القدس تحسم القضية الفلسطينبة!! / المرابط ولد محمد لخديم

أربعاء, 19/05/2021 - 07:29

على إثر اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي باحات المسجد الأقصى  الاثنين،  الماضي واعتدائها على المرابطين فيه، وإصابة أكثر من 300 فلسطيني،واحتلّال منازل في حيّ الشيخ جراح....

 دانت جهات عربية ودولية هذه الانتهاكات وطالبت بوقفها كونها تخالف القانون الدولي.

  يأتي هذا التصعيد الخطير بعد مرور سبع سنين على  (محرقة غزة) .. 

 في السنوات الماضية 2008م و 2014م دارت احداث أخطر مذبحة في التاريخ موثقة بالصوت والصورة كل أشكال الموت  كالمحرقة النازية (الهولكوست) التي أصبحت عقيدة في عرف الغرب. بفضل وسيطرة وسائل الإعلام.

  إسرائيل تعرف جيدا أن العالم تعاطف معها لسبب هذه المحرقة المزعومة. وقد كان أساس هذه الرسالة هو الإعلام المسموع والمرئي والمكتوب وقد أبدع في إخراجها للعالم مؤلفون مبدعون ومثقفون محنكون. حتى ليحس المرء بعد مطالعته لقصة أو مشاهدته لفيلم عن هذه المحرقة بحاجة إلى أن ينزوي نفسيا من هول ما شاهد وطالع. كان ذالك قبل (محرقة غزة) التي جسدت كل تلك المشاهد وزادت عليها مع الفارق بين الزمنين, وان كنا لم نشاهد صور المحرقة الأولى, فإننا شهود على المحرقة الثانية والثالثة والتي نشاهد فيها صور تقشعر لها الأبدان وتموت لها القلوب كمدا, من هول الموقف فمثلا: أطفال مقطعة الرؤوس, وأشلاء لنساء, وعائلات بالعشرات نسفت, ومباني هدمت, ومساجد خربت, وكأننا أمام زلزال من صنع البشر, وسط صراخ: الأطفال والنساء والشيوخ وبين تلك الأصوات الصارخة في معركة غير متكافئة، يحس الإنسان منا ضميره الإنساني و هو يشاهد تلك الصور المقززة, يسأله ألهذا الحد وصل بطش الإنسان بأخيه الإنسان؟! في عالم يدعى الحرية وحقوق الإنسان!!

 ويأخذ ينعم النظر محدقا ببصره، وهو إذ يملأ بالذي يراه عينا، يملأ به فكرا، ويملأ به قلبا. وان لم يكن موجودا في أرض المعركة بجسمه, فانه يعيشها من موقعه عاطفة وعقلا.   الأدعية في المساجد وجمع التبرعات على مدار الساعة في رمضان وبالذات في العشر الأواخر التي تستجاب فيها الدعوات...!!

 وإذا كانت إسرائيل هي المقصود بدعاء عليها بوصفها العدو التقليدي للإسلام وللمسلمين, إلا أنه من اللافت للنظر دخول أمريكا ومن والاها على الخط. وليس مستغربا هذا الموقف النبيل اتجاه إمبراطورية انهارت أخلاقيا بسبب إسرائيل وهاهي على شفا تدهورها ماديا بما كسبت يديها.

 وستبقى غزة العزة تكتب بدمائها على أرضها تساؤلات: كم يكفى من هذه الدماء لإيقاظ أمة متفرقة, ضعيفة ذليلة,غثاء كغثاء السيل, كرهت الموت, واستطابت الحياة, وزهدت في كل مجد, وتجمعت عليها كل عوامل الضعف والتفسخ؟ وأين هو الضمير الإنساني؟ وأين تلك الوجوه التي ملئت الشاشات بتجريم بعض الرؤساء أحيانا؟ أين مجلس حقوق الإنسان؟ و مجلس جرائم الحرب ؟ ألا يحق لنا بعد هذا كله أن نتصرف في كل ما يقدم لنا من الغرب؟, ونردد ما قاله رئيس الوزراء التركي أردكان بأن إسرائيل لا تطبق قرارات مجلس الأمن وهذا مايتيح لدول أخرى الشيء نفسه بما فيها دولته تركيا!!

 والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا يتمادى هذا الكيان الصهيوني في تحديه للعالم؟! وعلى ماذا يعتمد في تحديه المستمر للقانون الدولي؟ 

 إذا رجعنا قليلا إلى الوراء فإننا نجد أن أمريكا كانت وما تزال هي الحامية لإسرائيل ولن يفاجئنا امتناعها المتكرر عن إدانتها لهذا الكيان الدموي في مجلس الأمن والسكوت المطبق لمجلس الأمن وهو يشاهد نهارا جهارا هذا الكم الهائل من المدنيين من الأطفال والنساء والشيوخ الأخيرة فالتاريخ يعيد نفسه فما أشبه الليلة بالبارحة فقرار مجلس الأمن سنة 1969م المشهور بقرار روجرس وزير الخارجية الأمريكي آنذاك, خير مثال على هذا الكلام, وفي ذالك يقول شاعرنا الكبير أحمد ولد عبد القادر في قصيدته الرائعة:

 

حكم العنف أيها الإنسان ** إنما السلم خدعة وهوان

 

مجلس الأمن خدعة والآما ** ني حول جدواه هدها الخسران

 

أرضه غابة النمور وليس ** العدل في مسرح السباع يصان

 

وهو نوع من التماثيل يهذى ** بالأساطير روجها الشيطان.   

 

 لقد تناسى الغرب  واسرائيل بقصد أو غير قصد ما بات يعرف بالسماء المفتوحة والقرية الكونية والتكنلوجيا حيث إن أهم تحول عرفته نهاية القرن العشرين هو الانتقال مما أسماه (توفلر) بالموجبة الحضرية الثانية التي بدأت مع نهاية القرن السابع عشر الذي كان مصدر الثروة والنفوذ فيها هو رأس المال والإنتاج الصناعي إلى الموجة الحضارية الثالثة التي تمثل فيها المعرفة (إعلام ، معلومات ، تقنية رقمية) المصدر الأساسي للقوة والهيمنة.  لقد عجل ظهور مجتمع الإعلام والمعرفة بحدوث تطورات هائلة على صعيد إنتاج وتداول وتخزين ومعالجة المعلومات والاستفادة منها في مدة زمنية قياسية. " إن تزايد نفوذ الإعلام المقروء والمسموع والمرئي يشكل عاملا مساعدا لذيوع الحدث وأن الإعلام المرئي يلعب دورا بالغ التأثير في تبليغ الرسالة الإعلامية إلى العالم أجمع".  فالصور الناطقة للدماء التي سكبت على البحر والأرض التي ترتبط بأهلها ارتباطا عضويا, أنجزت ما لم تنجزه العرب مجتمعة. حيث نقلت(القضية الفلسطينية) إلى الرأي العالمي وبينت على مرأى ومسمع من الجميع العدو والمتواطئ, والعاجز والمتخاذل...!!

في هذا العالم الرقمي تحولت الانتفاضة من الحجارة الى صواريخ نوعية تضرب العمق الاسراءيلي بضربات موجعة!!

، وقد تفتح الأبواب أمام انتِقالها، أيُ الصّواريخ، من قِطاع غزّة إلى الضفّة الغربيّة، وهُنا مقتل الدولة العبريّة الحقيقيّ 

حسب استقراءنا للساحة والمصادر الميدانبة فاننا امام خطة مدروسة بعناية بدأت فصولها تتكشف...!! 

ومن باب شهد شاهد من اهلها: 

   نشرت صحيفة "هآرتس" العبرية  مقالاً للكاتب  لصهيوني الشهير (آري شبيت) بعنوان: "اسرائيل" تلفظ انفاسها الاخيرة يقول فيه : يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال..

بدأ "شبيت" مقاله بالقول : يبدو أننا إجتزنا نقطة اللا عودة ، ويمكن أنه لم يعد بإمكان "اسرائيل"  إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان وتحقيق السلام، ويبدو أنه لم يعد بالإمكان إعادة إصلاح الصهيونية وإنقاذ الديمقراطية وتقسيم الناس في هذه الدولة .

وأضاف، إذاً كان الوضع كذلك، فإنه لا طعم للعيش في هذه البلاد، وليس هناك طعم للكتابة في "هآرتس" ، ولا طعم لقراءة "هآرتس". يجب فعل ما اقترحه (روغل ألفر)  قبل عامين، وهو مغادرة البلاد. إذا كانت اليهودية ليست عاملاً حيوياً في الهوية، وإذا كان هناك جواز سفر أجنبي لدى كل مواطن "إسرائيلي" ، ليس فقط بالمعنى التقني، بل بالمعنى النفسي أيضاً، فقد انتهى الأمر. يجب توديع الأصدقاء والانتقال إلى سان فرانسيسكو أو برلين أو باريس .

