undefined

الدكتور الصوفي ولد الشيباني: دعوة الرئيس للحوار فرصة تاريخية يجب عدم تضييعها

قال النائب السابق الدكتور الصوفي ولد الشيباني إن الإرادة السياسية القوية التي عبر عنها رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني تجاه إلتزامه بإجراء حوار يستجيب لمطالب مختلف الفرقاء، والخطوات التي أتخذ في هذا المجال تمثل فرصة تاريخية يتعين على الجميع العمل بمسؤولية على عدم تضييعها.

وأضاف ولد الشيباني أنه من الضروري الانخراط في الحوار من أجل التوصل لمعالجات إجماعية وفعالة ونهائية لإشكالات كبرى ما تزال تمثل تهديداً لاستقرار البلاد ومستقبلها.

جاء ذلك ي تدوينة على فيسبوك هذا نصها:
 

"كيف ينجح الحوار المرتقب في ما أخفقت في  حوارات السابقة

رغم أن البلاد شهدت خلال العقود الأخيرة تنظيم العديد من الحوارات في فتراتوسياقات سياسية ووطنية مختلفة وتحت عناوين وآجندات مختلفة، إلا أن تلكالحوارات كادت تتقاطع في الأمور التالية:

ـ كونها حوارات كانت محكومة بآجندات مسبقة وبسقوف وتوجيهات محددة من طرفالسلطة الحاكمة في ما يتعلق بالنتائج التي يمكن التوصل لها.

ـ كون معظمها لم يشمل كل المواضيع التي تشغل بال جميع الفاعلين في الساحةالوطنية، كما أنها لم تتمكن من إشراك كل أولئك الفاعلين مما قاد إلى معالجة جزئيةلمواضيع أساسية ترتبط بالوحدة الوطنية والانسجام المجتمعي والمظالم التاريخيةوضمانات الإصلاح الحقيقي في مجال الديمقراطية وتنظيم الحياة السياسية.

ـ هيمنة منطق الصفقة بين النظام وأطراف المعارضة المشاركة في الحوارات علىمنطق الحوار الشامل الذي يعالج القضايا من منظور يتجاوز مصالح المشاركين.

ـ غياب عنصر الإجماع الوطني حول النظر لنتائجها مما جعلها عرضة في كل مرةللتشكيك من طرف البعض، بل وحتى عدم الاعتراف بها أصلا من قبل آخرين، مما نجمعنه بقاء ملفات أساسية اتخذت إجراءات ملموسة لتسويتها كماضي الإرث الإنسانيوخاصة أثناء الأيام التشاورية التي نظمت في فترة الرئيس الأسبق المرحوم سيديمحمد ولد الشيخ عبد الله سنة 2007 مطروحة دائما، بل وأحيانا بحدة أكبر لأن بعضالمعنيين بها يعتبر أنه إما غيب عن المشاركة في صياغة الحلول أو أن هذه الأخيرةجاءت للحوار معلبة لخدمة أهداف معينة.

ـ المعالجة الناقصة لبعض القضايا الكبرى كالرق ومخلفاته، فرغم أن بعض تلكالحوارات قد توصلت إلى تجريم ممارساته ووضع آليات قضائية لذلك، وهي أمور لاشك بالغة الأهمية، إلا أنها لم تعالج جوانب أساسية مرتبطة به كاستمرار مظاهرهومخلفاته وسوء توزيع الثروة وعدم تكافؤ الفرص الناجمين عن الظروف التي ساد فيها.

ـ ضعف آليات متابعة وتنفيذ المخرجات وهيمنة رؤية الحكومة وداعميها في مجالتجسيد تلك المخرجات.

