36% من الجمهوريين وصفوا المهاجمين بالسلميين وأن 72% حملوا ترامب “جزءا” من الهجوم أو أنه لا يتحمل المسؤولية على الإطلاق. وخطط ترامب لعقد مؤتمر صحافي في مقر إقامته في مار- إي-لاغو لكي يعيد تأطير روايته حول التمرد وتكرار مزاعمه عن سرقة الانتخابات لكنه قرر إلغاء المؤتمر خشية أن يحول المناسبة الحزينة إلى عرض ولخشية المشرعين الجمهوريين ومستشاريه من ارتداد المؤتمر سلبا عليه. لكنه أكد في بيان الإلغاء أن المتظاهرين تدفقوا على المجلس لمواجهة التزوير وأن سرقة الانتخابات كانت “جريمة القرن”. واشارت الصحيفة إلى أن كذبة التزوير أعطت ترامب الفرصة لإعادة تشكيل الحزب الجمهوري. وقضى الرئيس السابق العام الماضي وهو يقدم الدعم لأي مرشح وافق على هذه الرؤية.