من هناك، من بلاد القومية المتطرفة الألمانية الجديدة، أو بلاد القومية المتطرفة الأميركية الجديدة، يجب النظر بهدوء ومشاهدة "دولة إسرائيل" وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة.

اعداد من يهاجر في ازدياد حتى جيش اليهود في انهيار. واشد ما هو موجود عند الفلسطينيين العامل النفسي والثقة التي يتمتع بها عموم الشعب الفلسطيني داخليا وخارجيا

ومن خلال استغلال ما سمي المحرقة على يد هتلر «الهولوكوست» وتضخيمها، استطاعت الحركة أن تقنع العالم بأن فلسطين هي "أرض الميعاد"، وأن الهيكل المزعوم موجود تحت المسجد الأقصى، وهكذا تحول الذئب إلى حمَل يرضع من أموال دافعي الضرائب الأميركيين والأوروبيين، حتى بات وحشاً نووياً.

واستنجد الكاتب بعلماء الآثار الغربيين واليهود، ومن أشهرهم «إسرائيل فلنتشتاين» من جامعة تل أبيب، الذي أكدوا "أن الهيكل أيضاً كذبة وقصة خرافية ليس لها وجود ، وأثبتت جميع الحفريات أنه اندثر تماماً منذ آلاف السنين، وورد ذلك صراحة في عدد كبير من المراجع اليهودية ، وكثير من علماء الآثار الغربيين أكدوا ذلك ...

وشدد الكاتب على القول أن لعنة الكذب هي التي تلاحق "اليهود"، ويوماً بعد يوم، تصفعهم على وجوههم بشكل سكين بيد مقدسي وخليلي ونابلسي ، أو بحجر  أو سائق حافلة من يافا وحيفا وعكا.

يدرك "الإسرائيليون" أن لا مستقبل لهم في فلسطين ، فهي ليست أرضاً بلا شعب كما كذبوا . ها هو كاتب آخر يعترف، ليس بوجود الشعب الفلسطيني، بل وبتفوقه على "اليهود"، هو (جدعون ليفي) الصهيوني اليساري، إذ يقول :

يبدو أن الفلسطينيين طينتهم تختلف عن باقي البشر، فقد احتللنا أرضهم، وأطلقنا على شبابهم الغانيات وبنات الهوى والمخدرات، وقلنا ستمر بضع سنوات، وسينسون وطنهم وأرضهم، وإذا بجيلهم الشاب يفجر انتفاضة الـ 87 .. أدخلناهم السجون وقلنا سنربيهم في السجون .

وبعد سنوات، وبعد أن ظننا أنهم استوعبوا الدرس، إذا بهم يعودون إلينا بانتفاضة مسلحة عام 2000 ، أكلت الأخضر واليابس، فقلنا نهدم بيوتهم ونحاصرهم سنين طويلة، وإذا بهم يستخرجون من المستحيل صواريخ يضربوننا بها، رغم الحصار والدمار ، فأخذنا نخطط لهم بالجدران والأسلاك الشائكة..

وإذا بهم يأتوننا من تحت الأرض وبالأنفاق، حتى أثخنوا فينا قتلاً في الحرب الماضية ، حاربناهم بالعقول، فإذا بهم يستولون على القمر الصناعي ""  (عاموس)؟ ويدخلون الرعب إلى كل بيت في "إسرائيل"، عبر بث التهديد والوعيد، كما حدث حينما استطاع شبابهم الاستيلاء على القناة الثانية "اليهودية" . خلاصة القول، يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم وإنهاء الاحتلال .)

 وهذا ما كان ليحصل لو لم يتمكن أبطال هذه الأمة المخلصين من امتلاك تقنيات الإعلام والتكنلوجبا بعد أن تكسرت احتكارات المعرفة, في عصر المعلومات ووضع الجميع أمام فرص متكافئة على عتبة سباق , تشمل على الغنى والفقير والقوى والضعيف. مبينين بعدساتهم الجريئة وتحليلاتهم المهنية سخافة الديمقراطية والعالم الحر التي يتباهى بها الغرب, واتخاذه الإرهاب مطية وعنوانا براقا يتستر ورائه. والغريب في الأمر أن مقولة الإرهاب هذه تنكمش وتذوب عند مناقشة قضايا تتعلق بإسرائيل, وتتسع وتتماع عندما تكون غطاء للنيل من الاسلام ومقدساته.  

