في تقرير تحليلي له، قال موقع "ستراتفور" (Stratfor) الأميركي، إن إيران تستخدم وكلاءها في العراق وسوريا واليمن لزيادة الضغط على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تسعى فيه لبناء نفوذها قبل استئناف المفاوضات مع واشنطن؛ لذلك سترفض أي مطالب بالتخلي عن شبكة المليشيات التابعة لها؛ مما يزيد من خطر اندلاع المزيد من العنف في مناطق الصراع مثل العراق.
كما توقع في التقرير ألا تتخلى طهران عن شبكة المليشيات القوية التي تدعمها في المنطقة، وإن أسفرت المحادثات مع واشنطن عن تخفيف العقوبات.
وأوضح أن دعم إيران للوكلاء الإقليميين يُعتبر حجر الزاوية في إستراتيجيتها للأمن القومي، والتي توفر أيضا لطهران نفوذا ضد أميركا.
وظائف هجومية ودفاعية قيّمة
وأضاف أن تجهيز شبكة المليشيات وتدريبها ودعمها سياسيا يوفر وظائف هجومية ودفاعية قيّمة لإيران، وهي -إيران- قوة عسكرية تقليدية أضعف من نظيراتها، ويرجع ذلك جزئيا إلى العقوبات الغربية التي تمنع مشتريات الدفاع.
وتعمل علاقات إيران مع المليشيات المتحالفة معها، وفق الموقع، كنوع من الانتشار الأمامي في مسارح مثل سوريا والعراق، حيث تريد إيران الحفاظ على الوصول إلى الأراضي الرئيسة. كما عززت علاقات طهران مع هذه المليشيات منذ فترة طويلة نفوذها الإقليمي من خلال رعاية علاقاتها مع الجماعات الشيعية والسنية على حد سواء.
وبصرف النظر عن هذه الوظائف الأساسية، فإن دعم المليشيات المتحالفة يخلق نقطة ضغط أمنية في الأماكن التي تتداخل فيها المصالح الأميركية والإيرانية؛ مما يوفر لطهران طريقة لإظهار القوة الإقليمية التي تفتقر إليها واشنطن، فضلا عن أنها رافعة يمكن دفعها وسحبها ضد الولايات المتحدة.
أول عمل عسكري لبايدن
وكانت الغارات الجوية، التي شنتها واشنطن ضد المليشيات العراقية المدعومة من إيران في سوريا الشهر الماضي، أول عمل عسكري لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن منذ توليه منصبه، وهدفت إلى إرسال رسالة لإيران، بينما تقترب الحكومتان من المفاوضات المحتملة، حتى إن بايدن قال للصحفيين إن الضربات الجوية سعت لإبلاغ إيران بأنها لا تستطيع التصرف "مع الإفلات من العقاب".
لكن هذه الغارات عملت أيضا كرد مباشر على التهديد المتزايد الذي تشكله المليشيات العراقية على القوات الأميركية في الشرق الأوسط، مما يؤكد أن نشاط المسرح بالوكالة هو جانب من جوانب التوترات المتعددة بين أميركا وإيران، فضلا عن الأمن الإقليمي المهم، كما يشكل قضية في حد ذاته.
متظاهرون من أنصار "كتائب حزب الله" و الحشد الشعبي، يرفعون أعلام الكتائب على جدران السفارة الأميركية بالمنطقة الخضراء وسط بغداد (ناشطون)
ويستمر الموقع في تحليله، ليقول إن إيران تفتقر إلى السيطرة الكاملة على المليشيات المتحالفة معها؛ مما يعني أن العنف في المسارح بالوكالة سيستمر بغض النظر عما يحدث في مفاوضاتها مع أميركا. فكل المليشيات المدعومة من إيران لها مصالحها الخاصة وقواعدها المحلية والأيديولوجيات التي تحفز سلوكها.
وعلى سبيل المثال، يحمل المتمردون الحوثيون في اليمن مشاعرهم المعادية لأميركا والسعودية، التي لا علاقة لها بصلاتهم بإيران. وتعمل المليشيات المتحالفة مع طهران أيضا في مناطق نزاع إقليمية مختلفة؛ مما يجعل كل مسرح يمثل تهديدا أمنيا في حد ذاته.
اعلان
يمنحها سببا للإنكار
ويمنح هذا الواقع إيران قدرا معقولا من الإنكار لإبعاد نفسها عن هجمات المليشيات ضد مصالح أميركا أو شركائها، الأمر الذي يخفف من الخطر المباشر لهذه الهجمات التي تؤدي إلى تصعيد أميركي ضد إيران مباشرة.
وفي الوقت الذي تضغط فيه إيران على أميركا لعرض تخفيف العقوبات، فمن المرجح أن تدعم أقرب وكلائها الإقليميين للحفاظ على موقف عدواني ضد واشنطن. ومع ذلك، فإن هذا سيخاطر بتعميق الضغط الأميركي لمعالجة السلوك الإقليمي لإيران بالإضافة إلى برنامجها النووي.
وقال الموقع إن إيران تريد إبقاء مفاوضات تخفيف العقوبات مركزة على برنامجها النووي وليس على سلوك إيران الإقليمي، بما في ذلك نشاط المليشيات بالوكالة. ويمكن لطهران توجيه وتسريع بعض أعمال العنف بالوكالة ضد أهداف أميركية؛ لتذكير أميركا بالنفوذ الذي تتمتع به في المفاوضات، فضلا عن مقدار النفوذ الإقليمي الذي تتمتع به.
محفوفة بالمخاطر
لكن هذه إستراتيجية محفوفة بالمخاطر بالنسبة لإيران؛ لأن النشاط العنيف ضد الولايات المتحدة أو شركائها في المنطقة قد يدفع واشنطن للمطالبة بتنازلات إيرانية بشأن سلوكها الإقليمي، وليس النشاط النووي فقط. ومع ذلك، سترفض إيران أي مطالب أميركية بالتخلي عن إستراتيجيتها الإقليمية بالوكالة، والتي تخدم وظائف متعددة تتجاوز مجرد منح طهران سلطة تفاوضية في مواجهة أميركا.
ويُعد دعم إيران للمليشيات في مسارح مثل أفغانستان واليمن أمرا ذا قيمة لطهران، ولكنه هامشي مقارنة بأماكن مثل سوريا، إذ يُعتبر هذا الدعم للحوثيين من أقل العلاقات الإقليمية أهمية بالنسبة لإيران، وبالتالي يمكن أن يكون عاملا في المفاوضات المستقبلية بين واشنطن وطهران؛ لكن الحوثيين سيواصلون معركتهم ضد الحكومة اليمنية وأميركا وإسرائيل والسعودية بغض النظر عن مستوى الدعم الإيراني الذي يحتفظون به.
المصدر : ستراتفور