ويتجدّد الأمل/ عثمان جدو

سبت, 29/05/2021 - 18:47

أثناء حملة الانتخابات الرئاسية الماضية تقدم فخامة رئيس الجمهورية للرأي العام الوطني بميثاق تعهد فيه بجملة من القضايا ألزم نفسه بتجسيدها حال ظفره بكرسي الرئاسة؛ ذلك الكرسي الذي يخوله إدارة شؤون البلاد بالمطلق...

فاز الرئيس وبدأ إعادة ترتيب البيت الوطني بهدوء كبير، كان للعهد فيه مكان؛ أُنصف كثيرا ممن كانوا بالأمس مظلومين، نعم مظلومين لأن القضاء وقف إلى جانبهم في قضاياهم التي عرضت عليه، منهم الصحافة وأصحاب الرأي، ومنهم العمال البسطاء، والموظفون العاملون، طويت صفحة مظلوميتهم بتسوية إيجابية أعادت لأصحاب الحقوق حقوقهم وبعثت في روح القانون احتراما جديدا برعاية رسمية تضمن له الاستقلالية.   

ساد الهدوء جوَّ السياسة؛ رغم المحاولات العنيفة والمتكررة التي أبان عنها سلوك الرئيس السابق الذي أثبت مع كل يوم جديد أنه كان يخفي -بعد خروجه من السلطة- ما لا يعلن، ويتشبع بما لم يعط..

بدأت سيادة الحكم تنجلي أكثر مع تفعيل ميزة من أين لك هذا على كبار المسؤولين أولا؛ بناء على تقرير لجنة تحقيق برلمانية هي التي خولها القانون ذلك، وإن كانت المطالبات ظلت تتصاعد لكي تتسع دائرة المساءلة والتحقيق.. تقدم الملف الأكبر في هذا الباب خطى في أروقة المحاكم، ونحجم عن الزيادة حوله في الكلام احتراما لهيبة القضاء..   

مع الأيام يأتينا التأكيد أن هناك عهدا جديدا يُراد فيه أن تكون خدمة المواطن هي الأسمى عند دوائر الحكومة، لكن مسؤولينا يتفاوتون كثيرا في مستوى استيعاب ذلك، فمنهم النشط الحاذق ومنهم المنفذ السريع ومنهم من تتضاءل عنده الحيل، ومنهم من يصطدم بصخور الواقع؛ طبيعية كانت أو اختلاقا، ومنهم المنقذ، وفيهم المُمْهَلُ علَّ وعسى أو إلى حين..

نجحت بعض الدوائر الحكومية في جزء من مهامها وتتأخر عنها أخرى.. أُعفيَّ بعض كبار المسؤولين لدواعٍ قضائية؛ والتحق بهم آخرون لضرورة تجديد دماء الدورة الحكومية، منهم من كان قد بدأ بنجاح ثم توقف نَفَسُه؛ أو تعطل جهاز إنعاشه؛ لسبب أو علة ما، ومنهم من انتهى ما في جعبته وبدأت قوى الاحتكاك عنده تؤثر سلبا على أدائه؛ كردة فعل طاغية، يكشفها التصريح أو التلميح، وإليهم يُضاف من تسرع يوما فهدم وكان أغناه عنه أن لو تريث وسوّى وحلَم... لا يمكن أن تنتهي المشكلات مهما حاولنا ومهما بلغنا من إنجازات، لكن ينبغي أن لا يختلف منا راشدان على أن التعليم هو أساس كل تنمية وهو منطلق حل كل معضلة وهو صمام أمان الدولة المدنية، ولذا علينا أن نحيطه قبل غيره بما يستحق من أولوية؛ بدءا بزيادة تحسين أوضاع المدرسين المادية والمعنوية وتثمين جهودهم، وتمكينهم من الوسائل الضرورية لأداء مهامهم، وتدعيم البنية التحتية التي حدث فيها تقدم كبير رغم ما تبقى من نواقص تنتشر بانتشار المدارس العشوائية، ويزداد بلل الطين حولها باستفحال مشكل الاكتظاظ الذي يحد من جدوائية العملية التربوية، ويتأكد ذلك في المدن المأهولة.

نقف الآن بكل شموخ عند حدث صحي واجتماعي هو الذي يلي في الأهمية إصلاح التعليم وإنعاش المنظومة التربوية؛ ألا وهو تأمين مائة ألف أسرة متعففة تأمينا صحيا كاملا، وهو من المطالب الكبرى والتعهدات الجلَّى، وبه يُشرك كم بشري كبير من ضعفاء هذا الوطن ومحتاجيه في الخدمات الصحية دعما وتكفلا، وهي لعمري غاية ستذكرها الأجيال ولن ينساها المستفيدون قبل أي كان.

  

بقى أن نشير إلى أن كل المشكلات التي تستدعي الحل في المجالات الخدمية؛ سواء تعلقت بمياه الشرب وضرورة توفرها لكل مواطن، أو كانت مرتبطة بخدمة الكهرباء وتبسيط كلفتها والقضاء على الفوضوية والابتزاز فيها؛ خاصة في الأحياء شبه العشوائية، وسواء توقف عليها قوت المواطن الذي يضيق عليه بفعل ارتفاع الأسعار الذي لا يعرف النقيض في بلادنا أبدا، أو كان الأمر مرتب على حصول الأمن الذي تحقق منه كثير لكن منغصه المتمثل في عدم إعادة تأهيل المساجين يزداد تأثيره السلبي أكثر منه.. كل ذلك وغيره من المشكلات يتوقف حلها الحصري والفعال على حل مشاكل التعليم والنهوض به؛ وهو الأمر الذي يحتاج إعادة ترتيب البيت وتهذيبه وتنشيطه بما يقتضيه ذلك ويفرضه حجم التحدي المتجدد كل حين.   

تابعنا على فيسبوك