  هذا السلاح سيمكننا من تصحيح المعادلة الصعبة التي أرقت أكثرية رؤساء أمريكا, بعدما توفرت مكاسب دموية جديدة على مرأى ومسمع من العالم, والتاريخ يشهد أن الأراضي المحتلة عمرها لم تتحرر إلا بالدم. ولعل الدول ذات الخلفية الاستعمارية أدرى بهذه القضايا من غيرها يقول الشاعر:

  لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى**حتى يراق على جوانبه الدم. 

فالشواهد الناطقة للأشلاء التي تقطعت, والدماء الزكية التي سكبت,والمنازل التي دمرت والمساجد والمدارس التي خربت, خلقت (شرق فجر جديد), وعززت لأول مرة خيار المقاومة وضرورة امتلاك (السلاح) بشقيه التقليدي والمعنوي, بدل التهافت على ما يسمى ب:(السلام).الذي ضاع مع الأجزاء الآدمية التي تقطعت في هولكوست غزة الجديد.. 

وكأننا نردد مع شاعرنا الكبير أحمد ولد عبد القادر في ستينات القرن الماضي: 

يا فلسطين يا فريسة عصر ** لقوى الشر عيره غليان

 

حطمي اليأس بالنضال وثوري ** في مسار قوامه الشجعان

 

لا يرد الحقوق إلا دماء ** تتلا لا كأنها الأرجوان

 

فعصب الحياة مازال حيا ** يقذف الموج نبعه الريان

 

سلمى الشعب وامنحيه انطلاقا ** فبغير الشعوب لا يستعان

 

أيها ألاجئ المشرد ظلما ** أيها النور أيها الإنسان

 

لا تدع حقدك الدفين رفيقي ++ حسرات يلوكها الوجدان

 

حول الحقد نقمة وجحيما ** يتلظى لهيبه الجذلان

 

 صحيح أن إعلامنا فاقدا لثقة الجماهير وذالك لأن الوعي والثقافة سبقا الإعلام العربي بمراحل لكن هذا لا يمنعنا من استرجاع هذه الثقة..

فالإعلام منتج طبيعي لواقع المجتمع والمجتمعات المتقدمة هي التي تنتج إعلاما متقدما ولا يوجد إعلام حر مطلق، كما لا يوجد إعلام حيادي بالمطلق حتى الإعلام الغربي الذي يتبجح بالحرية لديه درجة من الانحياز لإسرائيل وهذا ما رأيناه في الحرب على غزة وما نشاهده اليوم, في بى بى سى الانجليزية والقنوات الأمريكية والأوربية في تعاليقها على مجزرة غزة وكونها تأخذ من الجانب الإسرائيلي فقط..

وعدولها بعد ذالك لأول مرة عن هذا الاجراء بعد أن أحرجتها شهادات وطواقم اعلامية منصفة غربية مرددين مع مراسلة أمريكية قولتها: الاسرائليين حثالة... ودمويين.. وهو الخبر المدوي الذي كشف عن تفاصيل تصدرت كبريات وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة والمسموعة الغربية والدولية والعالمية ..

 وأهمية هذا المكسب الجديد هو أن المجتمعات الغربية تثق بهذا الإعلام لأنه تأسس على الثقة. وهنا يجب أن نفرق بين إعلام يحظى بثقة أمته، وإعلام لا يحظى بذلك لذا يجب علينا لتخطى هذه العوائق أن يستخدم إعلامنا فنون الاتصال المختلفة والأساليب المتقنة والمدروسة، وأن يستفيد من الوسائل العصريَّة المتاحة، فكما أنَّه ليس من المعقول أن نحارب بالسيف من يحاربني بالطائرات والصواريخ، فكذلك ليس من المقبول أن أواجه العالم بوسائله الإعلاميَّة ذات التطوُّر التكنولوجي الهائل، بوسائل بدائيَّةٍ تقليديَّة وإذا كانت بعض القنوات العربية على قصر عمرها, وتواضع إمكانياتها, مقارنة بالإمبراطوريات الإعلامية الغربية العريقة, قد نجحت في نقل أحداث غزة سابقا والاقصى اليوم بكل موضوعية, ومنهجية, وأحرجت مؤسسات غربية, تدعي الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان..!!   

