رحل في باريس فجر يوم الثلاثاء 22 يونيو مؤرخ بارز وأستاذ جامعي وباحث لامع ،عرفته ثانويات الوطن في نهاية السبعينيات ثم طلبة جامعة نواكشوط في بداية تسعينيات القرن الماضي .
كان الراحل عبد الله ولد اخليفة نموذجا فريدا من الباحثين الموسوعيين الجادين، بإنتاجه العلمي النوعي وخصاله الفكرية الموضوعية المتميزة .
ولد في السنغال وتلقى دروسه الأولى في مدارسها وثانوياتها وفي جامعة دكار ،وقد لفت انتباه مدرسيه مبكرا بذكائه الخارق وفضوله العلمي الذي لا حدود له فاختصر سنوات التعلم وتقدم على أقرانه في قاعات الدرس وبهر أساتذته بنبوغه وتفوقه العلمي.
ومع أن الفقيد كان بإمكانه البقاء في السنغال مدرسا مقدرا ومحترما، إلا أنه آثر العودة إلى مضارب آبائه واجداده ، فمارس التدريس في ثانوية نواذيبو قبل ان ينتقل إلى مدينته الاصلية تيجكجة ومنها الى نواكشوط حيث تخرج بتفوق من قسم التاريخ بالمدرسة العليا للأساتذة.
وفي باريس بالصربون واصل الطالب المتفوق الدراسة العليا ،وهناك حضر وناقش أطروحته المتميزة للدكتوراه حول تاريخ مدينة تيجكجة منذ تأسيسها في القرن السابع عشر إلى قيام الجمهورية الإسلامية الموريتانية عام 1960.
ولقد أشرف على هذه الأطروحة المؤرخ الفرنسي الشهير جان دفيس ،واعتبرت من الأعمال العلمية الأولى التي تناولت بمنهجية دقيقة ومعاصرة مرحلة حاسمة وممتدة من تاريخ البلاد ،بالرجوع إلى أهم الوثائق المخطوطة والمكتوبة حول هذه الحقبة مع مقابلة أبرز الشخصيات العلمية والسياسية والوجهاء التقليديين الشاهدين على تاريخ المنطقة أو المهتمين بها.
في بداية التسعينيات اضطر الراحل إلى الاقامة في باريس لأسباب صحية ،فنقل إلى بعثة موريتانيا في اليونسكو حيث واصل جهده العلمي وخدمته المتجردة لثقافة البلاد وتاريخها .
رحم الله الراحل عبد الله ولد الخليفة، لقد ظل إلى آخر يوم من حياته متشبثا بروح المؤرخ الباحث وأخلاقيات العالم المتجرد، مع سمت روحي صادق واخلاص ديني لا تظاهر فيه ولا رياء.
اصدق التعازي لكل الموريتانيين وانا لله وانا اليه راجعون