يجلس الشيخ تحت ظل سيارة البعثة المتعطلة بسبب خلل في المحرك راجع إلى استخدام نوع من الزيت المغشوش..
ينظر في الأفق الممتد من حوله، يبحث عن مخرج للحرج الواقع فيه، يعتصره الألم، لا بشائر في الأفق..
لا يعرف كيف يواجه انتقادات الأهالي لتأخره عن نجدتهم..
واجب التحفظ والخوف على مصدر عيشه الوحيد يقفان أمام إفصاحه عن السبب الحقيقي للتأخر عن تلبية نداء الأهالي في الوقت المناسب..
وحفاظه على شرفه وضآلة التعويض المقدم له، عن المهمة، يحثانه على رفض تحميله أخطاء الآخرين؛ خاصة تلك القاتلة منها!
الشيخ موظف في أحد القطاعات الخدمية المرتبطة بحياة الناس اليومية..
وعلى الرغم من خدمته الطويلة لهذا القطاع والمهمات الكثيرة التي كلف بها، وحبه المشهود لوظيفته وأدائه المميز فيها..
رغم كل ذلك فهو لايزال يسكن في بيت متواضع بأحد الأحياء الفقيرة، ورثه عن والده رحمه الله!
راتبه البسيط أصلا يأخذ المصرف ثلثه كل شهر منذ تخرجه وإلى الآن..!
كلما كان لديه داع لصرف استثنائي(عقيقة، وليمة، تمريض..) يبيع قرضه القديم، ويبدأ بقرض جديد بالكاد يفي الفرق بينهما(القرضين) بالغرض المطلوب!
صاحب دكان الحي من بين القلائل الذين يعرفون حقيقة الشيخ المرة؛ لذلك يقدم لأسرته كل الضروريات، وينتظر حتى نهاية الشهر؛ وفي كل مرة يمهلهم بالباقي بعد الراتب إلى فرصة أخرى!
ما يقوم به صاحب الدكان لصالح الأسرة من معروف يمنع الشيخ من مناقشة الأسعار معه، فكيف يشكوه للسلطات!؟
شخص آخر يساعد الأسرة، في مناسباتها الخاصة، ويتفقد أحوالها غالبا، هو موسى ابن عم الشيخ الموظف السامي الذي أصبح رجل أعمال بارز خلال فترة وجيزة وهو المنحدر من أسرة أشد فقرا من أسرة الشيخ!
ثروة موسى الطائلة التي اكتسبها فجأة تثير استغراب الجميع ويشككون في نزاهة مصدرها، غير أن دفاع الشيخ عنها باستماتة يبعث على الاستغراب أكثر؛ خاصة أنه(الشيخ) مثقف كبير ومهني معروف باستقامته ونزاته!
تلك تدوينة من نسج الخيال تتحدث عن دور المواطن "الملتزم" في محاربة الفساد وحماية قرارات السلطة، حسب ما أرى، فما رأيكم أنتم؟
حفظ الله بلادنا من كل مكروه وزادها رفعة وأمنا ونماء