إن التوقف عند هذه الخلاصات واستخلاص الدروس منها هو أمر جوهري لفهممتطلبات نجاح أي حوار ينظم في المستقبل القريب. فأي حوار لا يتجاوز الإخفاقاتوالنواقص المشار إليها ليس بالتأكيد هو الحوار المطلوب في هذه المرحلة، لأنه بدلأن يسهم في التوصل إلى حلول للمشكلات المطروحة قد يفاقم تلك المشكلات وقديدفع نحو المزيد من التأزم والإحتقان وتراكم الشعور بخيبة الأمل، بل وقد يدفع البعضإلى البحث عن حلول بأساليب أخرى خاصة في ظل تنامي تحديات الخطاباتوالاصطفافات الشرائيحية والإثنية التي باتت سيمة بارزة في كل استحقاق انتخابي ماأضحى يهدد مستقبل الديمقراطية بل والانسجام الوطني.

إن رهانات المرحلة الحالية تتطلب رؤية وإرادة مستندتين إلى عزيمة قوية على عدمتكرار أخطاء الماضي، كما تتطلب شجاعة على الإجابة على سؤال كبير يتعلق بأسبابفشل الحوارات السابقة في إيجاد معالجات جذرية وفعالة ومحل قبول من الجميعللقضايا الوطنية الكبرى، وبتعبير أكثر دقة لماذا، رغم كل المحاولات التي بذلت فيالماضي، ماتزال مشاكل جوهرية تهدد مستقبل البلاد حاضرة أكثر من أي وقت مضىكمظاهر الرق ومخلفاته وماضي الإرث الإنساني وتفاقم الفقر والإقصاء والتهميشوالشعور بالغبن وغياب العدالة وعدم تكافؤ الفرص واستمرار الفساد وسوء التسييروعدم شفافية  ونزاهة وحرية العملية الانتخابية على لأقل بالنسبة للفاعلين الرئيسينفي المعارضة؟

وفي هذا الظرف الذي يجري فيه التحضير لإطلاق حوار وطني، فإنه من الضروري تقييممدى ملاءمة الظروف الراهنة لذلك، وإلى أي مدى تساعد الأجواء الحالية في النظربتفاؤل نحو قيام حوار مختلف من حيث جوانب التحضير والمضمون والنتائجوالضمانات عن الحوارات السابقة.

ومن المعلوم بديهة أن الأجواء الممهدة لأي حوار تؤشر على فرص نجاحه وبلوغالأهداف التي يصبو إليها. وفي هذا السياق فإن الحوار المرتقب قد تميز لحد الآنبالإرادة السياسية المعلنة من طرف رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخالغزواني التي عبر من خلالها عن إلتزامه ثم دعوته إلى تنظيم حوار وطني جامع لايستثني موضوعا ولا يقصي أحدا، ثم أشفع ذلك بلقائه بالطيف السياسي حيث عبر عنهذه الإرادة ودعا الجميع للمشاركة فيه. كما عقد لقاءات فردية مع معظم الفاعلينالرئيسيين المعنيين به، وأعلن عن تسمية منسق للحوار لديه تجربة في الميدانويحظى باحترام لدى الأوساط السياسية وجعله مرتبطا به مباشرة. يضاف إلى ذلكإعلان الوزير الأول أمام الجمعية الوطنية عن إلتزام الحكومة بتنظيم حوار بنفسالمواصفات المذكورة ما جعله يتحول إلى جزء من السياسة العامة الحكومة يمكن أنتساءل عليه من طرف البرلمان.

إن ما تبعث به هذه الخطوات من رسائل مفادها أن رئيس الجمهورية شخصيا هو منيرعى الحوار وهو مرجعيته هي أمور تعبر عن الجدية وتخلق الأجواء المساعدة علىإقناع الفرقاء بالمشاركة فيه مما يزيد بالتالي  فرص نجاحه.

