سيطر اسم جورج قرداحي على عناوين الأخبار خلال الأيام الماضية، إثر بث تصريحات كان قد أدلى بها قبل نحو شهر من تعيينه وزيرًا للإعلام في لبنان.
وفي مقابلة مسجلة في أغسطس/آب الماضي، وصف قرداحي الحرب التي يشنها التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن بالـ "عبثية". وزاد على ذلك بأن الحوثيين "مقاومون يدافعون عن بلادهم".
وقال قرداحي: "في نظري هذه الحرب اليمنية عبثية يجب أن تتوقف".
تصريحات قرداحي واجهت رفضا خليجيا واسعا ولغطًا في الداخل اللبناني. واستدعت السعودية والكويت والبحرين سفراءها في لبنان.
ونفى الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي أن يكون كلام قرداحي معبرًا عن موقف الدولة اللبنانية الحريصة على العلاقات مع السعودية، التي تعد إحدى أبرز الدول الداعمة للبنان.
وقال ميقاتي في مؤتمر صحفي من السرايا الحكومي: "مخطئ من يعتبر أنه يستطيع إخراج لبنان من حضنه العربي وخصوصاً السعودية".
وأكد وزير الخارجية اللبناني، عبد الله بوحبيب، على ضرورة إقامة حوار بين بيروت والرياض، متحدثًا عن وساطة قطرية.
وقال قرداحي: "لم أقصد الإساءة للملكة العربية السعودية أو الإمارات اللتين أكنّ لقيادتيهما ولشعبيهما كل الحب والوفاء".
لكنه أضاف بأن ما قاله كان "عن قناعة ليس دفاعا عن اليمن ولكن محبة بالسعودية والإمارات".
وتابع قرداحي: "عسى أن يكون كلامي، والضجة التي أثيرت، سببا بإيقاف هذه الحرب المؤذية لليمن، ولكل من السعودية والإمارات".
وفي لبنان، الذي يعاني أزمة اقتصادية وصفها البنك الدولي بأنها أشد حالات الكساد في التاريخ الحديث، برزت أصوات تنادي باستقالة قرداحي، لكن الأخير قال إن المسألة تحوّلت إلى كرامة وطنية، رافضا الاستجابة للدعوات المطالبة باستقالته.
ليس الأول
وليست هذه هي المرة الأولى التي تثير فيها تصريحات وزير لبناني غضبًا خليجيًا، ففي مايو/ أيار الماضي، طلب وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال حينها، شربل وهبة، الإعفاء من منصبه، بعد تصريحات حول "دعم دول الخليج لصعود تنظيم الدولة الإسلامية".
وكشفت أزمة تصريحات قرداحي مدى عمق التنافس بين إيران والسعودية.
وتكافح السعودية ودول خليجية أخرى متحالفة مع الولايات المتحدة لمواجهة النفوذ الذي تمارسه طهران في أنحاء المنطقة.
وكان وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، أدلى بتصريح لوكالة رويترز للأنباء أخيرا قال فيه إن القضية أبعد من تصريحات قرداحي.
ويرى مراقبون أن القضية لا تتعلق بتصريحات قرداحي بقدر ما تتعلق بالموقف السعودي من حزب الله.
وينتمي قرداحي إلى كتلة سياسية متحالفة مع حزب الله اللبناني الموالي لإيران والتي تدعم بدورها الحوثيين في اليمن.
وينخرط حزب الله بشكل كبير في الحرب السورية إلى جانب الحكومة السورية التي يدعمها قرداحي بشكل صريح.
ورفض حزب الله الدعوات الرامية إلى إقالة قرداحي أو دفعه إلى الاستقالة، معتبرا إياها "دعوات اعتداء سافر على لبنان وكرامته وسيادته".
وأوقفت السعودية الواردات اللبنانية إليها. ولا تنظر الرياض بعين الرضا إلى تنامي نفوذ حزب الله في لبنان.
من سيربح المليون
واشتهر قرداحي كمقدم برامج على رأسها "من سيربح المليون" الذي استمر عرضه مدة عشر سنوات حظي خلالها الإعلامي اللبناني بشعبية عربية واسعة.
وولد قرداحي في قضاء كسروان بـجبل لبنان عام 1950، ودرس السياسة والقانون، فضلا عن معرفته عدة لغات.
وبعد تخرجه من الجامعة اللبنانية عام 1973، عمل قرداحي مذيعا بالتليفزيون اللبناني، قبل أن يجد طريقه إلى محطات عالمية في باريس ولندن.
لكن المحطة الأكثر نجاحا في مسيرة قرداحي الإعلامية، كانت قناة إم بي سي السعودية التي قدم من خلالها عام 2000 برنامجه الأشهر "من سيربح المليون".
وفي عام 2011، اضطر قرداحي إلى مغادرة القناة السعودية بسبب تصريحاته الداعمة للرئيس السوري بشار الأسد في مواجهة ما سماه "نشر الفوضى في العالم العربي".
ليعود بعدها قرداحي إلى القنوات اللبنانية. إلى أن تم ترشيحه وزيرا للإعلام في حكومة ميقاتي في سبتمبر/أيلول الماضي.
وعيّنت منظمة الأمم المتحدة للبيئة قرداحي سفيرا للنوايا الحسنة، كما حاز على عدد من الجوائز بينها وسام الأرز اللبنانية.