في عيد سابق فرضت السلطات حظر تجول أيام العيد يبدأ الساعة الرابعة مساء، قاطعة الطريق أمام التجمعات المسائية، حينها واجه القرار انتقادات لاذعة بالتضييق على الناس، ومنع الرزق والفرح، ويوم أمس حين لم تفرض الحظر في المساء، مكتفية بأنها طلبت من المواطنين الحذر، فاتهمت بأنها تعرض حياة الناس للخطر ويجب أن تستقيل !
الدولة مقصرة، لا مشاحَّة في ذلك.. ولكن المفارقة أنه في الموقفين لا أحد سأل عن دور هذا «المواطن» الذي ينتقد كل شيء، ويصرخ دوما دون أن يحرك ساكنًا.
إن سؤال الحرية والديمقراطية واحد من الأسئلة الكبرى التي أعادت جائحة كورونا طرحها على مستوى العالم، وبدأ الحديث عن ضرورة أن يضحي الإنسان بقدر معين من حريته، في سبيل سلامة الجميع، وهذا ما قبلت به أعرق وأعتى الديمقراطيات، حتى الدول الإسنكندنافية التي حاولت الممانعة في البداية.. استسلمت !
أما نحنُ القابعون دهرا في ذيل كل شيء، نرفضُ.. نصرخُ.. لأننا لم نفهم معاني الحرية والديمقراطية، ولأننا ننظر للسلطة والدولة والنظام العام والقانون على أنها أجسام غريبة، وحين نعطى الحرية نحولها لفوضى، وحين تنتزع منا لا نكف عن البكاء الطفولي.
ما حدث بالأمس من كسر لقواعد التباعد الاجتماعي، يؤكد حقيقة واحدة: الدولة في واد وسكانها في واد !
قال لي أحد الحكماء، ذات مرة، إن كل ما يجري في هذا البلد لا قيمة له من دون حسم معركة الوعي، وبالتالي فالسياسات العمومية خلال ستين عاما ظلت سياسات فاشلة.