لكن هذه الإرادة السياسية المعبر عنها من أعلى قمة الهرم السياسي في البلادوالإجراءات التي رافقتها، والتي كانت كلها أمور لا غنى عنها، وتقتضيها مسؤولية السلطةالحاكمة تجاه الحوار، ليست كافية وحدها ليحقق هذا الحوار المرتقب ما فشلت فيهالحوارات السابقة، بل إن الأمر يتطلب بالإضافة إلى ذلك إعلانا مشتركا مسبقا منالأطراف المشاركة يكون بمثابة وثيقة مرجعية للحوار يؤكد على ما يلي:

الاتفاق على تشكيل لجنة تحضيرية تضم ممثلين عن الأغلبية والمعارضة والأحزابالمنتمية لكل منهما سواء كانت ممثلة في البرلمان أو غير ممثلة فيه، وذلك بشكلمتناسب ومرضي. كما ينبغي أن تضم ممثلين عن منظمات المجتمع المدني وبعضالشخصيات المستقلة ذات المصداقية التي تحظى بثقة جميع الأطراف.

تتولى هذه اللجنة إعداد لائحة المدعوين للمشاركة في الحوار وتحديد مواضيعهوجدول برنامجه الزمني ونظام إدارة جلساته والإشراف عليه بشكل عام حتى صياغةمخرجاته.

إعلان الالتزام بأن هذا الحوار ليس حوار آجندات مسبقة وليس لدى أي من الجهاتالمنخرطة فيه أهدافا خاصة بها محددة سلفا تسعى إلى تمريرها من خلاله، وأن نتائجهإنما هي فقط خلاصة نقاشات وتوافقات تلك الأطراف. كما ينبغي أن يتضمن هذاالإعلان تعبير المشاركين عن وعيهم المشترك بضرورة تغليب روح التسوية التاريخيةالقائمة على العدالة والإنصاف والتفاهم والتسامح على عقلية الغالب والمغلوب، وهيالمسألة التي نجحت من خلال التحلي بها الدول التي تغلبت على خلافاتها ومآسيها.

الوعي بأن هدف الحوار هو التوصل لحلول جذرية وإجماعية ودائمة للقضايا محلالتحاور، وليس هو مجرد إخفاء مظاهر الخلاف مؤقتا أو تأجيل أسباب التأزم لفترةمعينة أو إرضاء بعض الجهات والأشخاص أو تحقيق مكاسب سياسية أوإنتخابية آنية.

فالحوار المطلوب الآن، وأخذا في الاعتبار لكل تجارب الحوارات السابقة، هو حواريتجاوز الأسباب التي جعلت بعض المظالم تظل قائمة وبقوة رغم أنها شملتها حواراتسابقة وتم التوصل بخصوصها لحلول كانت محل إجماع حينها من المشاركين في تلكالحوارات بما في ذلك الهيئات المتحدثة باسم الضحايا كمشكل الإرث الإنساني علىسبيل المثال كما ذكر آنفا، فأين كمن الخلل إذن رغم كل ذلك، هل هو في منهجيةمعالجة المشكل أم في عدم شمولية الحل لجوانبه المختلفة؟ أم  في ضعف مستوىتمثيل المعنيين؟ أم في عدم التطبيق الجيد لمضمون الحل؟ أم أنه كان في كل ذلكمعا؟

التعهد بإيجاد آلية توافقية تنبثق عن الحوار تكون مخولة بوضع الخطوات والإجراءاتالتي تضمن ترجمة مخرجاته إلى نتائج ملموسة على الأصعدة المختلفة وبمتابعة تنفيذذلك.

إن الإرادة السياسية القوية التي عبر عنها فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخالغزواني تجاه إلتزامه بإجراء حوار يستجيب لمطالب مختلف الفرقاء، والخطوات التيأتخذ في هذا المجال تمثل فرصة تاريخية يتعين على الجميع العمل بمسئولية علىعدم تضييعها من أجل التوصل لمعالجات إجماعية وفعالة ونهائية لإشكالات كبرى ماتزال تمثل تهديدا لاستقرار البلاد ومستقبلها".

 

j