    أن الغرب مصالح ولاشيء غير المصالح , وكل حوار معه أو تفكير ضده لا ينطلق من هذه الحقيقة, إنما هو انزلاق وسقوط في شباك الخطاب المغالطى التمويهي السائد في الغرب والهادف إلى صرف الأنظار عن (المصالح) وتوجيهها إلى الانشغال بما يخفيها ويقوم مقامها في تعبئة الرأي العام مثل الحريات,الثقافة, الديمقراطية... الخ 

 وإذا كان لإعلام يمثل سياسة موجهة تستخدم لصالح الدول الكبرى التي تتلاعب في مصير الأمم. فهل يمكننا أن نجارى هذه السياسات ونستخدمها لصالحنا أوعلي الأقل أخذ موقف منها في هذا العالم الجديد الذي تجتاز فيه الإنسانية منعطفا حادا، ومثلما تدرجت في عصور الرعي والزراعة.والصناعة ها هي ذا تدخل الآن في عصر المعلومات ، الذي تتنامى فيه العمالة الفكرية على حساب العمالة اليدوية، وتتبدل فيه مقاييس التقدم ومعايير ارتقاء الأمم وتترك خصائصه آثارها العميقة على طرق التفكير، وأنماط العيش وسبل التخاطب, وأساليب التربية والتعليم, وقواعد السلوك وسائر العلاقات الاجتماعية والسياسية، والاقتصادية المحلية منها والإقليمية والدولية.

 وككل التحولات الكبرى في التاريخ سوف نضطرب خلال مراحل تحول القيم والموازين وأنماط السلوك ،وسوف يقاوم الإنسان التغيير ويدافع بحكم الاعتياد إلى أن يستقر الجديد وتثبت فعاليته وجدواه..

 ويكفينا من هذا الجديد في الوقت الحالي وقع صور انتفاضة الصواريخ الواردة من عسقلان واسدود وتلابيب وحيفا على شاشات التلفزيون وفي مواقع التواصل الاجتماعي والهاشتاك القاءل بأن  إسرائيل دولة محتلة دموية بربرية..  

 وهذه الدعوات الغير مسبوقة بمحاكمة قادة إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية, بعد أن عاشت عقودا فوق الشبهات إعلاميا.

 وهنا يأتي دور الكتاب والمؤلفين والناشرين بتوظيف هذه المكاسب كما يجب عليهم أن يتساموا فوق الكثير من القضايا أمام هذا الواقع..!! 

 أن أمة اقرأ باتت لا تقرأ فالتاريخ الحاضر لا يكتبه الأجداد، ولا يتحرك على الأرض طبقا للأماني والأقوال في مجتمع فقد فعاليته وفقد معها قدرته على قراءة الأحداث الماضية منها والجارية، فضلا عن المستقبلية وتحول إلى ظاهرة صوتية تقول ما لا تفعل، وتسمع فلا تدون وإن هي دونت فلن تقرأ، لأنها هجرت التحصيل العلمي.وهذا مايظهر من خلال ما كتب وألف مقارنة بمقدسات الأمة..

عكس ماهو مشاهد اليوم فعندما اقتحمت القدس انتفض هذا الشعب  العظيم  واطلق صواريخه في عمق ارض العدو!! وهو ما أذهل الجميع_ بما فيهم العرب أنفسهم_ بعد أن شوهتهم الصورة النمطية للضعف والتشتت. ولقد عرف العالم ان الاقصى جزء من إيمان المسلمين وعقيدتهم...

ان مانشهده اليوم  رد فعل عادي على حروب إسرائيل الدموية السابقة.. !!

    فمازالنا نتذكر إطلاق النار بشكل همجي على النساء والأطفال والشيوخ... وصراخ الأطفال وعويل الثكلى والشيوخ وبين تلك الأصوات الصارخة في معركة غير متكافئة بأخذ الواحد منا ينعم النظر محدقا ببصره، وهو إذ يملأ بالذي يراه عينا، يملأ به فكرا، ويملأ به قلبا. و بهذا يسجل في مخيلته صورا لأطفال تفحمت أجسامهم , ونساء قطعت رؤوسهم, ورجال تناثرت أشلائهم, في لوحة لم تشهد لها البشرية مثيل في تاريخها الطويل..

    ليس أمامنا من طريق لاستعادة الثقة بثقافتنا، والكف عن الاستجداء الثقافي سوى التوصل إلى طريقة ننهي بها التناقضات الداخلية في ثقافتنا الحاضرة، ونخلصها من الشوائب التي أقعدتها عن أداء وظيفتها في الريادة الحضارية.وهذا يمكن أن يتحقق بعد امتلاكنا للسلاح الجديد الذي يمنحنا معنى من القوة , والمتعة, سلب منا قرابة خمسة عقود.

تابعنا على فيسبوك