مسابقة الإمتياز تقتل التميز قبل أن تختاره / ‏القصطلاني سيدي مح

تعتبر مدارس الإمتياز تجربة مميزة، و فكرة من خارج الصندوق جاءت لتدفع بالتعليم إلى النوعية و لو بشكل محدود.
و لا شك أن إنشاء مدارس للإمتياز يكلف ميزانية معتبرة من خلال رفع رواتب أساتذتها و إستخدام وسائط غير تقليدية لصناعة التميز، و بناء بنى تحتية مادية و معنوية لها دورها و رمزيتها في إخراج الفرد المتعلم بتميز و نألق، الأمر الذي يلقي بظلاله على المنظومة التعليمية ككل، و يدفع بتنمية البلد إلى الأمام.

لكن السؤال المطروح هو:
لماذا نجري مسابقة لدخول مدارس الأمتياز، و نتكلف عناء إجراء إمتحان جديد يكلفنا جهدا مضافا و يبدد أموالا من ميزانية التعليم في أمر يعتبر تكرار مخلا؟

أليس لدينا مئات المتميزين في "كنكور"و في "بريفه" يكفون لإختيار مرشحين للإمتياز من بينهم، و إن كان لابد من إجراء جديد، فيكفي حساب معدل توجيهي للمواد الأساسية كما هو الحال في المعدل التوجيهي للمنح، من خلاله نعيد ترتيب المتميزين بشكل يضيف بُعدا مقنعا و غير مكلف.

إن إجراء مسابقة خاصة للإمتياز يجعلها محطة أنظار الطامعين في الإستفادة من نفوذهم و تميزهم الوظيفي و الإجتماعي قد يتدخلوا لإنجاح  من يهتمون بهم من أبنائهم و أقربائهم، كما هو الحال السائد في المسابقات الوظيفية، بعد أن كان الضغط اقل في "كنكور" 

و انطلاقا من الخلفية التربوية، و بصفتي   مستشارا اسريا تربويا، و إنطلاقا مما تفرزه نتائج مسابقة الإمتياز. و كمثال حي في هذا العام بالضبط(سنة 2024)، أرى أن إعادة الترتيب المخلة جدا، و المعدلات الإقصائية التي تمنح لتلاميذ كلهم نجحوا سابقا بنسبة معتبرة أمرا لا يتناسب مع الهدف المنشود و لا يتناغم مع مستويات التي افرزتها مسابقة كنكور، فهل هو تشديد في التصحيح ام ماذا؟

فكيف نتصور أن حوالي 33% من المترشحين   للتميز2024 ، آل بهم المطاف أن يحصدوا معدلات التوبيخ(ما بين 0و 5)، بل كيف نجد تلميذا يحتل مواقع الصدارة في "كنكور" على المستوى الوطني، و آخر على المستوى الجهوي، نجدهم و بعد أن فرحوا بتميزهم و نالوا تكريمات من مدارسهم و أهلهم و مناطقهم، نجدهم يظهرون لنا في مسابقة الأمتياز و أمامهم ملاحظة "راسب" 
كيف نتصور ردة فعل ذلك التلميذ الذي يلج سن المراهقة المبكرة و هو ينظر إلى كلمة "راسب" بعد أن تميز تميزا كبيرا في نفس المواد و تقريبا في نفس الإمتحان بل قد يكون الإمتحان الذي تميز فيه أصعب.
ماذا عن أهله و مدرسته محيطه؟

و لدي أمثلة إحصائية حية كمقارنة في هذا العام و هي كالتالي:

مسابقة "كنكور" 2024
محمد الأمين البان حمزة188,00    الترتيب وطنيا 11
محمد سيدي عبد القادر184,50     الترتيب وطنيا 18
أسماء محمد المكي    182,50    الترتيب وطنيا 23
خديجة يحي سيد يحي 177,00 الترتيب وطنيا 34
منزه بلال  بركه    174,50    الترتيب وطنيا 39

نفس الأشخاص في مسابقة الامتياز 2024
خديجة يحي سيد يحي    11,4    راسب
محمد الأمين البان حمزة    10,875    راسب
محمد سيدي عبد القادر    10,9    راسب
منزه بلال  بركه    10,3    راسب
أسماء محمد المكي    10,75    راسب

إن مسابقة الإمتياز بهذا المعنى تقتل التميز قبل أن تختاره، و لا أقصد هنا مدارس الإمتياز و إنما إقصد الأمر الإجرائي المتعلق بالمسابقة.

إن على المنظومة التربوية أن تنظر في هذا الموضوع المهم و الملح و الذي يشكل تحديا تربويا لجيل من الصغار هم مناط و مقصد المنظومة التربوية.

إن النظر إلى الهدف و التركيز عليه بإستخدام الآليات الأقرب و الانجع هو الطريقة الأجدر أن تتبع، و من يريد أن يصنع التميز عليه أن يستخدم إجراءات متميزة لا تهدر الوقت، و تعيد صياغة المصاغ بطريقة أقل أمان و أكثر تكاليف، و لها سلبيات تتعارض مع المقاصد.

 

 

j