ارتبط اسم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني قبل توليه مقاليد الحكم في موريتانيا باسم قرينه وصفيه سابقا وغريمه وعدوه لاحقا الرئيس محمد ولد عبد العزيز ، أدار الرجلان البلد لمدة 14 سنة منها 10 سنوات منفردين مما جعل مصطلح المحمدان يظهر على السطح ويؤكد ذلك الشعارات التي طغت في خطاب المعارضة في مرحلة احتدام المواجهة مع النظام "ياعزيز ويا غزواني خلوا عنكم موريتاني".
رُشح الرئيس غزواني أو ترشح لا يهم ، إنما المهم أن الرئيس عزيز ألقى بثقله في ما قبل الحملة وأثناءها واستخدم الوسائل المشروعة وغير المشروعة لإنجاح مرشحه وكان الخطاب متطابقا ومركزا على إرث العشرية ومبشرا بتعميق سياساتها مما يشي أنها تاريخ و إرث مشترك يحسب للرجلين أو عليهما.
لم يدم الود بين المحمدين بعد انقضاء الانتخابات وهو أمر متوقع بالنظر إلى تاريخ الدولة الموريتانية ، حيث جرت العادة في أغلب الأحيان أن يسجن الرئيس المتمكن من السلطة الرئيس الذي سبقه ( المختار ولد داداه ،محمد خون ولد هيدالة ، معاوية ولد سيد احمد الطايع وقد اختار السجن في قطر ، سيدي ولد الشيخ عبد الله رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته).
رغم أن تحريك ملف العشرية وتوتر العلاقة بين ولد الغزواني وولد عبد العزيز كان بدفع وتحريش من الأخير إلا أنه كان متغيرا حيث تمخض عنه زج رأس النظام السابق في السجن وإبعاد قلة من معاونيه عن الواجهة غير أن الثابت هو استمرار السياسة التسييرية لمختلف المرافق الحكومية، وظلت الأدوات التي اتفق على أنها كرست الفساد هي ذاتها ومن أهمها العنصر البشري الذي لم يختلف في المحصلة أشخاصا وامتدادات عن ما كان في العشرية ، وجسدت ذلك اجتماعات مجلس الوزراء من خلال التدوير الظاهر والخفي ، يشهد لذلك أيضا التعاطي السلبي مع التقارير التي أصدرتها محكمة الحسابات والتي أشارت فيها إلى فساد وتجاوزات من طرف مسؤولين بعضهم مازال يمارس مهامه دون منغصات.
تميزت مرحلة حكم الرئيس ولد الغزواني بما بات يعرف بالتهدئة والانفتاح مع المعارضة وهو وإن كان البعض يحسبه متغيرا إلا أنه ليس جديدا حيث اعتبرته بعض الأنظمة تكتيكا مرحليا كما كان في فترة المرحوم اعل ولد محمد فال بينما جسده المرحوم سيدي ولد الشيخ عبد الله حيث يعتبر نموذج انفتاحه على المعارضة الأبرز والأكثر فعالية والذي أفضى إلى المشاركة في الحكومة.
عموما فإن الانفتاح الذي يعتبر شبه الإنجاز الوحيد للسلطة خلال سنتين من الحكم لم يغير تعاطيها مع أبرز المطالب المطروحة من طرف الشعب حتى لا نقول المعارضة ، حيث تفاقمت الظروف المعيشية واتسعت دائرة الفقر لتصل إلى فئات كانت تعتبر إلى حدما متوسطة ولم يهتد النظام إلى العصا السحرية التي ستخفف العطش عن أغلب مناطق وربوع الوطن بل ازدادت حدته بالانقطاعات المتكررة عن جميع أحياء العاصمة التي وصلتها الشبكة ، ولازال التعليم يتردى ويترجم ذلك تهالك بنيته التحتية وواقع المدرس ونتائج الطلاب ، وغير بعيد عن ذلك لازال المواطن يفقد ثقته في المنظومة الصحية رغم شعار "نذير لا تولي" الذي لم يعمر طويلا ، كما إن البنية التحتية للبلد لم تشهد أي تحسن يمكن السكوت عليه وأبرز ذلك على مستوى الطرق التي ظلت الأشغال فيها تراوح مكانها رغم الإعلان عن تقدم 20% من أشغال طريق ألاك – بتلميت.
على الرغم من الحالة الرتيبة والخاملة التي يمكن أن يوصف بها إنجاز السنتين فإن الخطاب الشعبي ظل متقدما على خطاب بعض أحزاب المعارضة التي تراوح أداؤها بين السكوت والثناء على النظام ، حيث نافس بعض قادتها أطر الحزب الحاكم في التبرير والمدح وإظهار المحاسن في حين غاب أداؤها على الميدان وضعف تبنيها لمشاكل المواطنين ، تلك حقيقة يمكن اعتبارها أغرب المميزات التي ألقت بظلالها على الطموحات ، فأصبح التشاور رديفا للحوار الذي أكد النظام أنه لن يحدث وكررها في كثير من المناسبات بل ووصل الأمر إلى اعتبار لقاءات رؤساء الأحزاب أمرا يشبه الحوار رغم أننا لم نسمع عن مطلب لصالح المواطنين تقدم به أحد هؤلاء القادة للرئيس وتم تبنيه وتنفيذه.
قد يكون من المفارقة أن بعض أطراف المعارضة التي لم تعترف بالنظام حتى الآن بشكل رسمي بعد البيان الذي أصدرته بعيد الانتخابات والذي عبرت فيه بإجماع عن رفض النتائج ، هي نفسها المعارضة التي يمثل طيف منها خط الدفاع الأول عن مواقف النظام بل إن بعضهم تفنن في إبراز المحاسن التي ربما فاتت على الناطقين باسم الحكومة والحزب الحاكم والموالاة بصفة عامة.