قالت صحيفة تايمز (The Times) البريطانية إن المقابر الجماعية في إقليم تيغراي (شمالي إثيوبيا) تشهد على وحشية الصراع الذي تشهده هذه المنطقة التي أطلقت فيها التوترات المستمرة منذ أمد طويل العنان لحملة قتل واغتصاب شردت حوالي 1.7 مليون شخص.
ووثق تقرير لفريد هارتر -موفد الصحيفة إلى منطقة دنغلات (Dengelat) بالقرب من الحدود الإريترية، شمال شرقي الإقليم، من خلال شهادات ناجين التقى بهم- وجود عدة مقابر جماعية تنتشر بأنحاء المنطقة.
وأشار موفد تايمز إلى أنه من السهل التعرف والعثور على هذه المقابر لأن السكان المحليين قاموا بتمييزها بحجارة مطلية باللون الأزرق الفاتح، على أمل أن ترصدها الأقمار الاصطناعية من الفضاء، وتشهد على الفظائع التي يتعرضون لها.
ويعلو بعضا من هذه المقابر كثير من الملابس والأحذية الملطخة بالدماء، كما ذكر سكان محليون للصحيفة أن إحداها تحوي جثث عشرات من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و22 عاما.
كما رصدت تايمز في المنطقة، وهي عبارة عن وادي صخري جاف، تناثر أحزمة ملتوية وقطع ممزقة من الحبال البالية قال شهود عيان إنها استخدمت لربط العديد من الضحايا قبل تصفيتهم.
وبحسب مصادر كنسية محلية، بلغ مجموع من قتلوا بهذه البلدة وحدها 160 شخصا، ينضافون للآلاف الذين تقول جماعات حقوقية إنهم قتلوا في تيغراي منذ اندلاع الحرب بين مقاتلي "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" والجيش الإثيوبي المدعوم بمليشيات إثنية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
قتل بدم بارد
كما نقلت الصحيفة شهادات سكان محليين تعرض ذووهم للقتل بدم بارد من قبل مليشيات الأمهرة (ثاني أكبر عرقية في إثيوبيا) وعناصر من القوات الإريترية.
وتقول ليتيسيا بدر مديرة مكتب القرن الأفريقي بمنظمة هيومن رايتس ووتش تعليقا على الفظائع التي يشهدها الإقليم "هذا الصراع دار إلى حد كبير خلف أبواب مغلقة. لكن هناك أدلة كثيرة من منظمات مثل منظمتنا وغيرها على ارتكاب فظائع، والآن بات من الصعب جدا أن تقابل سكانا مدنيين لم يلحقهم الأذى".
وفي بلدة أكسوم (Axum)، في أقصى شمال الإقليم، أخبر شهود عيان تايمز أن القوات الإريترية أطلقت النار في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي على مئات الرجال والفتيان فيما يبدو أنه رد على هجوم شنه مقاتلون من "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" وسكان البلدة.
أما غرب تيغراي بالقرب من الحدود السودانية، فقد اتُهمت مليشيات الأمهرة بطرد مزارعي التيغراي من أراضيهم، ووصف وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الوضع هناك بأنه "تطهير عرقي" وهو اتهام رفضته حكومة أديس أبابا بشكل قاطع.
وقد تسبب النزاع في الإقليم حتى يومنا هذا في نزوح حوالي 1.7 مليون من سكان تيغراي البالغ عددهم 6 ملايين نسمة بسبب المعارك والقتل، يعيش كثير منهم في فصول دراسية ضيقة وبلا تهوية داخل مدارس حُولت إلى مخيمات، ويروون قصصا عن الفرار من القتال وهم لا يملكون شيئا سوى ملابسهم التي كانوا يرتدونها وكيف أنهم قطعوا مئات الأميال مشيا حتى وصلوا بر الأمان.
من ناحية أخرى، ذكرت تايمز أن الاغتصاب والعنف الجنسي جانب قاتم آخر لهذه الحرب الخفية الدائرة في تيغراي، وروت قصص بعض من تعرضن لهذا المصير مثل "تيرهاس" التي كانت في أحد الأيام جالسة داخل بيتها في "عدوا" (Adwa) وهي بلدة وسط الإقليم، عندما اقتحمه جنود إريتريون واتهموها بإيواء مقاتلين متمردين.
اغتصاب متكرر
تقول تيرهاس إنهم أخذوها وابنتها البالغة من العمر عامين إلى مصنع مهجور على أطراف المدينة وحبسوهما 7 أيام في مخزن حيث اغتصبها ضابطان إريتريان.
وتضيف "كانا يتناوبان.. كان أحدهما يأتي في النهار والآخر يأتي في الليل".
كما ذكرت أنها تعرضت للاغتصاب في عدة مناسبات بينما ابنتها الصغيرة جالسة بجانبها، وكيف أن مغتصبيها أوصدوا الباب على ابنتها بالخارج أثناء وقوع هجمات فكانت تبكي خوفا وتقرع الباب حتى يسمح لها بالدخول.
ضحية أخرى لاقت نفس المصير هي "ماكدا" التي كانت تسافر في حافلة صغيرة عندما أوقفها جنود إريتريون بالقرب من بلدة "إيداغا حاموس" (Edaga Hamus)، على بعد حوالي 60 ميلاً شمال ميكيلي عاصمة الإقليم، ثم أنزلوها وعصبوا عينيها واقتادوها إلى مكان قريب، وعندما صرخت قاموا بتكميم فمها بحشوه بالتراب.
على مدى الأيام العشرة التالية -تروي ماكدا- تم تقييدها حيث قامت مجموعة من 20 جنديا إريتريا بالإساءة إليها واغتصابها لمدة ساعات كل مرة.
وأضافت "قالوا لي سنقتلك ولن تنجي أبدا.. سوف نلقي بك بعيدا ونجد واحدة جديدة نغتصبها". وفي النهاية تركها الجنود شبه ميتة في إحدى الحفر حيث عثر عليها سكان محليون ونقلوها للمستشفى.
المصدر : تايمز