السيد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وأنت تزور غدا ولاية اترارزة، فإنك تزور ولاية ذات خصوصية، طبعا ليست تلك الخصوصية الزائفة التي يريد الساسة تقديمها وكأنها الحقيقة.
اترارزة ولاية حدودية تعد بوابتنا على بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، ما جعلها المعبر الأكبر للمهاجرين والمهربين، والبوابة التي تستهدفها شبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود، وكأي ولاية حدودية تحتاج اترارزة مقاربة أمنية خاصة، فالتقارير تتحدث عن أوضاع مقلقة في جاراتنا الجنوبية.
إن هذه الولاية بما توفره من محميات طبيعية، وتفرعات نهرية، وجزر صغيرة مهجورة، تعد أرضية خصبة لنمو كافة الأنشطة غير القانونية، تماما كما حدث في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، ويحدث اليوم في التوغو وبنين وكوت ديفوار.
سيادة الرئيس..
إنكم تزورون ولاية يقع فيها حقل الغاز المشترك مع السنغال، ونعلم أنكم اتفقتم قبل أيام مع السنغاليين على تسيير دوريات عسكرية مشتركة في المحيط والنهر لتأمين هذا الحقل، من أي «هجوم إرهابي» مفترض.
إلا أن التقارير الأخيرة حول إمكانية استهدافه مثيرة للقلق، نتطلع لرسالة تطمئن المستثمرين والسكان، ونريد أن نعرف إلى أين وصل ميناء انجاكو العسكري ؟!
سيادة الرئيس..
إن استفادة السكان المحليين في انجاكو وكرمسين من مشروع حقل الغاز (مليار دولار) ما تزال محدودة جدا، ومن دون كسب ولاء السكان ستكون المخاطر أكثر، لذا نريد أن تلتقوا بالسكان وأن تسمعوا مشاكلهم مباشرة دون وسيط.
لا تتركوا شبكات الفساد تتحدث باسم السكان، وهي التي تجند الوجهاء والمنتخبين والأطر.
نتطلع لأن تسمعوا من باعة السمك المجفف في كرمسين، وأن تجلسوا مع صغار المزارعين في الزيره، وأصحاب سيارات النقل في انجاكو، والصيادين في النهر.. هؤلاء هم أصحاب الحق المنسيين، وهم المواطنون الذين يمكن أن تعول عليهم الدولة غدا.
سيادة الرئيس..
في هذه الولاية مئات الشباب الذين تحمسوا وانخرطوا في الزراعة، بمبادرات فردية، ولكنهم اليوم محبطون، كثير منهم عاد إلى نواكشوط ليجلس في المقاهي ويعبر عن إحباطه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومنهم من يقاتل وحيدا بين كبار الفيلة وأباطرة الفساد والوساطة.
إن أولئك الشباب الصامدين ينتظرون منكم أن تسمعوا ما سيقولون، قد يكون مفيدا وقد لا يكون، ولكن الأكيد أنهم سيقدمون صورة أقرب إلى الحقيقية من تلك الصورة الزائفة التي يقدم الأطر والوجهاء والسياسيين.
سيادة الرئيس، من الواضح أن هنالك من يرغب في أن تكون هذه الزيارة «سياسية»، وهي رغبة مشروعة، ولكن هموم الناس أولى بأن يسلط عليها الضوء.