على الرغم من الضجة التي رافقت العرض الأول لفيلم "ريش" للمخرج عمر الزهيري في مصر ضمن فعاليات مهرجان الجونة السينمائي، واتهامه بالإساءة إلى سمعة مصر، توجت لجنة التحكيم في ختام المهرجان الفيلم بجائزة نجمة الجونة الذهبية لأفضل فيلم عربي لتضاف إلى رصيد الجوائز التي قطفها الفيلم ويواصل قطفها في المهرجانات العالمية.
إذ سبق لهذا الفيلم أن نال الجائزة الكبرى في مسابقة أسبوع النقاد في مهرجان كان السينمائي هذا العام فضلاً عن جائزة الاتحاد الدولي لنقاد السينما (فيبريسي)، وتوج بالجائزة الكبرى لمهرجان بينجياو في الصين. كما منح خلال مهرجان الجونة أيضاً جائزة أفضل موهبة في منطقة الشرق الأوسط المقدمة من مجلة "فارايتي" الفنية المعروفة.
وانطلقت تلك الضجة والجدل الذي أعقب عرض الفيلم من موقف بعض الفنانين الذين انسحبوا أثناء عرض الفيلم في الجونة متهمين إياه بالإساءة إلى صورة مصر وتشويهها، وقد تلقفت وسائل الإعلام هذا الموقف لتشتعل بعده وسائل التواصل الاجتماعي بجدل ما زال مستمرا بشأن الفيلم.
ويحيلنا هذا الجدل إلى مناقشة مفهوم الواقعية في السينما ومدى علاقة الفن السينمائي بالمرجع الواقعي؛ فمنتقدو الفيلم يتهمونه بتقديم صورة مشوهة للواقع المصري، ومخرج الفيلم يرد بأنه تحدث عن قصة إنسانية يمكن أن تحدث في أي مكان من العالم، وأنه لم يحدد مكانا أو زمانا لإحداثه ولا حتى أسماءً لإبطاله. ويرد المنتقدون بأنه يجري في واقع مصري وبأبطال مصريين ويحفل بإحالات إلى موسيقى وأغان مصرية رائجة فضلا عن مفردات كثيرة من هذا الواقع.
ولعل ما أغفله المخرج في معرض دفاعه عن تلك التهمة الصعبة في سياق الواقع السياسي المصري، هو الحديث عن أسرار أسلوبه السينمائي، الذى بدا غريباً بالنسبة للكثيرين وبعضهم زملاء له في المهنة، واستعاراته ومصادره الفنية الثرية والمتنوعة في هذا الفيلم، وتلك الخلطة الفنية التي قدمها من مصادر ومشارب فنية قد تبدو متناقضة وخرج منها بفيلم ناجح جلب للسينما المصرية جوائز لم تحصل عليها من قبل من مهرجانات عالمية.